شؤون محلية

رؤية وطنية بمنظور استراتيجي وبتجرد

| نبيل الملاح

أعتقد أن الجميع باتوا يدركون استحالة تحمل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي وصلنا إليها بمستوى غير مسبوق، وأنه لابد من إيجاد حل للأزمة السورية بعيداً عن التنظير والنفاق.

أقول هذا وأنا مدرك أن العالم كله مأزوم، وأن النظام العالمي قد سقط سقوطاً مدوياً بعد أن فشل في معالجة الأزمات الكبرى التي انتشرت في الكثير من دول العالم وعلى الأخص في منطقة الشرق الأوسط، وأن معظم هذه الأزمات إن لم نقل كلها قد بدأت بتدبير وتخطيط من قوى الظلام التي تحكم العالم، لكنها للأسف نفذت بأدوات داخلية استغلت احتقان الشعوب ومعاناتها وحقها في النضال السلمي لتحقيق مطالبها.

ولاشك أن العولمة التي فرضت على العالم في العشر الأخير من القرن الماضي قد أخلت باقتصادات الدول الفقيرة والنامية، وقضت على الطبقة الوسطى في المجتمع التي كانت تشكل الرافعة الأساسية للحياة السياسية، وزاد الفقر والجوع، وتراجعت وظيفة الدولة في تأمين متطلبات الحد الأدنى للمعيشة وتأمين الرعاية الاجتماعية والصحية وتراجع التعليم بشكل ملحوظ بسبب ضعف الإنفاق على منظومة التربية والتعليم والصحة.

وللأسف كانت سورية من أكثر الدول التي تعرضت لهذا المخاض بسبب مواقفها القومية وعدم وجود رؤية وطنية إستراتيجية لدى القائمين على إدارة الاقتصاد الوطني الذين قاموا بفرض سياسات اقتصادية لا تناسب بلدنا أدت إلى ظهور طبقة من رجال الأعمال والرأسماليين (الجدد) حصدت جزءاً كبيراً من الدخل القومي على حساب ذوي الدخل المحدود وصغار التجار وخزينة الدولة.

علينا أن ندرك أن الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي تعيشها سورية، يتطلب العمل بكل الوسائل للحصول على الدعم العربي والدولي لتأمين الموارد اللازمة لإعادة الإعمار بكل ما يشمله من بنى تحتية وأبنية سكنية ومعامل ومصانع وغيرها، وهذا لن يتم إلا بحل سياسي يمكن الوصول إليه بما يحفظ استقلال سورية ووحدة أراضيها.

من هذا المنطلق علينا التجاوب مع المبادرات المختلفة بغض النظر عن نيات القائمين عليها ودوافعهم، فمصلحة سورية يجب أن تكون هي المعيار الأساسي في التعامل مع هذه المبادرات.

إن العمل لإعادة وحدة الصف العربي أمر حيوي واستراتيجي بل وجودي لكل الدول العربية، ودون ذلك لن يكون لها مكانات في عالم جديد سيتشكل بعد حرب قادمة لا محالة – كما علمنا التاريخ- فالمواجهة بين الشرق والغرب بدأت ولا أعتقد أنها ستنتهي بتفاهمات وحلول سلمية.

وفي هذا السياق لابد من إيجاد صيغة للتعاون مع تركيا وإقامة علاقات طبيعية معها والتعاون لإيجاد الحلول التي تضمن المصالح العليا للبلدين وعلى العرب أن يدركوا أن مصلحتهم تقتضي إقامة علاقات أخوة وتعاون مع تركيا وإيران ا لدولتين الكبيرتين في منطقة الشرق الأوسط.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن