تجدد الاشتباكات بين طرفي الصراع في الخرطوم ودارفور … الرياض وواشنطن تدعوان الجيش السوداني و«الدعم السريع» لاستئناف مفاوضات جدة
| وكالات
بينما دعت السعودية والولايات المتحدة طرفي الصراع في السودان للعودة إلى المفاوضات، تجددت الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في مناطق متفرقة، على حين نفى الأول سيطرة الثانية على مدينة كتم بولاية شمال دارفور.
وجاء في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية «واس» أمس: «ما زال وفدا القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع موجودين في مدينة جدة، رغم تعليق المحادثات وانتهاء وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام في الثالث من الشهر الجاري».
وحسب البيان، فان «المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية حريصتان على استمرار المحادثات مع وفدي التفاوض، حيث تركزت المحادثات على سبل تسهيل المساعدات الإنسانية والتوصل إلى اتفاق بشأن خطوات على المدى القريب ينبغي على الطرفين اتخاذها قبل استئناف محادثات جدة».
ووفق البيان، فإن «الميسّرين على استعداد لاستئناف المحادثات الرسمية، ويُذكر الطرفان أنه يجب عليهما تنفيذ التزاماتهما بموجب إعلان جدة في 11 أيار للالتزام بحماية المدنيين في السودان».
وجاء في البيان أيضاً: «نود التأكيد على أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية متمسكتان بالتزامهما تجاه شعب السودان، كما تدعوان الطرفين إلى اتفاق على وقف إطلاق نار جديد، وتنفيذه بشكلٍ فعال بهدف بناء وقف دائم للعمليات العسكرية».
وفي مقابل الوساطة السعودية الأميركية ومباحثات جدة، تعمل أطراف أخرى على محاولة إيجاد حلّ للأزمة، مثل الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا «إيغاد» المؤلفة من ثماني دول بينها كينيا التي استضافت السبت مستشار قائد قوات الدعم يوسف عزت.
في العاصمة السودانية، استيقظ سكان الخرطوم على أصوات سقوط قنابل وتبادل نيران أسلحة ثقيلة، فيما ذكرت وسائل إعلام محلية أن إقليم دارفور المتاخم لتشاد هو أيضا مسرح قتال عنيف بين الفصائل المتحاربة.
وحسب قناة «سكاي نيوز» أفادت مصادر سودانية باندلاع اشتباكات عنيفة في أحياء جنوب الخرطوم بين طرفي الصراع، وقال شهود إن منطقة المهندسين وبعض أحياء أم درمان القديمة علاوة على أحياء في جنوب الخرطوم شهدت قتالا عنيفا، مساء السبت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع استخدمت فيه المدفعية إلى جانب الأسلحة الخفيفة.
وأكد صحفيون أن مدينة «كتم» في شمال دارفور شهدت أيضا مواجهات أسفرت عن مقتل مدنيين.
في الغضون، نفى الجيش السوداني، مزاعم قوات «الدعم السريع»، بشأن تمكنها من السيطرة على مدينة كتم.
وأكدت القوات المسلحة السودانية، في بيان رسمي، أنه «لا صحة» لما تردد عن سقوط مدينة كتم بولاية شمال دارفور في أيدي «الدعم السريع».
بدورها أعلنت قوات الدعم السريع أنها أسقطت أمس طائرة تابعة للجيش من طراز «ميغ»، في استمرار لأعمال القتال التي يشهدها السودان منذ أسابيع.
وحسب بيان لقوات الدعم السريع فإن طيران الجيش شن غارات على مواقع تابعة له في منطقة بحري التابعة للعاصمة، مشيرا إلى أنه أسقط طائرة «ميغ» للجيش السوداني، ولم يعلق الجيش على بيان «الدعم السريع»، كما لم يتسن حسب «سكاي نيوز» التأكد من صحة البيان من مصادر مستقلة.
وخلال اليومين الماضيين، زادت حدة المعارك، بعدما لاقت هدنة مؤقتة أبرمت بوساطة سعودية أميركية بين الجيش وقوات الدعم السريع، مصير سابقاتها بانهيارها بشكل كامل.
ومنذ اندلاع النزاع في 15 نيسان الماضي، لم يف الجانبان بتعهدات متكررة بهدنة ميدانية تتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال، أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية.
وقتل أكثر من 1800 شخص منذ اندلاع المعارك، وفق مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها، إلا أن مسعفين ووكالات إغاثة ومنظمات دولية يعتقدون أن الأرقام الفعلية للضحايا أعلى بكثير.
من جهة ثانية، قالت المنظمة العربية للتنمية الزراعية ومقرها الخرطوم إن الحرب تسببت بتشوهات كبيرة في البنية الإنتاجية لقطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني خصوصاً في مناطق احتدام الصراع في السودان.
ويفترش مئات العمال المياومين مع أدواتهم الأرض في منطقة في ولاية القضارف في جنوب شرق السودان، في انتظار مزارعين يستعينون بهم، لكن هؤلاء يغيبون هذا العام على غير عادة مع بدء موسم المحاصيل الصيفية، بعدما أثّر النزاع على القطاع.
وحسب المنظمة العربية للتنمية الزراعية، تسبّبت الحرب بـ«تشوهات كبيرة في البنية الإنتاجية لقطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني خصوصاً في مناطق احتدام الصراع في ولاية الخرطوم، غير أن القطاع الإنتاجي في كل أنحاء البلاد أصابه الشلل».
وأشارت المنظمة، إلى أن «انقطاع سلاسل الإمداد أدى إلى تحطيم كامل لمنظومات إنتاج الدواجن التي تتركز حول الخرطوم وكذلك إنتاج الخضر والفاكهة».
وباتت ظروف الحياة صعبة في العاصمة السودانية حيث قطعت المياه عن أحياء بأكملها ولا تتوافر الكهرباء سوى لبضع ساعات في الأسبوع، فيما توقفت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال عن العمل ويعاني السكان لتوفير المواد الغذائية.
والوضع مروع بشكل خاص في إقليم غرب دارفور الذي يقطنه نحو ربع سكان السودان ولم يتعافَ من حرب مدمرة استمرت عقدين وخلفت مئات الآلاف من القتلى وأكثر من مليوني نازح.