ثقافة وفن

جمال في التقنيات والروح في «أدهم إسماعيل» … وزيرة الثقافة: المعرض متميز بأساتذته وإدارته والإمكانات التي توافرت له

| مصعب أيوب- ت- طارق السعدوني

الفن هو لغة الجمال والروح، يصور ما يجول في صدورنا ويرسم أبعاداً لا حدود لها، ولذلك تعنى وزارة الثقافة بهذا القطاع وتوليه أهمية كبيرة، حيث أقيم مساء الأحد برعاية وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح معرض فني لخريجي معهد أدهم إسماعيل ضم لوحات لطلاب خريجين وأساتذة في المعهد تجلت فيها معظم مفاصل الحياة ومزجت بين الحزن والفرح والجوع والصمود والقوة والرضوخ لتشكل نسيجاً مميزاً بين الواقع والخيال.

سنوات من الخبرة

في تصريح لوزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح قالت: مركز أدهم إسماعيل له أهمية كبيرة في الفن التشكيلي فهو أصبح ذائع الصيت في كل أنحاء سورية، سنوات كثيرة من الخبرة والتفاني في خدمة كل من لديه شغف تعلم الرسم لمختلف الأعمار بداية من سن الـ17، وبعد عدة دورات للبالغين يخرج المعهد فنانين وتشكيليين يثبتون جدارتهم سواءً في تعليم الفن التشكيلي أو في ممارسة هذا الفن الرفيع.

وأكدت أن المعرض يكون عادةً للطلاب الخريجين على حين أنه يحتضن اليوم قاعة خاصة للأساتذة الذين تخرجوا من المعهد في وقت سابق، وبينت أنه من الملاحظ أن لديهم قفزة نوعية في الأسلوب الذي اعتادوه في المعهد وهو الأسلوب التقليدي أو الكلاسيكي وانتقلوا نوعياً إلى الأسلوب التجريدي وإلى الرمزية وبالتالي فإن المعهد لا يقولب الطلاب وإنما يفتح لهم نوافذ إبداعية جديدة.

وأوضحت مشوّح: إن المعرض متميز بأساتذته وإدارته والإمكانات التي توافرت له، ونوهت في معرض حديثها أن بعض خريجي المعهد ينطلق نحو الاحتراف والبعض الآخر يبقى في حيز الهواية والبعض منهم ينتقل أيضاً لينخرط في ميدان التعليم الأكاديمي من خلال التدريس في الكليات الجامعية وكليات الفنون الجميلة، وتمنت مشوح المزيد من النجاح والتألق لمعهد أدهم إسماعيل ولخريجيه وطلابه دوام الشغف لهذا الفن الراقي الذي يعد أداة تعبيرية حضارية جداً وبعيدة عن الصخب والمباشرة لأنها أداة تحاكي الذوق والفكر والعقل والقلب.

وشددت مشوّح أنه لا بد من استثمار قدرات الطلاب الذين يرغبون بولوج هذا الباب بمزيد من التدريب لأن هذا السبيل الوحيد كي تثبت أقدامهم على طريق الفن والمعهد لم يقصر في تقديم التسهيلات وتمهيد الطريق أمام الراغبين.

تراجيديا الأرض

النحات والمدرس في المعهد وسيم كل أوضح لـ«الوطن»: أن المعرض يضم لوحات لخريجين أنهوا مرحلة دراسة استمرت سنتين ونصف السنة مؤكداً أن مشاركته في المعرض تجسدت في ثلاث لوحات مستخدماً فيها ألواناً زيتية على القماش تحمل عنوان (تراجيديا الأرض) فهي دراما توحي بالفعل ورده تمثل الواقع القاسي والمرير كما تفعل الحرب من عنف.

وأشار كل إلى أن لوحاته تنتمي إلى المدرسة الرمزية حيث يستخدم عادةً عظم البشر مع عظم البقر، فتمثل اللوحة الأولى رد فعل النساء وهي تتربع وسط تجمع للعظام في موقف يرمز إلى معاناتهم وتضحيتهم أثناء الحروب ومحاولاتهن المستمرة لتنظيف أثر الموت وأما عن الوجوه في الخلفية فهي تمثل الثكالى الذين أضنتهم حالات الفقد والموت والهجر.

وعن لوحته الثانية يقول كل: هي رد فعل المجتمع بين الجوع والفقر والفجع والتآكل وفيها ما يرمز إلى أن الأرض تفقد ثرواتها.

ويتجلى عنفوان الرجال في اللوحة الثالثة محاولاً أن يقاوم مرار الأيام بصلابته وقوته فتتجسد مشاعر الغضب والرفض في حركات يديه ونظرات عينيه رغم القيود.

القولبة الاجتماعية

المشاركة علياء الراعي تحدثت لـ«الوطن» عن فكرة مشروعها قائلة: لوحاتي تتناول مشكلة القولبة الاجتماعية وأنا أحاول تجاوز هذه القولبة ببعض التعابير الرمزية، فمن غير الملائم أن يضطر أحدنا لتقبل قواعد والتزامات ربما لا تتوافق مع طباعه وأهوائه ولا بد من الإشارة إلى أن الحياة جميلة عندما نحياها من دون خوف أو قلق لما يعجب العامة أو لا يعجبهم أو نضطر لتبرير ما نحب أو نكره ولماذا؟

وأكدت الراعي أنه لا شيء يمنع تمتع الفرد بكل مفاصل الحياة طالما أنه راضٍ عن نفسه بعيداً عن ضوابط الحياة أو ما يأسر حريته ويقف عائقاً دون وصوله للراحة المنشودة وهو ما ركزت عليه في لوحاته الثلاث التي تجلت المرأة ومعاناتها وهمومها فيها جميعها.

علاقة الأم والابن

سالي بكري خريجة أدب إنكليزي وإحدى الخريجات في دفعة المعهد مشاركة بثلاث لوحات تتمحور حول علاقة الأم بولدها فتصور لوحاتها العلاقة الودية والأبدية بينهما فتتمتع الأم بالحكمة وتقدم الغالي والنفيس لأبنائها وكذلك الحماية والأمان والنموذج الإنساني الأخلاقي الأعلى وهي تعزز الإلهام عند ولدها وتزرع فيه القيم النبيلة ليصبح إنساناً ناجحاً ويصل إلى الأفضل.

وتشير بكري إلى أنها صورت في لوحاتها جيل الطفولة وجيل الصبا وكذلك الكهولة، وأكدت أن الرسم هواية ممتعة ترافقها منذ الطفولة لكن لسبب ما لم يتسن لها أن تكون مشاركة في معارض مهمة أو تنتسب لأحد أهم المؤسسات التي تعنى بهذا المجال.

ذكرى خالدة

ملك مرزة خريجة تجارة واقتصاد ولكن شغفها بالرسم جعلها ملاصقة له واختارت أن تنضم للمعهد وتكون إحدى المشاركات وقد أعربت عن سعادتها الشديدة بما أنجزته مؤكدةً أنه يجب على الفرد ألا يكتفي من التعلم وممارسة الهوايات واكتشاف كل جديد.

وعن لوحاتها تقول مرزة: أحببت أن أسلط الضوء في لوحاتي على الأجيال المتعاقبة من الشركس والتي حافظت على عادات الجيل القديم وتقاليده باعتبارها الموروث الشعبي الأهم بالنسبة لهم فهو يحفظ حضارتهم وثقافتهم المتنوعة.

وأشارت إلى أن إحدى لوحاتها تتجسد فيها صورة لآلة موسيقية وهي (الأوكورديون) كانت تعزف عليها والدتها وهي أحبت أن تخلد ذكراها من خلال هذه اللوحة، كما ترمز اللوحة الثانية إلى الأواني والمعدات التي كان يستخدمها الشراكس في مناسباتهم الرسمية وأفراحهم حيث كانت تستخدم لتقديم الحلوى وتوزيع المأكولات على الزوار والضيوف.

آفاق الجمال

المشاركة وفاء المسوتي تعتبر أن لغات البرمجة تندرج تحت المعادلات الرياضية وتنحصر في الإجابات نعم أو لا، على حين أن الفن يغني النفس بما يحمله من آفاق ممتدة من الجمال، فنستطيع بواسطته تجسيد كل ما يدور في مخيلتنا وأفراحنا وآلامنا وآمالنا.

وتؤكد المسوتي أنها استلهمت موضوعات لوحاتها من حياتها الواقعية وما يتعلق بشؤون الناس العامة، حيث تجسد في إحداها صورة عامل النظافة الذي فيه من القوة والإباء والجبروت الشيء الكثير رغم أنه فقد أحد أطرافه إلا أنه لا يتوقف عن العمل ويظهر بوجه بشوش محب للحياة بعيداً عن الألم والبؤس، كما رمزت في لوحة أخرى امرأة تقود دراجة هوائية مشيرةً إلى أنها تستخدمها في تنقلاتها اليومية وهي تسعى لنشر هذه الثقافة للحفاظ على بيئة نظيفة وأيضاً بسبب أزمة المواصلات العامة الخانقة فهي وسيلة ناجعة على حد تعبيرها، وأوضحت أنها تلقى إعجاباً وتأييداً كبيراً بسبب استخدامها لكسر الصورة النمطية للمرأة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن