ثقافة وفن

اللعب بوابة للتعليم والتطوير الحديث … الطفولة وقصة حلم تمثل نبض الحياة وروحها

| آلاء الخطيب

«أثبتت الدراسات الحديثة أن الأطفال يعبّرون عما يفكرون فيه ويشعرون به من خلال لعبهم واستعمالهم الدمى والمكعبات والصلصال والألوان وغيرها…».

وهنا برزت أهمية الألعاب بأنها ليست مجالاً للهو وإنما تقوم بدور المحفز الذي يساعد الطفل على الاستعداد لتلقي جرعة علمية بعد أن يكون أفرغ ما لديه من طاقات في اللعب.

أهمية اللعب في التعلم

اللعب في حياة الأطفال والعملية التعليمية يقرب المفاهيم ويسهل إدراك المعلومات ويساعد في حل مشكلاتهم التي يعاني البعض منها لأنه ينشط مقدراتهم العقلية ويحفز مواهبهم الإبداعية وينمي سلوكهم وقدراتهم الجسدية والوجدانية، فيقدم لهم المتعة والتسلية واكتساب المعرفة ليكون أداة تواصل وتعبير بين الأطفال، ما يؤكد أهمية اللعب وقدرته على التأثير في حياة الطفل.

لذلك قامت الدكتورة «ماريا مونتيسوري» بابتكار طرق تعليمية تمزج اللعب بالعلم ليتم تعليم الأطفال بطريقة ترفيهية من دون أن يشعروا بالإرهاق من التعلم فأصبح الذهاب إلى المدرسة كالنزهة لهم.

فوائد أسلوب التعلم باللعب

الألعاب تساعد الطفل على بناء شخصية مستقلة وإثبات نفسه من خلال التفوق على الآخرين ويعلمه التعاون واحترام حقوق المحيطين به ويساعده في الالتزام بالقواعد والقوانين وإدارة الوقت ويعزز انتماءه للجماعة وله أهمية في نمو الذاكرة والتفكير والتخيل ويكسب الثقة بالنفس والاعتماد عليها واكتشاف المقدرات واختبارها.. فتصبح الرغبة في التعلم المحفز الأساسي لكل نشاط.

ويعتبر اللعب منهجاً رئيسياً في تنشئة الطفل بطريقة سليمة ومبدعة.

أنواع الألعاب التربوية

الدمى: مثل العرائس وأشكال الحيوانات والسيارات والألعاب البلاستيكية وأدوات الزينة.

الألعاب الحركية: ألعاب الرمي والقذف والتركيب والقفز والتوازن والتأرجح والجري.

ألعاب الذكاء: الكلمات المتقاطعة والألغاز والبازل والمكعبات وغيرها.

ألعاب الغناء والرقص: تقليد الأغاني والرقص التمثيلي والرقص الشعبي وكثير غيرها، القصص والألعاب الثقافية: المسابقات الشعرية وبطاقات التعبير ولعب الأدوار والتمثيل المسرحي.

التعلم بالمرح والترفيه

أكدت الدراسات الحديثة أن الأطفال يتعلمون أفضل في بيئة اجتماعية تدعم التعلم الذاتي بطريقة ممتعة، فعلى الإنسان أن يكون مستعداً للتعلم بنفسه وإلا فلن يتعلم مطلقاً بحسب منهج «مونتيسوري» والألعاب أسلوب جذاب وطبيعي لأننا مفطورون على حب المرح واللعب كما يقول نيتشه (في داخل كل منا طفل يتوق للعب).

الألعاب التربوية التعلم هي ألعاب تُحكم بقوانين وتُحدد الأهداف المراد تحقيقها مترافقة مع نشاطات لإنجاز المهمة في جو تنافسي وتفاعل بين المشاركين ينتهي بفائز وخاسر من خلال نشاط عضلي كالحركة وعقلي كحل مشكلة وجانب انفعالي كالحماس والترقب.

لذلك فالألعاب من أهم وسائل نقل واستيعاب المعلومة عند الطفل وغرس السلوك المطلوب لأنها تخاطب أكثر من حاسة عنده على عكس التعليم التقليدي المعتمد على التلقين ويرتكز على حاسة السمع لنقل المعلومة مما يساهم في نقل الجانب النظري فقط، على حين اللعب يغرس السلوك الإيجابي ويغير اتجاهات الطفل.

لهذا نعتبر الألعاب أقرب أسلوب تعلم يحاكي الواقع فسلوك الطفل خلال اللعب يعكس السلوك الذي سيقوم به في حياته وهي الأسلوب الأكثر جذباً له.

شروط اللعبة التربوية

يرى المربون أن اللعبة يجب أن تعبر عن أهداف المنهاج وعن جزء من المحتوى التعليمي وتكون متوافقة مع حاجات المتعلمين وقدراتهم ومع المرحلة العمرية المهمة، التي تستخدم لها ومن المهم أن تكون آمنة وغير خطرة ويتوافر فيها الشعور بالمتعة والمرح.

إن التعلم عن طريق اللعب في رياض الأطفال من طرق التعليم المهمة فالأطفال بطبيعتهم فضوليين لمعرفة العالم ويستكشفونه عن طريق اللعب ويستخدم أيضاً لتعزيز مهاراتهم ومواهبهم ويحفز التفكير لدى الطفل لتلبية شروط اللعبة مقابل الحصول على النجاح بها.

كما يساعد التعلم باللعب على بناء ارتباط عاطفي بين عملية التعلم وموضوع الدرس ويعزز حقيقة أن الفشل ليس انتكاسة ولا نتيجة ولكنه مؤشر إلى الحاجة إلى مزيد من المهارات لتحقيق الهدف فيصبح الطفل بتفكيره مستقلاً وأكثر استعداداً للقيام بمشاريع كبيرة وتنفيذها حتى الانتهاء والنجاح.

للإضاءة على هذا الموضوع التقينا السيدة «هناده التيناوي» المديرة التعليمية في إحدى رياض الأطفال وسألناها عن منهجها التعليمي المتبع فقالت: إن الدراسة والتخصص بالتعلم عن طريق اللعب غلب التعلم الأكاديمي، على سبيل المثال تعليم الأطفال ترتيب الأرقام عن طريق كتابتها على قصاصات كرتونية ملونة على شكل ثياب يجب على الطفل ترتيبها بطريقة نشر للغسيل على الحبل وقالت إن هذه الطريقة مرحة وأسلس لإيصال المعلومة وتجعل الطفل مستمتعاً في استلام المعلومة بجو حماسي مليء بالتحفيز والمنافسة والتعاون.

وأكدت السيدة تيناوي حرص الروضة على إقامة حفل سنوي بنهاية العام يؤدي من خلاله التلاميذ اللوحات الراقصة والغنائية والمقاطع التمثيلية ما يعزز ثقة الأطفال بأنفسهم عند الوقوف على خشبة المسرح أمام الأهالي والجمهور ويضفي جواً من السعادة والتسلية ويشجعهم على الاستمرار في العملية التعليمية في الروضة.

أما عن ارتفاع تكلفة التعليم عن طريق اللعب من جهة تأمين المستلزمات فقد أوضحت السيدة تيناوي أنهم يتجاوزون ارتفاع الوسائل الباهظة مادياً بالتعويض بأبسط الوسائل والإمكانات عن طريق تعليم الطفل إعادة التدوير واستخدام أي شيء موجود لدى الأطفال ومتوافر عندهم والاستفادة منه بالتعليم ورأت أن نتيجة هذا الأسلوب فعالة جداً في تغيير نفسية الأطفال وتحسين قدرتهم الاجتماعية وتعزيز شخصياتهم وحس المسؤولية عندهم.

المعلمة هبة تاج الدين المختصة بمنهاج المونتيسوري في رياض الأطفال قالت: إنها توصل السلوكيات الجيدة للأطفال عن طريق إخبارهم بقصص مسلية تذكر من خلالها سلوك معاكس لسلوك الطفل السيئ مع ذكر اسمه، ما يعزز عنده السلوك الجديد ويوصل مبادئ إيجابية بطريقة مبطنة لا يشعر الطفل بها لتتخزن في عقله الباطن وتتحول إلى وعي وسلوك ظاهر مع الوقت.

لذلك من المهم اختيار الموضوع والأفكار التي تشملها اللعبة والأهداف منها وتحديد صفات المشاركين بها وأدوارهم والزمن اللازم للتنفيذ وتنظيم الصف ليناسب تنفيذ اللعبة وملاحظة واستنتاج الفائدة منها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن