اقتصاد

هل تتجه الحكومة لرفع الدعم نهائياً؟ وما البدائل؟ … أسد لـ«الوطن»: حجة الحكومة تقليص العجز المالي وهذه وجهة نظر أحادية الاتجاه

| جلنار العلي

بات متوقعاً لدى الكثير من الخبراء والمواطنين التوجه الحكومي نحو رفع الدعم الذي أصبح أساساً يقتصر على فئات محددة، وذلك من خلال عدة تصريحات وقرارات تم اتخاذها مؤخراً منها توسيع شريحة المستبعدين من الدعم، حيث تم استبعاد الآليات التي تتجاوز سعة محركاتها الـ1500 cc وتاريخ صنعها 2008 عدا الموظفين القائمين على رأس أعمالهم والمتقاعدين، واستبعاد الآليات التي تعود ملكيتها للشركات، فما صحة هذه التوقعات؟ وما هو تأثير رفع الدعم في حال كان ذلك صحيحاً؟

الخبير الاقتصادي الدكتور أيهم أسد رأى في تصريح لـ«الوطن»، أن هناك توجهاً واضحاً لدى الحكومة لرفع الدعم وتقليص الشرائح المستفيدة منه، وتعد هذه السياسة دائمة وستبقى الحكومة مستمرة بها، وذلك بحجة أن العجز المالي في الموازنة العامة للدولة لا يمكن تقليصه إلا بتقليص نفقات الدعم، باعتبار أنها تشكل نسبة كبيرة من النفقات العامة في الموازنة، مشيراً إلى أن الحكومة تقول منذ سنوات طويلة إنها ترفع الدعم لتخفيض عجز الموازنة ولكنه لم ينخفض، وإذا لم يتسع فهو ثابت على الأقل، وهذا مؤشر مهم أن مشكلة عجز الموازنة بنيوية ومرتبطة بمشاكل هيكلية في الاقتصاد السوري وفي حال لم يتم حلها فلن تصل الحكومة إلى تحقيق توازن بالموازنة العامة.

ولفت أسد إلى أنه حتى لو اتجهت الحكومة لرفع الدعم فإنها لن تسد العجز في ظل وجود ضعف بالتحصيل الضريبي وتحصيل الرسوم والإنتاج، وقلة التجارة الخارجية والتصدير وعدم تحسن سعر الصرف، معتقداً أن هذه المشاكل ستعمق الفجوة بشكل أكبر.

وفي السياق، اعتبر أسد أن وجهة النظر هذه التي تتحدث بها الحكومة تعد أحادية الاتجاه، على اعتبار أن معالجة عجز الموازنة العامة للدولة يحتاج إلى تطبيق مجموعة من الأدوات الأخرى، منها الإبقاء على الدعم وتخصيصه بشرائح معينة بشكل أكثر دقة، وزيادة الضرائب على المنتجين والشركات والبحث عن مصادر تمويل أخرى كوضع رسوم جمركية على بعض المواد المصنفة على أنها من الرفاهيات وليس على المواد الاستهلاكية، إضافة إلى دعم الإنتاج أولاً وأخيراً وتوسيع قاعدته، علماً أن ذلك يؤمن إيرادات كبيرة جداً للدولة، مشيراً إلى أهمية إعطاء أولوية للتجارة الخارجية من خلال زيادة الصادرات السورية وذلك لتأمين قطع أجنبي وضبط سعر الصرف، متابعاً: «إذاً، يجب ألا يكون قرار رفع الدعم باتجاه واحد فقط، وألا يتم تحميل كلفته لشرائح واسعة من المجتمع، إذ يجب توفير نظام حماية اجتماعية للفئات الفقيرة جداً، قد يكون على شكل تقديم سلع وخدمات صحية وتعليمية مجانية، أو اتباع نظام دعم نقدي مشروط من خلال تقديم دفعات نقدية للأسر الأكثر حاجة وفقراً وهشاشة بشرط أن تلتزم بمعايير صحية وتعليمية لها ولأولادها بشكل مناسب».

ومن جهة أخرى، لفت الخبير الاقتصادي إلى أن الحد الأدنى للرواتب والأجور بحسب المرسوم التشريعي الصادر بعام 2020 هو 92 ألف ليرة، وهذا يعني أن الحد الأدنى أقل من خط الفقر المعياري العالمي، وهذا يعد كارثة حقيقية على مستوى الأجور، مضيفاً: «ففي حال لم يكن لدى الحكومة حل لتصحيح العجز في الموازنة سوى مسار رفع الدعم عن بعض الشرائح، يجب أن تكون هناك إجراءات موازية حكماً، أقلها تعديل الحد الأدنى للرواتب والأجور للشرائح الاجتماعية الباقية ليكون أعلى بكثير من الحد الحالي، وربطه بالحد الأدنى لتكاليف المعيشة أو خط الفقر الوطني، إضافة إلى ضرورة السيطرة على سعر الصرف ضمن الاقتصاد السوري والضغط عليه باتجاه تخفيضه أو تثبيته على المدى الطويل».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن