ثقافة وفن

الحركة النسوية من مطلع النهضة أين وصلت؟ … قاسم أمين: الشريعة تعترف لها في تدبير شؤونها المعيشية بكفاءة مساوية لكفاءة الرجل

| آلاء الخطيب

تحرير المرأة في المجتمعات فكرة قديمة جداً بدأت مع تثقل المجتمعات الفاعلة، وقد أخذت المرأة أولوية على جميع الصعد منذ القدم حتى الأديان أولتها أهمية خاصة واعتبرتها جزءاً مهماً في تكوين المجتمع ووصولاً إلى العصر الحديث.

فكان لكل وقت من الأوقات هناك من يدعو لمناصفة المرأة المجتمع فظهرت حركة الرواد الأوائل مثل جمال الدين الأفغاني «1838-1897م».

ومحمد عبدو «1849-1905م» إلى قاسم أمين الذي يعد رائد تحرير المرأة في العصر الحديث وواحداً من النسويين الأوائل في العالم العربي.

قاسم أمين مثالاً

قاسم أمين «1863-1908م» فيلسوف مصري ومصلح اجتماعي وقاض ومن الطبقة الأرستقراطية في مصر وشخصية مركزية في حركة النهضة العربية.

ولد قاسم أمين لأب تركي عثماني من الطبقة الحاكمة ولأم مصرية من الطبقة الوسطى، ومنبته هذا جعل حياته محمية بين النخب السياسية والأثرياء في مصر وحصل على شهادة في القانون من المدرسة الخديوية ومنحة حكومية لمواصلة التعليم في جامعة بفرنسا.

في عام 1885 أصبح قاسم أمين واحداً من موظفي الامبراطورية البريطانية، وتم تعيينه قاضياً في المحاكم المختلطة المشبعة بالنفوذ الغربي الأجنبي، واستطاع قاسم أمين أن يشغل منصباً ناجحاً في هذا القضاء شافاً عن فهم عميق لقضايا التشريع، واستند في أحكامه إلى منطق سليم وخاص بالمجتمع المصري والعربي عموماً.

أمين والقضاء

فتم اختياره على أثر ذلك كواحد من القضاة المختصين بالقضايا القومية، فكان رئيس محكمة الاستئناف القومية بالقاهرة إضافة إلى تعيينه أميناً عاماً ومن ثم نائب رئيس لجامعة القاهرة.

وأصدر كتابه الأول «المصريون» في عام 1894 وكان كرد فعل على انتقادات الدوق كارتور الشديدة لحياة المرآة المصرية وقال فيه: «إن المرأة الأوروبية متحررة بشكل سيئ وغالباً الحرية تنتهي بفقدان المرأة لعفتها وتفريط الرجل بعرضه» وكان مدافعاً عن الحجاب ومؤيداً لتعدد الزوجات والحق المطلق للرجل في الطلاق وملكية المرأة والكثير من الأفكار الذكورية، رغم سفره واطلاعه على باقي الثقافات وخاصة فيما يخص المرأة وتحررها ورؤيته للفرق الثقافي والاجتماعي بين أوروبا وبلاد الشرق.

بداية التحرر

وبعدها تغيرت أفكاره بشكل جذري فأصبحت أكثر تحرراً، وخالف كتابه الأول بكتاب جديد «تحرير المرأة» عام 1899 حيث أثار ضجة كبيرة وقت ظهوره ليس فقط في أوساط المثقفين وإنما بين عامة الناس نظراً لتناول الكتاب موضوع المرأة بصورة غير مألوفة لما كانت عليه الأدبيات الاجتماعية المصرية السائدة، حيث حاول قاسم أمين أن يلفت النظر إلى الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تعيشها المرأة المصرية آنذاك فكان كتابه عبارة عن أربعة فصول يتحدث عن تربية المرأة وحجابها وعلاقة المرأة بالأمة والفصل الأخير عن المرأة والعائلة «سبق الشرع الإسلامي كل شريعة سواه في تقرير مساواة المرأة للرجل: فأعلن حريتها واستقلالها يوم كانت في حضيض الانحطاط عند جميع الأمم وخوّلها كل حقوق الإنسان واعتبر لها كفاءة شرعية لا تنقص عن كفاءة الرجل في جميع الأحوال المدنية من بيع وشراء وهبة ووصية من غير أن يتوقف تصرفها على إذن أبيها أو زوجها وهذه الميزات التي لم تصل إلى اكتسابها، حتى الآن بعض النساء الغربيات كلهن يشهدن أن من أصول الشريعة السمحاء احترام المرأة والتسوية بينها وبين الرجل.

آراؤه الأخيرة

انتقد أمين في كتابه تعدد الزوجات ورأى انه لابد من تقييده وتنظيمه بالقانون ورفض أن يمتلك الرجل حق الطلاق بالمطلق ويجب تربية الأنثى كما يتربى أخوها واعتبر انه من احتقار المرأة تعيين الرجل محافظاً على عرضها ومراقباً لها وأن يسجنها في منزل ليفتخر أنها لا تخرج منه إلا محمولة على النعش إلى القبر واعتباره لها ليست محلاً للثقة والأمانة.

أما كتابه الثالث والأخير فأصدره بسنة 1900 بعنوان: «المرأة الجديدة» حيث يقصد بهذا العنوان المرأة التي بدأت تلعب دوراً اجتماعياً وثقافياً رئيسياً في مجتمعها ودولتها بعدما كانت مهمشة ومقصية ويعتبر كتابه المرأة الجديدة ثمرة من ثمرات التمدن الحديث بدأ ظهورها في الغرب على أثر الاكتشافات العلمية التي خلصت العقل الإنساني من الأوهام والظنون والخرافات وسلمته قيادة نفسه ورسمت له الطريق التي يجب أن يسلكها حيث أخذ العلم يبحث في كل شيء وينتقد الآراء.

وكان متحرراً أكثر، ودعا للتخلي عن الحجاب ورفضه كرمز لسلطة الرجل على المرأة فكتب: «لو لم يكن في الحجاب عيب إلا أنه مناف للحرية الإنسانية وأنه صائر بالمرأة إلى حيث يستحيل عليها أن تتمتع بالحقوق التي خولتها لها الشريعة الغراء والقوانين الوضعية في حكم القاصر لا تستطيع أن تباشر عملاً ما بنفسها مع أن الشرع يعترف لها في تدبير شؤونها المعيشية بكفاءة مساوية لكفاءة الرجل وجعلها سجينة مع أن القانون يعتبر لها من الحرية ما يعتبره للرجل لو لم يكن في الحجاب إلا هذا العيب لكفى وحده في مقته وفي أن ينفر منه كل طبع غرز فيه الميل إلى احترام الحقوق والشعور بلذة الحرية».

حفزت دعوته لحقوق أكبر للمرأة النقاش حول قضايا المرأة في العالم العربي لأنه يعتقد بأن المرأة العامود الفقري لشعب قومي فيجب تغيير أدوارها بشكل جذري لتحسين الأمة.

وفي استعراض لشهادات من بعض المثقفين كان هناك رأي للكاتب عثمان جحى حيث قال: إن النسوية فكرة متجدد وقابلة للتطبيق وقد باتت اليوم من أولويات المجتمعات التي تتجه نحو الانفتاح كما حصل في بعض المجتمعات العربية حديثاً والمرأة هي نصف المجتمع الأكثر فاعلية تربي وتعلم إضافة إلى عملها الخاص وأن تحرر المرأة ضرورة مجتمعية كما رأى ذلك قاسم أمين في مطلع العصر الحديث حيث استفيد من أفكاره وكتبه في معالجة جملة قضايا تخص المرأة.

أما الإعلامية السورية إنصاف سليطين فتخبرنا أن مجتمعنا ما زالت تحكمه النظرة الذكورية والوضع الاقتصادي الصعب في هذه الفترة جعل المرأة غير قادرة على تأمين احتياجاتها وتضرر الكثير من النساء اقتصادياً فما عدن قادرات على لعب الدور المطلوب منهن والمجتمع بحاجة لدورهن في التربية والعمل وقيادة العمل وأن يكن مؤثرات في مكافحة التمييز ضد النساء فنحن بحاجة لهن للنظر في وضع المرأة اقتصادياً وإيجاد فرص عمل لها وتحقيق تكافؤ بين الرجال والنساء فالكثير من النساء معيلات بعد الحرب وأصبحت الأعباء مركبة وصعبة ما يؤثر في قدرتهن ونظرتهن إلى أنفسهن ولدور المرأة وتحررها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن