اقتصاد

تطوير عقاري «مكرسح»!

| هني الحمدان

سنوات مضت على صدور قوانين ونواظم حددت أسس ومرتكزات التطوير العقاري في سورية وأحدثت له مرجعيات وإدارات خاصة تمتاز بصلاحيات وتفويضات تعزز من إشاعة أجواء أكثر راحة أمام الاستثمار والتطوير في هذا القطاع الذي لا يزال يحظى بالعديد من الإشكالات، وعلى ما أظن فقد صدر القانون رقم 15 لعام 2008 الخاص بالتنظيم الجيد لفتح مجالات ومسارب للنهوض بالتطوير العقاري، حيث فتح الباب على مصراعيه أمام المطورين وأمام دخول شركات التطوير العقاري لتأخذ حصتها ونصيبها في مجال خصب.

ما حصل أن هناك ثغرات وإشكالات واجهت وما زالت تواجه أي انطلاقة حقيقية لحركة التطوير العقاري بشكل عام، منها ما يتعلق بالإحجام عن الاستثمار في هذا الحقل الطويل المردود والعائد، ومنها ما يتعلق بضبابية بعض إجراءات الجهات وتعقد حلقات الروتين ومسلسل المراسلات وغيرها، علماً أن المظلة القانونية كانت رحبة وفضفاضة، إلا أن التأخير دائماً يكمن في آليات التنفيذ والقصور في وضع تعليمات وطرائق لتطبيق النصوص القانونية الناظمة.

ماذا كانت حصيلة السنوات الماضية في حيز التطوير العقاري؟ وماذا طورت الجهات المعنية والمشرفة؟ وماذا تنفعنا كثرة أعداد الشركات المرخصة فقط مادامت لم تحرك ساكناً في إحداث مناطق عقارية متكاملة؟ هل استفادت تلك الشركات ببعض المزايا والقروض؟ وهل وجدت ضالتها بتلك المزايا البسيطة.. أم ماذا حصل.. ولم نلحظ أي تقدم يذكر في مجال التطوير العقاري؟

التطوير العقاري.. أداة استثمارية حاسمة للنهوض بالواقع الاستثماري، ومن هنا حرصت الحكومات على التعامل مع هذا القطاع وحاولت وضع أجواء مناسبة له من خلال إيجاد مرتكزات عمل، وصدرت العديد من القرارات إلا أن القصور استمر معششاً… والنتيجة بعيدة عن التطوير العقاري الصحيح!

وللأهمية البالغة في هذا القطاع صدر القانون 2 الخاص بإعادة تنظيم العمل بمجال التطوير والاستثمار العقاري ليكون أكثر انسجاماً ومع متطلبات الاستثمار عبر منح العديد من المحفزات الإضافية المشجعة للمطور والمستثمر العقاري.

واليوم تدرس وزارتا الأشغال العامة والإسكان والاقتصاد وضع تعليمات تنفيذية شاملة للقانون، ووضعه منسجماً أو تحت مظلة قانون الاستثمار النافذ.. لسنا بوارد الإشارة إلى التأخير في وضع التعليمات التنفيذية، وهي مشكلة تعاني منها جل النصوص القانونية التي تأتي دائماً قاصرة وربما محددة لبعض المواد الصريحة!

ما يهم هو وضع تعليمات تنفيذية شاملة للقانون ومنسجمة مع مزايا وبنود قانون الاستثمار علّها تكون حافزاً أمام حصول طفرة استثمارية عقارية.. والسؤال المتكرر: هل سنرى تعليمات من نوع آخر تفتح الباب واسعاً أمام المستثمر المحلي قبل الأجنبي؟ أم إننا سنضع بعض الأشخاص كبلاغات جامدة من النوع النمطي..؟

على الإدارات المختصة أن تعي جيداً أهمية القطاع وعدم ضياع سنوات وعقود جديدة، علها تضع حلولاً للعوائق الحقيقية التي تحول دون انخراط مجال التطوير العقاري في العملية الاستثمارية بالشكل المطلوب والمستهدف، وفيما إذا كانت هناك عقبات حقيقية أم خفية تجعل هذا القطاع يبقى «مكرسحاً» من دون حصول أي تقدم فيه!

فهل المشكلة في القيود القانونية والإجراءات التي تحدّ من الاستثمار..؟ أظن وأكاد أجزم بأن البيئة مناسبة والنصوص موجودة إلا أن مكمن الفشل يعشش في بعض الفتاوى من مدّعي وواضعي تعليمات قد تذهب بعيداً عن مفردات نصوص القوانين.. إضافة لعدم وضع برامج عمل من الوزارات والحكومة ومحاسبة لحالات التقصير.

جميل وضع تعليمات تنفيذية تنسجم مع مزايا قانون الاستثمار، لكن هناك متطلبات أخرى يجب البحث عنها جدياً، كي لا نبقى غارقين بدوامة إلقاء المسؤوليات على النصوص القانونية..! فتحسين بيئة العمل، وتبسيط الإجراءات، وتعزيز الشفافية والنزاهة، وتحفيز الابتكار والريادة، وكسب ود المطورين والشركات مسائل أساسية على الحكومة الأخذ بها والتعامل معها جيداً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن