نتائج «الرباعية» إيجابية حتى الآن وينتظرنا الكثير من العمل الشاق … السفير الروسي في سورية في حوار مع «الوطن»: زيارة الرئيس الأسد لموسكو علامة بارزة في تاريخ بلدينا وستظهر نتائجها قريباً … أصبح من الواضح للكثيرين أنه من دون علاقات جيدة مع سورية من المستحيل تحقيق استقرار حقيقي في الشرق الأوسط
| حاوره - سيلفا رزوق
اعتبر مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية سفير روسيا الاتحادية في دمشق ألكسندر يفيموف أن زيارة الرئيس بشار الأسد التي جرت مؤخراً إلى روسيا ولقاءه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شكلت علامة بارزة في تاريخ العلاقات الحديثة بين البلدين والمستمرة لما يقرب من الثمانين عاماً، مشيراً إلى أنه وبفضل اجتماع الرئيسين، حصل تعاون البلدين على دفعة قوية إضافية، واكتسب صفة جديدة، ستظهر نتائجه قريباً في العديد من الجوانب.
وأكد يفيموف في حوار مطول خَصَّ به جريدة «الوطن»، أن العلاقات الاقتصادية السورية الروسية تتطور بشكل مُطّرِدْ، مبيناً أنه خلال الاجتماع القادم المرتقب للجنة الحكومية بين البلدين للتعاون التجاري – الاقتصادي والعلمي – الفني، يجب التوقيع على اتفاقية بخصوص توسيع التعاون الاقتصادي، ومن المخطط تحديد العشرات من المشاريع، بما في ذلك المشاريع ذات الطابع الاستثماري والتي سيتم تنفيذها من قِبَلْ شركات روسية في سورية، وأضاف: «أنا على ثقة من أن هذه الخطوة ستصبح حافزاً لزيادة تعزيز روابطنا في العديد من المجالات».
وبين يفيموف أن هناك عدداً كبيراً جداً من المجالات التي تقدم فيها روسيا المساعدة في مجال إعادة إعمار سورية، وليس فقط في مجال البنية التحتية، وإنما في مجال الإمكانات البشرية والثقافية للبلاد، مشدداً على أن روسيا تحاول الاستجابة بسرعة للاحتياجات المُلحّة للشعب السوري، مشيراً إلى أنه فيما يخص موضوع تقديم قرض روسي جديد إلى سورية فإن الأمر بالفعل مطروح على جدول الأعمال وتَمَّتْ مناقشته خلال الاجتماع الأخير لقادة البلدين، معبراً عن أمله بأن يتم حَل هذه المسألة التي تُعد مُهمة للغاية وتتطلب دراسة متأنية مع مُراعاة عدد من الظروف المُرافقة لها، بشكل إيجابي.
السفير يفيموف أشار إلى اجتماعات اللجنة الرباعية، معتبراً أن النتائج التي تحققت حتى الآن إيجابية، فالطريق، بغض النظر عن طوله، يبدأ دائماً بالخطوة الأولى، وغالباً ما تكون هذه الخطوة هي الأكثر صعوبة والأكثر أهمية، مشيراً إلى أن انتقال سورية وتركيا إلى اتصالات عامة مباشرة بعد أكثر من عشر سنوات من تجميد العلاقات الثنائية بينهما يُعدُّ بحد ذاته نجاحاً كبيراً.
ولفت يفيموف إلى «خريطة الطريق» الخاصة بتطوير العلاقات السورية- التركية كاشفاً أنه يجري حالياً وضع مسودتها، ومن المقرر أن تجري المناقشة الأولى لنص هذه الوثيقة في الوقت القريب وقال: «من الصعب في غضون أسابيع أو أشهر قليلة استعادة ما تمّ تدميره لمدة اثني عشر عاماً، إذ ينتظرنا الكثير من العمل الشاق في هذا الاتجاه ويجب الاعتراف بصراحة أن مواقف الطرفين لا تزال بعيدة عن بعضها بعضاً».
وبخصوص مسار تطبيع العلاقات السورية – العربية، اعتبر السفير يفيموف أنه في هذه المرحلة يمكن اعتباره أكثر من مُرْضٍ، وأضاف: «على مدى سنوات عديدة وباستمرار حرصنا على إقناع العواصم العربية على إعادة العلاقات الكاملة مع دمشق، ويُسعدنا أن عَمَلنا لم يذهب سُدى، وقررت معظم دول المنطقة العودة إلى الاتصالات البناءة مع الجمهورية العربية السورية، وأعتقد أنه بالإضافة إلى الجهود الدبلوماسية التي بذلتها موسكو، فإن مسألة أخرى لعبت دوراً كبيراً وهي تغيير مواقف اللاعبين الإقليميين وإدراكهم لحقيقة أن سورية وكما ورَدَ في كلمة الرئيس بشار الأسد في قمة جامعة الدول العربية، هي من جميع النواحي إحدى الدول الرئيسية في العالم العربي فهي حرفياً قَلبُه، وأصبح من الواضح أخيراً للكثيرين أنه من دون علاقات جيدة مع الجمهورية العربية السورية من المستحيل تحقيق استقرار حقيقي في الشرق الأوسط».
سفير روسيا في سورية لفت إلى عملية بلاده العسكرية الخاصة في أوكرانيا مبيناً أن لهذه العملية أهداف محددة للغاية، وهي حماية حقوق السكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا والقضاء على النازية ونزع السلاح من هذه الدولة التي حُكِمَتْ منذ عام 2014 من قِبَلِ نظام نازي جديد غير شرعي في جوهره، مشيراً إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها روسيا تهديداً وجودياً على حدودها الغربية، لكنها خرجت مُنتصرة من جميع الاشتباكات المماثلة السابقة، وليس هناك أدنى شك في أنه سيكون هو نفسه بالضبط هذه المرة.
وقال: «يُمكن أن يكون لعمليتنا العسكرية الخاصة نهاية واحدة وهي تحقيق جميع أهدافها من دون استثناء».
وفيما يلي النص الكامل للحوار الخاص مع السفير ألكسندر يفيموف:
• في شهر آذار من هذا العام قام السيد بشار الأسد رئيس سورية وبدعوة من السيد فلاديمير بوتين رئيس روسيا بزيارة رسمية إلى موسكو لأول مرة منذ بداية الأزمة في الجمهورية العربية السورية. والعديد من المُعلقين أبدوا رأيهم في هذا السياق أن هذه الزيارة ستفتح مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين على جميع المستويات، ما هي برأيكم الملامح الرئيسية لهذه المرحلة الجديدة؟
بما أنها الزيارة الرسمية الأولى للرئيس بشار الأسد إلى موسكو منذ سنوات عديدة فهي أصبحت بلا شك علامة بارزة في تاريخ العلاقات الحديثة بين بلدينا في سياق المفاوضات المطوّلة والمُثمرة للغاية، إذ ناقش قادة الدولتين بشكل جوهري تقريباً كل قضايا التعاون الثنائي بين البلدين وحددوا المجالات ذات الأولوية.
كما جرت على هامش القمة مشاورات موضوعية بين ممثلي الهيئات المالية والاقتصادية لحكومتي روسيا وسورية.
فكما تعلمون، فإن هذه الزيارة مع مثل هذا البرنامج الثري لا يمكن أن تكون قد نشأت من تلقاء نفسها، فهي استمرار منطقي للعمل المنهجي العظيم الذي تم تنفيذه في السنوات المنصرمة عبر الطريق الحكومي، لذلك، لن أتحدث عن نوع من «المرحلة الجديدة» في العلاقات الروسية – السورية، التي استمرت لما يقرب من 80 عاماً – بالمناسبة، سنحتفل في العام القادم بمرور ثمانين عاماً. فطوال هذه الفترة بأكملها، ظلت المهمات والاتجاهات الرئيسية لتفاعلنا من دون تغيير وكانت تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية في جميع المجالات.
وهناك شيء آخر هو أنه بفضل اجتماع الرئيسين في شهر آذار، حصل تعاوننا على دفعة قوية إضافية، واكتسب صفة جديدة، وأنا على يقين من أنها ستظهر قريباً في العديد من الجوانب.
• لعبت موسكو دوراً كبيراً في التقارب بين دمشق وأنقرة إذ شكّلت ما يسمى بـ«الرباعية» والتي تضم روسيا وسورية وتركيا وإيران. ومؤخراً عُقد اجتماع لوزراء خارجية هذه الدول تمّ خلاله الاتفاق على وضع «خريطة طريق» لتطوير العلاقات بين سورية وتركيا، كيف تقيّمون نتائج هذه العملية حتى الآن؟ وهل تمّ بالفعل اتخاذ أي خطوات – سياسية كانت أم عملية – نحو تنفيذ خريطة الطريق المذكورة؟
في الأشهر الستة المُنصرمة في موسكو، تمّ تنظيم سلسلة من الاتصالات السورية – التركية من خلال ضباط الجيش وأجهزة الاستخبارات، وعلى مستوى قيادة وزارات الخارجية. ومن المهم أن نلاحظ أنه بعد انضمام الشركاء الإيرانيين، أصبحت جميع الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانا مُشاركة في هذه العملية مما أكد أيضاً نجاحه.
فنحن نعتبر النتائج التي تحققت حتى الآن إيجابية، فالطريق، بغض النظر عن طوله، يبدأ دائماً بالخطوة الأولى، وغالباً ما تكون هذه الخطوة هي الأكثر صعوبة والأكثر أهمية. وحسب اعتقادي في هذه الحالة بأن انتقال سورية وتركيا إلى اتصالات عامة مباشرة بعد أكثر من عشر سنوات من التجميد التام للعلاقات الثنائية بين سورية وتركيا يُعدُّ بحد ذاته نجاحاً كبيراً، وليس لهاتين الدولتين فقط، فكما أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في خطابه خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع، فإن إطلاق عملية التسوية بين دمشق وأنقرة كان له تأثير إيجابي ملحوظ على الأجواء في الشرق الأوسط ككل.
كما أنه أصبح مكوناً مهماً في الاتجاه الأخير نحو تحسين الوضع السياسي في المنطقة، إلى جانب استعادة العلاقات السورية – العربية والتطبيع السعودي – الإيراني.
أما فيما يخص خريطة الطريق، فيجري حالياً وضع مسودتها، إذ إنه من المقرر أن تجري المناقشة الأولى لنَص هذه الوثيقة في الوقت القريب. وأنا لا أعتقد أنه ينبغي توقّع أي نتائج اختراق سريعة في هذا الأمر: فمن الصعب في غضون أسابيع أو أشهر قليلة استعادة ما تمّ تدميره لمدة اثني عشر عاماً، إذ ينتظرنا الكثير من العمل الشاق في هذا الاتجاه ويجب الاعتراف بصراحة أن مواقف الطرفين لا تزال بعيدة عن بعضها بعضاً.
وأنا أعتقد أن إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان لفترة رئاسية جديدة يجب أن تكون عاملاً إيجابياً في هذا السياق، وآمل الآن بعد أن اختفى الضغط الانتخابي في الفترة الماضية، أن تكون القيادة التركية قادرة على إيلاء اهتمام أكبر لهذا الاتجاه من سياستها الخارجية.
• في اتصالاتها مع عدد من الدول العربية، بذلت روسيا جهوداً كبيرة في عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية، كيف تقيّمون مسار التطبيع العربي السوري بما في ذلك مشاركة السيد الرئيس بشار الأسد في قمة الجامعة العربية المنعقدة في جدة؟ وهل سيكون لهذه العملية تأثير اقتصادي على الوضع في سورية؟
أنتِ على حق، في الواقع على مدى سنوات عديدة وباستمرار حرصنا على إقناع العواصم العربية على إعادة العلاقات الكاملة مع دمشق سواء الثنائية أم في إطار جامعة الدول العربية. ويُسعدنا أن عَمَلنا لم يذهب سُدى، وقررت معظم دول المنطقة العودة إلى الاتصالات البناءة مع الجمهورية العربية السورية.
كما أعتقد أنه بالإضافة إلى الجهود الدبلوماسية التي بذلتها موسكو، فإن مسألة أخرى لعبت دوراً كبيراً وهي تغيير مواقف اللاعبين الإقليميين وإدراكهم لحقيقة أن سورية وكما ورَدَ في كلمة الرئيس بشار الأسد في قمة جامعة الدول العربية، هي من جميع النواحي إحدى الدول الرئيسية في العالم العربي فهي حرفياً قَلبُه، وأصبح من الواضح أخيراً للكثيرين أنه من دون علاقات جيدة مع الجمهورية العربية السورية من المستحيل تحقيق استقرار حقيقي في الشرق الأوسط.
وإذا قمنا بتقييم مسار تطبيع العلاقات السورية – العربية، فأعتقد أنه في هذه المرحلة يمكن اعتباره أكثر من مُرْضٍ.
لقد شهدنا في الأشهر الأخيرة عدداً من الخطوات السياسية المُهمة مثل محادثات هاتفية وزيارات رفيعة المستوى وقرارات لاستئناف أنشطة البعثات الدبلوماسية. وتوّجت هذه العملية بمشاركة الرئيس بشار الأسد في قمة الجامعة العربية في جدة.
كما تجدر الإشارة أيضاً إلى أن الزلزال المُدمر الذي حدثَ في شباط الفائت تسبّبَ في رَدّ الفعل الصحيح الوحيد في المنطقة – إذ زاد حجم المُساعدات متعددة الأوجه المُقدمة إلى سورية من الدول العربية عدة مرات.
ومع ذلك فإنه من الواضح أنه لا يزال هناك مجال لتحسين العلاقات في هذا السياق. وأن تطوير التعاون الاقتصادي، بالطبع، مُعقّد بشكل كبير بسبب القيود غير القانونية المستمرة والتي فرضها الغرب على سورية، والتي تخنق سورية حرفياً.
فحتى الآن للأسف، لا تزال تشكل عقبة كبيرة أمام المشاركة الكاملة لدول المنطقة في إعادة إعمار الجمهورية العربية السورية، وبالطبع، يجب إلغاء كل هذه الإجراءات غير المشروعة للضغط المالي والابتزاز من قبل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وآمل أن يبذل شركاؤنا في الشرق الأوسط جهوداً لضمان إيقاف هذه السياسة اللاإنسانية في أسرع وقت ممكن.
• بالنسبة للعلاقات الاقتصادية الروسية – السورية نحن نعلم أنه يتم عقد اجتماعات حكومية بين البلدين، وهناك حديث عن توسيع التعاون التجاري – الاقتصادي فيما بينها، هل أنتم راضون عن حجمها؟
إنّ علاقاتنا الاقتصادية تتطور بشكل مُطّرِدْ، فعلى سبيل المثال ركّز الرئيس فلاديمير بوتين خلال محادثته في شهر آذار الفائت مع الرئيس بشار الأسد على ذلك، إذ تمّ تسجيل زيادة ملحوظة في حجم التجارة في العام الماضي بين البلدين وهذا مؤشر مُهم، ولاسيما بالنظر إلى وجود عدد من القيود وعلى رأسها، بطبيعة الحال، العقوبات المفروضة على وجه الخصوص تلك التي تجعل من الصعب إجراء المعاملات المالية.
في الوقت نفسه، أعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن أي رضا في هذه المرحلة، لأن روابطنا في هذا المجال تنطوي على إمكانات هائلة، وأعني على وجه الخصوص توسيع التعاون التجاري – الاقتصادي الذي ذكرته.
فخلال الاجتماع القادم للجنة الحكومية بين البلدين للتعاون التجاري – الاقتصادي والعلمي – الفني، يجب التوقيع على اتفاقية بهذا الخصوص، إذ إنه من المخطط تحديد عشرات من المشاريع، بما في ذلك المشاريع ذات الطابع الاستثماري والتي سيتم تنفيذها من قِبَل شركات روسية في سورية. وأنا على ثقة بأن هذه الخطوة ستصبح حافزاً لزيادة تعزيز روابطنا في العديد من المجالات.
• بالنسبة لاجتماع اللجنة الحكومية المشتركة الذي كان من المفترض أن يُعقد في دمشق في 14 أيار ومع ذلك، حرفياً في اللحظة الأخيرة – حتى إن ممثلي بعض الشركات الروسية وصلوا إلى الجمهورية العربية السورية – وتمّ تغيير تاريخ هذا الاجتماع، فماذا حدث وما هو السبب؟ وهل تم بالفعل تحديد تواريخ جديدة لاجتماع اللجنة الحكومية المشتركة؟
في الواقع السبب بسيط جداً، وهو أن اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة حَدَثٌ كبير ومسؤولية كبيرة للغاية وسيكون لنتائجه تأثير حاسم على المعايير المحددة لتعاوننا الثنائي في المستقبل المنظور. في هذا الصدد، فإن هذا الحدث حَسَبَ اعتقادنا الراسخ، يجب أن يكون الاستعداد له قد تمّ على أفضل وجه ممكن، حتى لا يكون هناك مجال لأي تقصير. كما أن التأجيل كان من أجل استكمال جميع الإجراءات والموافقات اللازمة بشكل كامل، وفي النهاية، من حيث النتيجة نضمن «تحقيق الهدف»، لذلك تقرر تأجيل الاجتماع لفترة قصيرة. ولم يتم تحديد المواعيد الجديدة لاجتماع اللجنة بَعدْ، ويجري البحث عن تواريخ مناسبة للجميع.
وفي الواقع أن جلسة اللجنة الحكومية المشتركة هي حدث كبير، يشارك فيها ممثلو العشرات من الوزارات والوكالات والشركات ذات الصلة من كلا الجانبين، لذلك من الصعب دائماً الاتفاق على وقت مناسب لتنظيمها. ومع ذلك، أنا مقتنع بأنه سيتم التغلب على كل هذه القضايا الفنية البحتة وسيُعقد الاجتماع في دمشق في المستقبل القريب جداً.
• ماذا تقول عن مشاركة روسيا في مشاريع إعادة إعمار سورية وتحديداً هل هناك شيء مُحدّد في مجال الطاقة الكهربائية؟
هناك عدد كبير جداً من المجالات التي تقدم فيها روسيا المساعدة في مجال إعادة إعمار سورية، وليس فقط في مجال البنية التحتية، ولكن أيضاً – والتي – في رأيي – لا تقل أهمية وذلك في مجال الإمكانات البشرية والثقافية للبلاد.
نحن نحاول الاستجابة بسرعة للاحتياجات المُلحّة للشعب السوري وقد نجحنا في ذلك. ففي ذروة وباء «كوفيد» قدّمنا دفعات كبيرة من اللقاح المضاد للفيروس التاجي والمعدات الطبية الخاصة إلى الجمهورية العربية السورية، كما ساعد جيشنا بشكل فعّال في إخماد حرائق الغابات واسعة النطاق التي حصلت في عام 2021، بما في ذلك عبر استخدام طائرات متخصصة.
كما كانت روسيا من أوائل الدول التي هبت لمساعدة سورية بعد الزلزال الذي حدث في شهر شباط مباشرة وبعد المأساة. إذ بدأ عسكريون من قاعدة حميميم الجوية بإزالة الأنقاض وبفضل أفعالهم المتفانية تمَّ إنقاذ العديد من الأرواح. كما تمّ تسليم أكثر من 670 طناً من المساعدات الإنسانية إلى سورية التي تضمنت الأدوية والمواد الغذائية والملابس والبطانيات ومولدات الديزل والخيام وغيرها وذلك من خلال وزارة الطوارئ الروسية. وتمّ التبرع بمئات الأطنان من المساعدات الإنسانية من قِبَلْ مختلف المنظمات العامة والخيرية في روسيا. كما قامت وزارة الصحة بنشر مشفى ميداني كامل في حلب والتي عانت أكثر من غيرها من هذه الكارثة الطبيعية، إذ ساعد فريق الأطباء العاملين فيها 7500 مُصاب خلال شهرٍ واحد.
بالإضافة إلى ذلك، تمول روسيا العديد من المشاريع في مجال إعادة الإعمار في سورية، ويتمُّ تنفيذها من خلال منظمة الأمم المتحدة، وسأذكرُ فقط الأكثر أهمية، فقد شاركنا في رعاية إزالة الألغام من داريا في ريف دمشق، والتي تم الانتهاء منها هذا العام من قِبل وكالة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام.
كما وصلَ برنامج صندوق الأمم المتحدة للسكان لإعادة تأهيل قطاع صحة الأم الإنجابية في ريف محافظة حلب، والذي يتم تنفيذه على نفقتنا، إلى مرحلته النهائية.
قبل شهر، وقّعت وزارة الصناعة السورية ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في دمشق، مذكرة تفاهم بشأن إطلاق مشروع تجريبي مدته ثلاث سنوات لترميم العديد من مرافق الصناعات الزراعية في سورية والتي سيتم تمويلها بالكامل من الميزانية الروسية.
وفي الوقت الحاضر، يتم النظر في إمكانية مشاركتنا في تنفيذ عدد من البرامج الواعدة تحت رعاية مختلف هياكل منظمة الأمم المتحدة، وأنا متأكد بأننا سنواصل زيادة المساعدة لسورية على هذا المسار.
كما يتم توفير قدر كبير من الدّعم من قبل مختلف الإدارات والمناطق الروسية. لذلك، فقط خلال زيارة وفد مشترك بين الوزارات والوكالات إلى سورية في المدة مابين 4-9 حزيران، تمّ تسليم مجموعة كبيرة من المعدات لأقسام الإطفاء والمدارس والمستشفيات إلى الجانب السوري. ومثل هذه الإجراءات من هذا النوع تتم بشكل منتظم.
كما تسهم المنظمات الدينية الروسية مساهمة كبيرة في إعادة إعمار سورية، إذ تساعد الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في إعادة بناء الكنائس التي دُمرت خلال الحرب. وفي هذا العام تمّ افتتاح مرفقين من هذا القبيل – أحدهما في ضواحي دمشق – عربين والثاني في مدينة الزبداني.
ومن المخطط أن يستمر التعاون في هذا المجال، بما في ذلك إجراء دراسة لإمكانية ترميم الكنائس التي تضررت بفعل الزلزال.
كما تموّل الكنيسة الروسية أيضاً أنشطة مركز مسانا لإعادة التأهيل وتركيب الأطراف الاصطناعية للأطفال، الذي افتتح في دمشق في آذارعام 2022، حيث يتلقى أكثر من 100 شخص رعاية طبية مؤهلة مجاناً كل شهر، وأحياناً تستغرق العديد من العلاجات ما يصل إلى ستة أشهر، وإجمالاً تمّت معالجة أكثر من 500 طفل مُصاب بجروح نتيجة انفجار الألغام منذ أن بدأ المركز عمله. وأريد أن أؤكد أننا نتحدث هنا عن أطفال من جميع الأديان ومن جميع محافظات البلاد.
كما تعمل بنشاط المؤسسة الخيرية لأحمد قديروف في سورية، وبمساعدته على وجه الخصوص تجري أعمال ترميم الجوامع التاريخية في حلب وحمص، وتُقام الفعاليات الخيرية.
ولابُدّ من الإشارة للتطور التدريجي للتعاون في مجال التعليم، فخلال السنوات الثلاث الماضية وبناءً على طلب السلطات السورية، ضاعفنا عدد المِنح الدراسية للدراسة في الجامعات الروسية والمقدمة لمواطني الجمهورية العربية السورية من 500 منحة إلى 1000 منحة.
وفي العام الماضي، بلغ «النمو» 250 مقعداً، فقط عدد قليل من الدول التي كانت في السابق تُشّكل جزءاً من الاتحاد السوفيتي لديها حصة أكبر. وأنا مقتنع بأن الشباب السوريين الذين حصلوا على تعليم مجاني عالي الجودة في روسيا في مجموعة متنوعة من التخصصات – من الطب والهندسة إلى الفنون الإبداعية – سوف يسهمون بشكل كبير في تطوير بلدهم.
وهناك مشروع شامل لبناء مدرسة ثانوية في دمشق في مرحلة الموافقة النهائية، إذ ستتم العملية التعليمية باللغة الروسية وفق معايير روسية متطورة. بالتزامن مع ذلك، من المخطط افتتاح فرع لجامعة روسية في العاّصمة السورية، يتم على أساسه تدريب الكوادر التربوية الوطنية.
