شؤون محلية

مئات طلبات الاستقالة من معلمين ومستخدمين … موجه تربوي: ضعف الرواتب يفرغ المدارس الحكومية من المدرسين لحساب القطاع الخاص

| السويداء -عبير صيموعة

تفاقمت معاناة المعلمين ممن جرى تكليفهم بعمليات التصحيح ضمن المراكز الامتحانية في السويداء من جراء عدم تخصيص الكثير منهم بوسائل للنقل تضمن تنقلهم من قراهم إلى مراكز التصحيح في المدينة مع عجزهم عن دفع الأجور التي تصل يومياً إلى 3 و4 آلاف ذهاباً وإياباً.

وأكد عدد منهم أن التزامهم بعمليات التصحيح تلك إنما هو من منطلق أخلاقي لرسالتهم التربوية السامية وإلا فإن الأجور والتعويضات مهما كانت مبالغها فإنها لا تعطي المعلم تعبه موازاة بتكاليف النقل.

وكشف أحد الموجهين التربويين من أصحاب الاختصاص ممن التقتهم «الوطن» في الشؤون القانونية في مديرية التربية بالسويداء أنه وأمام أجور النقل المرتفعة وتدني الرواتب والحوافز فإن كثيراً من الموجهين والمدرسين قاموا بتقديم استقالاتهم مسبقاً وينتظرون الحصول على قرار الموافقة، موضحاً أنه واحد من سبعة موجهين تقدموا مؤخراً بطلبات الاستقالة خلال الشهر الحالي.. وأضاف: بعد خدمة 28 عاماً بين التدريس والتوجيه بات عاجزاً عن دفع تكاليف الوصول إلى المراكز الامتحانية أو التنقل فيما بينها، مشيراً إلى أن تلويح وزير التربية ضمن قراراه الأخير بأن من لا يلتحق بالمراكز الامتحانية سواء بالمراقبة أم التصحيح فلن يحصل على أجره مع اعتبار هذه الفترة إجازة بلا راتب هو في حقيقته لا يعتبر خسارة للمعلم لأن عدم الحصول على الراتب أو الحصول عليه لتلك الفترة واحد لأن المعلم في حال استلم راتبه فسيذهب أجوراً للتنقلات.

بينما أكد عدد غير قليل من المدرسين أن قرا ر الوزير بمنع الاستقالات إلا بشروط ما هو إلا ظلم للمعلم وإهانة للعملية التربوية خاصة أنه ضمن الظروف الاقتصادية الخانقة فإن كثيراً من المعلمين باتوا عاجزين تماماً عن إكمال تدريس أبنائهم في الجامعات الحكومية رغم تفوقهم لعدم قدرتهم على تأمين متطلباتهم من تنقلات وأدوات تعليم، فضلاً عن المأكل والمشرب، مؤكدين أنهم ضمن هذه الظروف يكونون أمام إما إنصاف المعلمين وتحسين أوضاعهم المعيشية والرواتب أو السماح لهم بإنهاء خدماتهم ضمن القطاع التربوي بطريقة تليق بقداسة مهنتهم.

رئيس دائرة الامتحانات في مديرية التربية باسل مرشد أوضح لـ«الوطن» أن عمليات التصحيح في المراكز الخمسة في المحافظة تسير بدقة والتزام من جميع المعلمين ولم يتم تسجيل غياب إلا لبعض المعلمين الموجودين بقرى بعيدة عن المدينة ولأيام محددة فقط لعدم قدرة الدائرة على تأمين النقل لجميع المعلمين إلا ضمن منطقتي صلخد وشهبا، علماً أنه يتم السعي لمحاولة تأمين النقل على عدد من الخطوط في القادم من الأيام، مشيراً إلى أنه تم الانتهاء من تصحيح مادة الاجتماعيات لشهادة التعليم الأساسي.

بدورها رئيسة الشؤون القانونية في مديرية التربية بالسويداء أماني العريضة لم تنف لـ«الوطن» وجود المئات من طلبات الاستقالات ضمن القطاع التربوي من موجهين ومدرسين وحتى مستخدمين، وأن طلبات الاستقالة وإنهاء الخدمة للمعلمين ازدادت بوتيرة ملحوظة منذ بداية العام الدراسي الحالي، موضحة أنه تمت الموافقة على أكثر من 300 استقالة من تلك الطلبات منها 70 استقالة تقاعد وإنهاء خدمة وعشرات الطلبات التي تصنف بحكم المستقيل وهي لمدرسين معظمهم ممن قدموا إجازات أو طلبات استيداع خارج القطر وانتهت الفترة المطلوبة ولم يعودوا على رأس عملهم ومنهم من تقدم بطلب الاستقالة ولم يحصل على الموافقة وانقطع عن العمل التدريسي أو الإداري لأكثر من 15 يوماً متواصلاً أو 30 يوماً متقطعة.

بينما أشار أحد الموجهين التربويين لـ«الوطن» (الذي اعتبر نفسه وعلى حد قوله بحكم المستقيل) لأنه لم يحصل على قرار الاستقالة لكنه انقطع عن العمل التربوي إلى أن إبقاء القطاع التربوي ضمن هذه الآلية والذهنية في التعاطي من أصحاب القرار كان أهم الأسباب التي أدت إلى التقدم بالاستقالات والبحث عن فرص عمل مجدية مادياً، إضافة إلى التوجه إلى التعليم في القطاع الخاص خاصة أن الرواتب والأجور تبدأ ضمن المدارس الافتراضية من 400 ألف ليرة وصولاً إلى راتب مليون ليرة، مشيراً إلى وجود 13 مدرسة افتراضية ومدرستين قيد الترخيص على ساحة المحافظة.

ورأى أن هذه المدارس كانت كفيلة بتوجه معظم المدرسين وخاصة أصحاب الاختصاصات العلمية إليها، الأمر الذي جعل من مدارسنا الحكومية الخاسر الأكبر بعد فقدانها تلك الكوادر، فضلاً عن خسارة التلاميذ لتلك الكوادر بعد إفراغها من القطاع العام لمصلحة الخاص، الأمر الذي يؤكد بالضرورة أن العملية التربوية تتجه إلى الخصخصة وإن لم تتم إعادة النظر بالقرارات التي يتم اتخاذها، إضافة إلى اتخاذ القرارات التي ترفع وتحسن من واقع التعليم والمعلم فإن النتيجة كارثية ضمن التعليم الحكومي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن