سنة الانتخابات الأميركية.. هل تتبدل السيناريوهات..!؟
| عبد السلام حجاب
لا يختلف اثنان، على أن السنة التي ودعها السوريون والعالم، شرقاً وغرباً، أصبحت خزان فشل وتخبط أميركي في غير اتجاه، حيث برز الإرهاب المعولم بالبصمة الأميركية في مقدمة تفاصيلها الدموية السارية في سورية والعراق واليمن، وفي المضمون فلسطين، ما يدفع العالم للنظر إلى سنة الانتخابات الأميركية، على أنها مساحة لاختبار أجندات فاشية عن بعد بوساطة أدوات قديمة، لا تكلف أميركا غير العار السياسي والأخلاقي ولا عزاء عندئذ للخاسرين في حسابات أوراق مزدوجة المعايير أو في تطورات وتداعيات أحداث يمكن أن تعصف بدول العالم حتى الحلفاء منهم!؟
لقد سبق أن أعرب بريجنسكي عن اعتقاده، مكتوباً بأنه ما إن تبدأ المرحلة الأولى حتى تتواصل لعبة الشطرنج. فتتحرك البيادق، وتنفذ الأدوار. فالعنف حاجة للمشاريع الأميركية، ما دام يمكن السيطرة عليه. لكن فشل حلف أوباما الستيني أظهر عجزاً وتواطؤاً مع الإرهاب بدليل أنه راح يضرب خارج الحدود. ما جعل الخاسرين مثل العثماني السفاح أردوغان وحكام بني سعود ومشيخة قطر يتدافعون وفقاً لأجنداتهم للإبقاء على اللعبة الأميركية الخاسرة التي بات أوباما يدرك أنها لم تعد مفيدة في زمن تبدلت القوى الفاعلة فيه فبات اللجوء إلى خيارات جديدة لتجيير القديم للرئاسة الجديدة والاستمرار في تلميع صورة الذين ارتبطت أسماؤهم بالإرهاب حاجة تتطلبها الضرورات الأميركية الاستراتيجية. ما حدا بالوزير الروسي لافروف إلى دعوة نظيره الأميركي كيري للتخلي عن الشروط المسبقة في توحيد الجهود ضد تنظيم داعش الإرهابي والتي وصفها المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية بالأسطوانة المهترئة التي يجب تغييرها».
وكان أحد الحكماء قد سئل، ممن تعلمت الحكمة فقال: «من الأعمى، لأنه لا يضع قدمه على الأرض إلا بعد أن يختبر الطريق بعصاه». ولكن في زمن غياب الحكمة، ينشط الدور الوظيفي لأغبياء السياسة واللاهثين خلف مكاسب افتراضية للإرهاب بشقيه السياسي والعسكري كأحد سيناريوهات العام الأميركي الجديد ضد سورية والمنطقة. ولعل لقاء الخاسرين العثماني أردوغان بأجندته الإخوانية. وسلمان السعودي بأجندته الوهابية على قاعدة الصهيونية التي يمثلها الكيان الإسرائيلي جاء قفزة قبل السقوط النهائي!؟
لقد لخص هنري كيسنجر أهداف ما أطلق عليه «الحرب الرابعة» التي تشكل الأرضية الاستراتيجية لمشروع الشرق الأوسط الجديد بنقطتين رئيسيتين لا تخرجان عن أطماع ومصالح الكيان الإسرائيلي وهما:
1- السيطرة الكاملة على منابع النفط والغاز.
2- ضخ الحقد للسيطرة على الشعوب التي تحيط بمصادر القوة.
ولعل ما سمي الربيع العربي الذي أعدت له ونفذته واشنطن بأدواتها على الأرض، مثل المدخل التكتيكي الذي جرى التعويل فيه على الإرهاب المسلح والمشفر كبديل لحرب مباشرة لم يعد متاحاً خوضها في ظل المتغيرات الدولية التي بدا بعضها حاسماً.
ومن يقرأ «مانفستو» الأحداث وتداعياتها يدرك أهمية الصمود السوري ونجاحات الجيش العربي السوري، للفالق السياسي الذي أحدثه في البيئة السياسية والإيديولوجية لحلف واشنطن، سواء من نام مع الإرهاب أو تساكن معه ما أدى إلى إطلاق العنان للقوى الدولية المناهضة للتقدم باتجاه ممارسة دورها في إعادة التوازن إلى عالم اعتاد البقاء على قدم واحدة فأصبح قائماً على قدمين ليس بإمكان أحد إعادته إلى الوراء. وهو ما عبر عنه سيمور هيرش في مقالة له أشار فيها إلى جانب من تداعيات الفالق السياسي في التجاذبات الحادة بين الإدارتين السياسية والعسكرية في داخل إدارة أوباما، بوجوب العمل إلى جانب روسيا في محاربة داعش الإرهابي. ووجوب معاقبة تركيا- أردوغان- الذي لا يتصرف كحليف بل كعدو. ناهيك عما كشفه من أصوات عالية داخل المجتمع الأوروبي تطالب بالبحث عن مخارج والتفاعل مع نتائج قوة الموقف السوري في كشف الحقائق ودحر الإرهاب.
ولقد أكد الكاتب ستيوارت رولو في صحيفة وول ستريت جورنال، إن نتيجة سياسات أردوغان حولت بلاده إلى عائق رئيسي أمام التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية، وباتت تشكل تهديداً جدياً على شركائها في الناتو مما لا شك فيه، فإن أسئلة تطرح نفسها استناداً لتصريحات الوزير كيري، فهل تسعى إدارة أوباما إلى تجيير أزماتها العالقة في عجلة الإرهاب وأجندات داعميه إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية القادمة، تجنباً للصدام السياسي مع الموقف الروسي سواء لجهة التعاون مع موسكو في محاربة تنظيم «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى، أو لجهة تعطيل الحل السياسي للأزمة في سورية بأن تترك حبل الإرهاب يمتد سنة أخرى لحساب مثلث الإرهاب!؟
منطقياً فإنه مخطئ من يعتقد أن حالات الابتزاز لا تتعرض لها الدول والشعوب كما يتعرض لها الأفراد، بيد أنه منطقي وبصورة مؤكدة أن حسابات الورق لا يمكن الاعتماد عليها بعد أن أخذت حسابات الوقائع السياسية والميدانية مواقعها على أرض الميدان- فالأزمة الأوكرانية أصبحت وفق المعطيات مصدر قلق متفاقم بالنسبة لأوروبا، كما أن الملف النووي الإيراني أصبح مصدر قوة لإيران ولا ينفع حياله البحث عن خيارات خارج السياق الراهن كذلك فإن الأزمة في سورية تخطت بنجاح مفاعيل الأجندات بوساطة الإرهاب بدليل قراري مجلس الأمن الدولي 2254 و2253 والنجاحات الاستراتيجية التي يحققها الجيش العربي السوري بدعم شرعي سياسي وعسكري تقدمه كل من موسكو وطهران والمقاومة اللبنانية بحيث إن أي سيناريوهات تضعها إدارة أوباما لا تتفق مع القانون الدولي وحق الشعب السوري في تقرير مصيره بقيادة سورية على قاعدة القضاء على الإرهاب بكل أشكاله سوف يكون رهاناً أميركياً فاشلاً ليس بمقدور أوباما تحمل مخاطر تداعياته وهو ما حذر منه الرئيس الروسي بوتين في تفاصيل الاستراتيجية التي أعلن عنها في خطابه للعام الجديد.
كما أكد الوزير لافروف أن حل الأزمة في سورية منصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي 2254 وهذا الحل ليس رهناً بالانتخابات الأميركية.
ولا جدال بأن السوريين اليوم بقيادة الرئيس بشار الأسد أكثر ثقة وتفاؤلاً بقدرتهم على صنع مستقبلهم، ويدركون أن أصحاب المشاريع والأجندات لن يعلنوا الاعتراف الكامل بالهزيمة، لكن إرادتهم الصلبة وبطولات جيشهم الباسل، بدعم الحلفاء والأصدقاء كفيلة بإزالة العراقيل وتعبيد الطريق إلى الانتصار.