كما نولي اهتماماً خاصاً لإعادة التأهيل النفسي للأطفال الذين عانوا بطريقة أو بأخرى أثناء الحرب ونتيجة للزلزال. إذ يتم تنظيم رحلات منتظمة لهؤلاء الأطفال إلى مخيم أرتيك (معسكر الأطفال الدولي) الشهير في شبه جزيرة القرم، وكذلك إلى دار إيفانوفا الدولية للأيتام، حيث لا يتعلم أطفال المدارس السورية اللغة الروسية فحسب، بل يتلقون أيضاً الدعم النفسي اللازم الذي يحتاجون إليه.
كما أودُّ أن أذكر بعض كلمات عن مشاريعنا المشتركة في مجال الثقافة. فعلى سبيل المثال، قام موظفو متحف الأرميتاج في العام الماضي بترميم عدد من القطع الأثرية التاريخية التي تضررت أثناء الحرب.
إنّ المشروع الرائد والمُهم حقاً في هذا المجال هو مشاركة فريق كبير من المتخصصين الروس – العلماء والمهندسين المعماريين – بالطبع وبالتعاون مع الجانب السوري، في ترميم قوس النصر في تدمر الذي تمّ تفجيره بوحشية من قبل مسلحي داعش في عام (2015). وفي الوقت الحالي، تم استكمال كل الأعمال التحضيرية اللازمة لذلك. فقبل ثلاثة أسابيع، كان هناك عرض تقديمي للمشروع في دمشق أعدّهُ علماؤنا لترميم قوس النصر، وقد لَقِيَ استحساناً كبيراً من قِبل المُجتمع العلمي السوري والخبراء الدوليين. وبالفعل تمّ التخطيط لبدء العمل على ترميمه المُباشر في شهر أيلول في هذا العام.
وأمّا فيما يخص إعادة بناء منشآت الطاقة الكهربائية التي سأتكلم عنها بالطبع فهذه إحدى أولوياتنا، وحالياً هناك عدة خيارات مُحددة للتعاون في هذا المجال مطروحة على الطاولة. ومن المقرر مناقشتها بالتفصيل خلال الاجتماع القادم للجنة الحكومية المشتركة، وأعتقد أنه سيتم الإعلان في نتائجه عن المشاريع التي سيتم تنفيذها في هذا المجال.
• انتشرت أنباء في وسائل الإعلام تفيد بأن سورية تقدمت إلى روسيا للحصول على قرض. هل يمكنكم التعليق على هذا الخَبَرْ؟ وهل سيتم التوقيع على الاتفاقية المتعلقة بذلك قريباً؟
كما تعلمون، فقد خصصنا سابقاً قرضاً حكومياً للجمهورية العربية السورية وقد تمّ سحبُه بالكامل من الجانب السوري. لذا فإن موضوع تقديم قرض جديد هو بالفعل مطروح على جدول الأعمال على وجه الخصوص، إذ تَمَتْ مناقشته خلال الاجتماع الأخير لقادة بلدينا. آملُ أن يتم حَل هذه المسألة التي تُعد مُهمة للغاية وتتطلب دراسة متأنية مع مُراعاة عدد من الظروف المُرافقة لها، بشكل إيجابي.
• بعيداً عن المسائل الاقتصادية، يشنُّ الغرب اليوم حرباً واسعة النطاق ضد روسيا في أوكرانيا، إذ يتمْ تقديم المزيد والمزيد من الأسلحة المتقدمة إلى كييف، بل إنهم يَعِدون ببدء تسليم الطائرات، وهل يعني كل هذا أننا على حافة جولة أخرى من تصعيد الأوضاع على الساحة الدولية؟ وما الخطوات التي ستتخذها روسيا إذا استلم الأوكرانيون أسلحة قادرة على ضرب أهداف في الداخل الروسي، على سبيل المثال، كما هي الحال، في حالة الهجوم بطائرة مُسيّرة على الكرملين؟
إنّ عمليتنا العسكرية الخاصة كما هو معروف لها أهداف محددة للغاية، أولاً وقبل كل شيء حماية حقوق السكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا والقضاء على النازية ونزع السلاح من هذه الدولة، التي حُكِمَتْ منذ عام (2014) من نظام نازي جديد غير شرعي في جوهره هو أمرٌ ضروري للغاية في هذا الصدد.
ومع ذلك، فإن الإجراءات العادلة لروسيا في بلد معين قد سلّطتِ الضوء بوضوح على مجموعة كاملة من المشكلات العالمية للنظام العالمي الحالي – وأعني أولاً وقبل كل شيء – الاستعمار والرغبة في الهيمنة المُطلقة التي تُمارسها الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وما ينتج عن ذلك هو فرضها الوقح لإملاءاتها على بقية دول العالم من أجل تحقيق أهدافها الأنانية والضيّقة.
وفي سورية هناك ما يُذكّر بهذه السياسة الغربية التي تعود إلى قرون في كلِّ مكان، فعلى سبيل المثال ما جرى في حي الحريقة بدمشق القديمة، الذي أحرقه الغزاة الفرنسيون حيث تمّت تسويته بالأرض في وقت من الأوقات، ولُقّبَ بذلك الاسم الحزين بسبب ذلك.
وهناك العديد من الأمثلة في الوقت الحاضر مثل الاستيلاء الفعلي من قِبَلْ الولايات المتحدة على مناطق شاسعة في شرق البلاد، إضافة إلى أعمال العسكريين الأميركيين، بما في ذلك تدمير مدينة الرقة، والعقوبات غير القانونية الجائرة المفروضة على سورية والتي لها تأثير ضار للغاية على حقوق الإنسان، بما في ذلك الحقوق الأساسية مثل الحق في الحياة والصحة والغذاء والماء والسكن وغيرها.
وفي الوقت نفسه، من أجل تحويل انتباه المجتمع الدولي عن انتهاكاتهم الوحشية التي لا تُعَدُّ ولا تحصى للقانون الإنساني، ينشط الغربيون في نسج الأساطير حول جرائم روسيا المزعومة في أوكرانيا وأنا متأكد أن سكان البلدان التي أصبحت – أو لا تزال – ضحايا الاستعمار، يعرفون بشكل واضح مَنْ زَيّف هذهِ الدعاية الخرقاء، وحقيقة من المسؤولون عن قتل مئات الآلاف من المدنيين في سورية وأفغانستان وفيتنام والعراق وليبيا ويوغوسلافيا والعديد من الدول الأخرى، ببساطة لا يوجد حق أخلاقي لهم في اتهامنا بأي شيء.
وفيما يتعلق بكل ما قيل أعلاه، أعتقد أنه من المناسب في هذه الحالة التحدث ليس عن «الجولة التالية من التصعيد» على الساحة الدولية، ولكن عن الحركة الكونية التي تحدث أمام أعيننا، وقد تم الإشارة إلى هذه النقطة بشكل صحيح للغاية في مفهوم السياسة الخارجية الجديد للاتحاد الروسي في الفقرة 1 الذي تم نشره في آذار من هذا العام والذي جاء فيه أن البشرية تمر في عصر من التغييرات الثورية المرتبطة بتشكيل عالم متعدد الأقطاب أكثر عدلاً.
ولكن مع ذلك فإن الدول الغربية لمْ تُدرك بَعدْ أن هذه التغييرات لا رجعة فيها، فهم لا يتوقفون عند أي شيء، في رغبة عبثية منهم للحفاظ على مركزهم المُهيمن بأي ثمن، والذي تمّ تحقيقه عبر قرون عن طريقة النَهب الإجرامي لشُعوب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
ولهذا على وجه الخصوص، في السنوات الأخيرة، تمّ الترويج بنشاط لمفهوم «النظام العالمي القائم على القواعد» غير المقبول إطلاقاً، ليَحل مَحَل قواعد القانون الدولي. وللغرض نفسهِ يُقدم الغرب لأوكرانيا الآن دعماً سياسياً واقتصاديًا وعسكرياً غير محدود تقريباً.
لقد ذكرتم توريد أسلحة بعيدة المدى إلى كييف، في الواقع المشكلة أوسع بكثير وأكثر ضخامة، لقد اندلعت حرب هجينة واسعة النطاق ضدنا، إذ يتمُّ في إطارها استخدام كل الأساليب، بما في ذلك الأساليب الإرهابية العلنية وما جرى في تفجير «مشروع التيار الشمالي» ليس إلا عملاً إرهابياً.
هؤلاء لا يخجلون من الاغتيالات السياسية ومحاولات الاغتيال لقادة الرأي العام من الصحفيين والكتّاب، وأعني هنا الهجمات الإرهابية ضد داريا دوغينا وفلادلين تاتارسكي وزاخار بريليبن.
إضافة إلى ذلك، فإنهم جاهزون لإثارة الكوارث التقنية الواسعة النطاق التي تهدد أرواح المدنيين، بما في ذلك المقيمون في المناطق التي لا تزال كييف تسيطر عليها حتى الآن. وأقصد هنا العمل التخريبي الأخير الذي قام به الجانب الأوكراني ضد سد محطة كاخوفسكايا، والذي تسبب بغمر كثير من المدن والبلدات بالمياه وتعليق عشرات الآلاف من الناس في منطقة الكارثة ووقوع أضرار ضخمة ربما لا رجعة فيها للبيئة، علاوة على تهديد أمن محطة زابوروجيه النووية.
لا شك في أن هذا هو عمل إرهابي يظهر بوضوح الطبيعة الوحشية للنظام الأوكراني المجرم الحالي.
هذه الأحداث إضافة إلى غارة الطائرات من دون طيار على الكرملين، والتي هي ليست سوى حلقات مُنفصلة في سلسلة طويلة من الجرائم الأوكرانية ضد السكان المدنيين في دونباس منذ عام 2014 والآن حتى في روسيا وذلك بتشجيع من الغرب.
أما ما يخص ردة فعلنا فأنتم تعلمون أن هذه ليست المرة الأولى التي يُواجه بلادنا فيها تهديداً وجودياً على حدودها الغربية لكننا خرجنا مُنتصرين من جميع الاشتباكات المماثلة السابقة وليس هناك أدنى شك في أنه سيكون هو نفسه بالضبط هذه المرة.
ولن يمنعنا أي من المعدات الغربية التي نجحَ جيشنا في تدميرها بأعداد كبيرة، بما في ذلك أكثر الأمثلة التي يتم التبَجُّح بها، ومنها على سبيل المثال أنظمة الدفاع الجوي «باتريوت»، من تحقيق أهدافنا المُعلنة ولن يساعد ذلك المُجرمين النازيين الجُدد على تجنب العِقاب دون استثناء.
كما سيفرض على جميع الأشخاص المتورطين في الهجمات على بلدنا والذين ارتكبوا جرائم ضدّ المقيمين الناطقين بالروسية في أوكرانيا – بطريقة أو بأخرى – عقوبات مُستحقة لا مفرَّ منها.
• كيف ترون نهاية هذا الصراع؟ ومتى يمكن أن تتحقق؟ وهل هناك خطر من دخولها مرحلة «حرب استنزاف»؟
يُمكن أن يكون لعمليتنا العسكرية الخاصة نهاية واحدة وهي تحقيق جميع أهدافها دون استثناء.
أما عن «حرب الاستنزاف» التي ذكرتموها، فاسمحوا لي أن أنتقل مرة أخرى إلى المفهوم الجديد للسياسة الخارجية الروسية وفي الفقرتين 4 و5 منها ذُكِرَ الآتي: «روسيا الأصيلة كدولة ـ حضارة، دولة أوروبية ـ آسيوية وأوروبية ـ المحيط الهادئ»، ويتم تحديد مكانة روسيا في العالم، من بين أمور أخرى، من خلال «وجود موارد كبيرة لدى روسيا في جميع مجالات الأنشطة الحيوية»، أي إننا قادرون على تزويد أنفسنا بكل ما هو ضروري بشكل كامل، بما في ذلك في سياق العملية العسكرية الخاصة، وبالتالي من المستحيل استنزافنا.
إضافة إلى ذلك، لدى روسيا العديد من الأصدقاء والشركاء حول العالم فكُل محاولات الغرب لمقاطعتنا من قِبَلْ المجتمع الدولي، ومحاولات الابتزاز المكشوفة، والضغط الهائل على جميع الدول المستقلة باءت جميعها بالفشل. إذ تتفهم أغلبية البشرية تماماً عدالة أفعالنا وتدرك أنها تُسرّعْ العملية المذكورة أعلاه لتشكيل عالم أكثر عَدلاً وتوازناً.
فعدد من الدول مِثلْ سورية تُعلنُ موقفها بشكل مُباشر، وأغتنم هذه الفرصة بأن أعرب عن الامتنان العميق لقيادة الجمهورية العربية السورية لِموقفِها المبدئي المُتسِقْ في دعم العملية الخاصة، علماً أن هناك دولاً ليست مُستعدة بَعْد للتحدث علناً، لكن في الاتصالات الثنائية يتحدثون عن ذلك، والأهم من ذلك، بأفعال ملموسة، يؤكّدون موقفهم الودي تجاه روسيا، لذا فإن الغرب لم ينجح في إرهاقنا من خلال العزلة الدولية ولن ينجح أبداً.
• كيف تُعلقون على مبادرة التسوية السلمية التي طرحتها جمهورية الصين الشعبية؟ وعموماً هل تعتقدون أن الصين أصبحت لاعباً رئيسياً في الساحة الدولية؟
بالتأكيد، فإن مبادرة أصدقائنا الصينيين تستحق الاهتمام الوثيق، وفي الوقت نفسه لا احتمالات لتسوية سلمية حقيقية حتى الآن، إذ لا تزال السلطات الأوكرانية الحالية، المنتشية بالدعم غير المحدود تقريباً من الغرب، تأمل تجنب الهزيمة الوشيكة، وبالتالي لمْ يتبقَ لنا سوى شيء واحد: وهو تحقيق مطالبنا المشروعة والعادلة بأساليب القوة في الوقت الراهن.
في الختام، أودُّ أن ألفت انتباه القُراءْ مرةً أخرى إلى المسألة التي سبق طرحها عن العالم الذي يتشكّل الآن لِيَحلْ محل النظام الأحادي القطب، إذ لا ينبغي أن يكون ولن يكون هناك «لاعبون رئيسيون»، بل سيكون عالماً مبنياً على التعاون القائم وعلى الاحترام المتبادل بين البلدان المتساوية. وهذا ما نسعى إليه، بما في ذلك في مواجهتنا ضد الغرب، وأنا متأكد أن جميع الدول المستقلة والمسؤولة الأخرى تسعى جاهدة إلى تحقيق الشيء نفسه.