جميع أعماله تتناول الموروث الشعبي … محمد غناش.. التصقت لوحاته بما حوله من موضوعات شعبية
| وائل العدس
غيب الموت الفنان التشكيلي محمد غناش تاركاً إرثاً فنياً عبّر فيه عن مكنوناته وتصوراته بمختلف الألوان، إضافة إلى تميزه بشكل أكبر في نقل البيئة الفراتية إلى العالم بأسلوبه الفني المبتكر.
عكست أعماله تجربته الخاصة بالحياة مع فنه وحياته القريبة من نماذجه التي زرعها في لوحاته وأعماله، حيث مع فرشاته تجد عشقه على الحياة القائمة منذ القديم على ضفاف النهر والبادية.
التصقت لوحاته بما حوله من موضوعات شعبية في فن شعبي وأسلوب واقعي استمده من روح العادات والتقاليد المحافظة لصياغة فن محلي أصيل.
يسبح في جو شاعري قديم، وحركة يده تعزف الأنغام البدوية احتفاءً بالتوتر واللون، وجو لوحته تركب المساحات البيضاء مباشرة في معالجة صحراوية صافية، ما يعطى للوحة برودة دائمة وكثرة في التماسك والتكوين.
معارض وتكريمات
الفنان الراحل من مواليد دير الزور عام 1952، وهو خريج كلية الفنون الجميلة بدمشق، وعضو اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية وعضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب.
شارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل سورية وخارجها، وبلغت معارضه الفردية ما يقرب 65 معرِضاً، ومعارضه الجماعية نحو 50 معرضاً، ويبلغ عدد لوحاته نحو 1700 لوحة زيتية و400 عمل فني يصور التراث الشعبي بمنطقة الفرات.
كان غناش رئيساً للمركز الثقافي في الميادين، وحصل على الدرع الذهبي من جامعة العين بالإمارات العربية المتحدة ودرع الرحبة من جمعية العاديات بالميادين وحاز الدرع الذهبية في معرض المقاومة في بيروت، ونال عدة شهادات تقديرية، وله عدة مشاركات بمعارض جماعية في فرنسا وروسيا وألمانيا، وله كتاب بعنوان «الفن والموروث الشعبي في منطقة الفرات».
شارك في الندوة الدولية لتاريخ العلوم عند العرب في دير الزور والندوة الدولية لإحياء التراث عند العرب في جامعة حلب.
أعماله مقتناة في سورية وعدد من الدول العربية والأجنبية.
منذ الصغر
في أثناء دراسته الابتدائية حيث كانت موهبته في مجال الرسم الشغل الشاغل في تفكيره عندما كانت تلك الموهبة ترى الرعاية والاهتمام من الذين يرون رسوماته المخطوطة على أوراق دفتر الرسم متجاوزاً كل حدود المألوف في الواقع الاجتماعي والإنساني آنذاك.
كان لبعض المدرسين فضل من خلال تشجيعهم المباشر لأعماله الفنية، حيث تكونت لديه شخصية تتفوق على تلك المدلولات التي تنبع من إحساس مرهف وخطوط تجاوزت كل الصعوبات.
اطلاعه على المدارس الفنية كوّن له حافزاً أكثر وعياً لمدلولات ومكنونات اللوحة الفنية البيضاء راسماً على صفحتها الألوان الدافئة والحنونة لبيئة نشأ وترعرع فيها.
وخلال دراسته في المرحلة الجامعية بكلية الفنون الجميلة في دمشق اطّلع أكثر ورسم الموضوعات التي لا تختفي من مخيلته عن بيئته وتراثه الذي يرافقه بكل حنان على صفحة اللوحة البيضاء، والتي تكونت لديه من خلال المدارس الفنية التي درسها.
المدرسة الواقعية
ينتمي إلى المدرسة الواقعية التعبيرية التي تتجلى برسم الواقع الذي يعيش فيه بصدق وأمانة متجاوزاً كل ما هو سلبي، راسماً كل مواضيعه التي تبحث عن الإيجابية في تلك البيئة الجميلة الرائعة بعيداً عن التعصب.
وهناك العديد من الأمور يضعها في اعتباره عند القيام برسم العمل الفني، منها البيئة التي يعيش فيها والبيوت التي يسكن بداخلها والأشخاص الذين يتعامل معهم وموقع الشمس بالنسبة لطبيعة البيئة الموجود فيها، فهذه الأمور مجتمعة هي التي يعمل من خلالها لإبراز عمله الفني ضمن إطار اللوحة البيضاء.
أما الأسلوب الذي يستخدمه في صياغة العمل الفني فهو أسلوب السهل الممتنع، أي عند دراسته للعمل الفني يقوم بوضع اللوحة وتحديد الأبعاد والتكوين المراد رسمه من خلال ذلك الموضوع المراد، وجميع أعماله تتناول الموروث الشعبي، أي إنه يقوم برسم الموجودات من لباس وحلي وأزياء تعايش معها زمناً طويلاً، ووضع تلك المكنونات والدلائل على اللوحة من خلال الخطوط والألوان التي تُبرز بوضوح ضمن اللوحة، ما يجعل اللوحة تتناغم بموسيقا بصرية جميلة تتراءى للمتلقي بحس جمالي من دون تشويش للعين في أثناء مشاهدة اللوحة الفنية، حيث تدخل إلى قلب المتلقي بكل يسر ودفء.