اقتصاد العسل.. الأرباح ليست «حلوة» … نحّالون لـ«الوطن»: الأصلي غالي والرخيص مغشوش … قرنفلة لـ«الوطن»: الموسم الحالي لم يكن جيداً والنحل السوري «يتعب» أكثر من النحل الأميركي
| نوار هيفا
خلال الأشهر الماضية ارتفع سعر العسل إلى مستويات كبيرة، فوصل سعر كيلو العسل الجبلي في دمشق بين (150 – 250) ألف ليرة حسب نوعه، فيما وصل سعر كيلو العسل بشهده بين (75- 90) ألف ليرة سورية، علماً أن العسل الجبلي بشهده قد يرتفع سعره أحياناً ليصل إلى 100 ألف ليرة للكيلو.
نحالون بينوا لـ«الوطن» أن العسل الجبلي هو النوع الأكثر شهرة وطلباً، لكن ارتفاع سعره مؤخراً جعل الطلب عليه قليلاً، موضحين أن أنواع العسل المطلوبة هو العسل التجاري الذي تبدأ أسعاره من (60 – 90) ألف ليرة، وهو من الأنواع التي تعتمد على إطعام النحلة سكراً محلولاً بالماء ويكون هذا الصنف من العسل خالياً من الفوائد الطبية التي يبحث الناس عنها في العسل كمادة للشفاء.
وعن صعوبات العمل ضمن هذا القطاع، أكد محمد حسن العامل في مجال تربية النحل بمنطقة ريف حماة لـ«الوطن» أن القطاع يعاني من قلة اليد العاملة مع قلة الطلب وكثرة المعروض وانخفاض نسبة الأرباح، حيث لا يفضل الكثير من الناس العمل في المجال لساعات طويلة وبمخاطر جني العسل مقابل رافد مالي قليل، ويبلغ سعر خلية النحل بين 1.5 و3 ملايين ليرة حسب عدد النحلات فيها، التي يصل عددها بين 15 و30 ألف نحلة في الخلية الواحدة، ويختلف من مكان إلى آخر، إذ يرتبط بالمناخ ودرجة الحرارة ونسبة الأمطار سنوياً.
وأوضح حسن أن بعض النحالين يلجؤون لتشكيل خلايا من الشمع الصناعي بكلفة لا تتجاوز الـ750 ألف ليرة للخلية الواحدة، وهذا ينتج عسلاً رديئاً بمعظم أنواعه، مضيفاً: إن سعر ملكة النحل وحدها يصل إلى مليون ليرة.
خبير برامج وأبحاث النحل لدى المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة عبد الرحمن قرنفلة أوضح أن إنتاج العسل هذا العام لم يكن جيداً بسبب الظروف المناخية المتقلبة في العالم كله.
وبين في تصريح لـ«الوطن» أن سورية تتميز بتنوع مناطقها البيئية، والتي تشمل 5 مناطق مقسمة وفقاً لكميات هطل الأمطار، تسمى مناطق استقرار زراعي، وتختلف فيها أنواع النباتات فلكل منطقة إزهار، ومواسم الإزهار مستمرة على مدار العام وننتقل من موسم إلى آخر، والعسل مرتبط بهذه المواسم تطابقاً مع رحلة النحل بينها، والنحالين دائماً في ترحال مستمر.
إضافة لتنوع المناطق وغناها خاصة مناطق سلاسل القلمون في جبال لبنان، كمنطقة الزبداني التي تتميز بعسل الزلوع، أيضاً هناك صنف الجيجان والجبلي، فهذه المنطقة تتميز بنباتاتها البرية العضوية التي لا تخضع لأي تعامل بالمبيدات أو الرش أو التلوث البشري، فتكون طبيعية وتصنف بالمضمار الطبي أكثر منه بالغذائي لذلك تعتبر من أغلى أصناف العسل.
وأشار قرنفلة إلى أن ما يميز العسل السوري هو طبيعة عمل النحل فيها فعسل حب البركة مثلاُ لا يكون فقط بتناول النحلة عسل حب البركة، بل تكون نسبته مقسمة لـ80 بالمئة حب البركة و20 بالمئة رحيق منوع من نباتات أخرى فالنحل يدور على مدار 3 كيلو مترات عن الخلية، عكس أصناف العسل في البلدان الأخرى فمثلاً أميركا تكون وحيدة الزهرة فيكون فيها عسل من صنف واحد كعباد الشمس، وهو ما يجب استغلاله بالتصدير وتشكيل منافسة حقيقية فيه.
وعن صعوبات العمل في هذا القطاع بين قرنفلة أنه إضافة لتبدل الظروف المناخية التي أثرت في الإنتاج، كان هناك عائق في ضعف التعبئة والتغليف، وهو ما يقف عائقاً أمام التصدير، إضافة إلى عدم وجود معامل زجاج خاصة بتصنيع أصناف لجذب المستهلك، وارتفاع تكاليف تصنيعها والتي قد يصل سعر القالب الواحد فيها إلى 100 مليون ليرة أحياناً.
ولفت قرنفلة إلى أن الصعوبة الأخرى التي يعاني منها هذا القطاع هي الغش، فكلما ارتفع ثمن المنتج زادت حالات الغش فيه، والحل بتشديد الرقابة على المنتجات لاسيما أن النحالين في سورية مسجلون بنقابة المهندسين الزراعيين أو بلجنة النحالين باتحاد غرف الزراعة أو بالجمعية الفلاحية باتحاد الفلاحين، وسبق أن تم اقتراح وجود لصاقة ليزرية غير قابلة للتزوير، فالنحال المسجل يأخذ عينة من منتجاته ويتم اختبارها في الجمعية المنتسب لها ووضع هذه اللصاقة عليها لضمان جودة هذا المنتج.
وعن الترويج لمنتج العسل في سورية طالب قرنفلة بالتجديد في المهرجانات، وتطوير أفكار الترويج عبر كرنفالات وتجديد التصاميم الخاصة بالعسل أيضاً، إضافة لتعميم هذه المهرجانات في كل المحافظات وليس حصرها في دمشق، فالنحال يجد صعوبة بنقل جميع منتجاته للمشاركة في مهرجانات العسل في دمشق.