ثقافة وفن

الدوبلاج الدرامي إنجاز فني أم ترجمة صوتية ؟! … فراس فلاحة لـ«الوطن»: الدوبلاج لا يحتاج إلى صوت جميل فقط وإنما لإحساس أيضاً!

| هلا شكنتنا

خلال السنوات الماضية وخاصة في السنوات العشر الأولى من الألفية الحالية بدأت ملامح الدوبلاج الدرامي تظهر وتتبلور عبر الشاشات العربية، وخاصة من خلال المسلسلات التركية المدبلجة، والتي كانت اللهجة السورية جزءاً أساسياً منها ومازالت حتى يومنا هذا متربعة على عرش الأعمال الدرامية المدبلجة، ولاشك أن اللهجة السورية لها سحر خاص عند سماعها، كما أن الممثلين السوريين الذين عملوا في الدوبلاج استطاعوا أن يستثمروا أصواتهم ويجعلوها مناسبة للشخصية الدرامية التركية، وكأن الشخصية التي تظهر على الشاشة تحمل إحساس الصوت ذاته.

هذا ما تحتاج إليه

لكن يعتقد عدد كبير من الناس أن عملية الدوبلاج تبتعد عن العمل الفني وكأنها تخلو من أي فن، في إشارة إلى أنها لا تعدو كونها عملية ترجمة للنص الأصلي إلى لغة أخرى وإظهارها على الشاشة بلهجة ثانية، لكن في الحقيقة عملية الدوبلاج تحتاج للكثير من الفن والمهنية والخبرات المتراكمة لكي يستطيع الممثل المدبلج أن يظهر أحاسيسه بطريقة تتماشى مع انفعالات الممثل الذي يقوم بتأدية الشخصية الظاهرة على الشاشة.

تساؤلات حول الدوبلاج الدرامي؟

ولأن الدوبلاج من أهم أنواع الفنون التي تجمع بين الصوت والإحساس وطريقة التعبير من خلف المايك، أحبت «الوطن» أن تتعرف أكثر إلى طبيعة عمل الدوبلاج الدرامي وما صعوباته! وكيفية تحضير الممثلين لعملية الدوبلاج؟

الفكرة الأساسية للدوبلاج

وفي حديث خاص لـ«الوطن» مع الممثل «فراس فلاحة» الذي أوضح لنا في البداية عن طبيعة العمل في الدوبلاج، حقيقة كل ممثل يعمل بطريقة معينة، لكن الفكرة الأساسية في الدوبلاج أن الممثل يتابع الممثل الأصلي، حيث لا أستطيع أنا في أثناء دبلجتي لعمل ما أن أبتعد عن الممثل التركي على -سبيل المثال- الذي يظهر على الشاشة، ولا يمكنني من الأساس أن أقوم بخلق شخصية بعيدة عن الشخصية الظاهرة على الشاشة للمتابع، وسأتكلم عن نفسي عندما أكون في الاستديو وأنا منفعل مع انفعالات الشخصية، أشعر وكأنني أقدمها بشكل حقيقي ومرئي، حيث أعيش الحالة الدرامية ضمن الظروف التي توجد بها الشخصية التي أقوم بدبلجتها».

رأيان حول عمل الدوبلاج

كما أضاف فلاحة في حديثه، قائلاً: «يوجد هنالك رأيان، أولهما يقول بأنه يجب على الممثل أن يقوم بلحق الممثل، والثاني يقول بأنه يجب على الممثل أن يقوم بلحق الشخصية، وأعتقد أن الاعتقاد الثاني هو الأصح، وهذا ما سبب نقلة للدوبلاج السوري، حيث الأمر لم يقتصر فقط على اللهجة السورية التي تعتبر مميزة، لكن عمل الممثلين السوريين المدبلجين على فهم الشخصية التي يقومون بدبلجتها مثل ما فهمها الممثل التركي وهذا ما جعل الدوبلاج الدرامي في سورية عملاً مميزاً ومطلوباً».

جامع لكل الأصوات

وأنهى الممثل «فراس فلاحة» حديثه، حيث أكد بأن الدوبلاج جامع للأصوات، قائلاً: «الدوبلاج لا يحتاج لصوت جميل، بل يحتاج لإحساس وثقافة قادرة على إيصال الفكرة والانفعال، حقيقة الدوبلاج هو قادر على أن يجمع الأصوات كافة، لأنه في بعض الأحيان يوجد هنالك شخصيات تحتاج لأصوات منفرة أو ضخمة وشخصيات أخرى تحتاج لأصوات ناعمة، وهنا يكمن الإحساس بالدوبلاج من خلال قدرة الصوت على إيصال الإحساس للمشاهد».

لاختيار الممثل عدة معايير

وبالتواصل مع المشرف الفني في عمليات الدوبلاج «محمود مملوك» الذي أخبرنا عن المعايير المتبعة لاختيار الممثلين لدبلجة الأدوار الدرامية، قائلاً: «اختيار الممثل على عدة ركائز ومعايير وأهمها العمر الصوتي للشخصية والطبقة الصوتية المناسبة المراد بها تجسيد الشخصية، إضافة إلى كراكتر الممثل الأقرب إلى الواقع وتاريخ الشخصية المجسدة، فعلى سبيل المثال لا يمكن إعطاء صاحب صوت أجش وجهوري ليؤدي شخصية ضعيفة وانطوائية، بل يمكن إعطاؤه شخصية قوية أو شريرة وما إلى ذلك من أنماط الشخصيات والعكس صحيح، إضافة إلى مراعاة الفئة العمرية للشخصية وقدرة الممثل على العطاء بأدائه الصوتي بما يخدم الشخصية».

الموازنة بين الصوت والشاشة عملية صعبة

أما حول كيفية إتمام عملية الموازنة بين نبرة الصوت وانفعالات الشخصية على الشاشة، فأكد مملوك بحديثه قائلاً: «فن الدوبلاج هو أحد أصعب أنواع الفنون، إذ يتطلب جهداً وتركيزاً عالياً من ممثل ومخرج المادة لمطابقة الصوت مع الصورة بما تحمله من انفعالات حسية ومرئية، ولتسجيل جملة واحدة من السكريبت المعرب يتطلب مراعاة مفصلة ودقيقة للتوجه الحسي للجملة وشدة الصوت والحالة المصورة للنص».

صعوبات العمل في الدوبلاج

كما أنهى حديثه المعد «محمود مملوك» بالحديث عن صعوبات الدوبلاج، قائلاً: «إحدى صعوبات الدوبلاج هي ضيق وقت التنفيذ وما يحمل في طياته من ضغط نفسي وسط كل ما ذكر لإخراج مادة مدبلجة على القدر المطلوب من الجودة».

الإيقاع الخاص للشخصية

وبالتواصل مع الممثل «حمادة سليم» الذي تحدث لنا عن كيفية استخدام صوت الممثل في الأعمال المدبجلة، وما القواعد التي يتبعها في أثناء عمله في الدوبلاج الدارمي، قائلاً: «في البداية عندما آخذ أي شخصية أحاول أن أحصل على الإيقاع الخاص بها سواء كانت شخصية تتحدث بشكل سريع أم بشكل هادئ، وأتعامل معها على هذا الأساس والرتم الخاص بها، وبالتأكيد عملية الموازنة هي مهمة مشرف الصوت الذي يعمل على توليف موجة صوتية على صوت الشخصية التي سوف تظهر على الشاشة».

أعيش مع الشخصية بكل أحاسيسي

كما أضاف حمادة في أثناء حديثه، قائلاً: «أقوم بالتعرف إلى عوالم الشخصية وعما يتحدث العمل بشكل عام، وما بيئته لأن كل عمل له طريقة تعامل خاصة به، إضافة إلى أنني أعيش مع هذه الشخصية بكل أحاسيسي لكنني أقدمها من خلال صوتي، وهذا الأمر يعتمد على تكنينك الممثل والخبرة المتراكمة لديه في هذه المهنة».

لا توجد شخصية تشبه الأخرى

وأنهى حمادة سليم حديثه حول خبرة الممثل في عمل الدوبلاج، قائلاً: «لا توجد شخصية تشبه شخصية أخرى، ويجب على كل ممثل أن يكون له بديهة حاضرة وذهنية عالية ليكون قادراً على أن يتعامل مع النص والشاشة ومع حركة فم الممثل ومع ملاحظات المشرف وعوامل الأستديو البيئية بلحظة واحدة، وكل هذه العوامل تعتمد على خبرة الممثل وقوة إحساسه بإيصال الفكرة والحالة من خلال صوته».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن