في أحد الأيام، أعتقد أننا سنكون قادرين بمجرد الضغط على زر والقول: « ضع ست غرسات في الفك السفلي»، وسيقوم برنامج الذكاء الاصطناعي بوضعهم في المواضع الصحيحة وبزوايا مناسبة لدعم التعويض Prosthesis.
ما كان في يوم من الأيام تقنية تم تحويلها إلى روبوتات متقدمة تم تصويرها في أفلام الخيال العلمي يتم استخدامه الآن في جميع أنواع المهام في المهنة، من تشخيص نخر الأسنان وتخطيط العلاج إلى تحسين تقنيات تنظيف الأسنان بالفرشاة، وهذا غيض من فيض.
أداة وليست بديلاً للبشر
تمت صياغة مصطلح «الذكاء الاصطناعي» في الخمسينيات من القرن الماضي، وهو يشير إلى تطوير آلات قادرة على أداء المهام التي كانت تتطلب في السابق مشاركة بشرية، والذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence لا يخبرنا بما يجب أن نفعله ؛ بل يقول: مهلاً، هذا ما قد لا تراه، يرجى إلقاء نظرة عليه، يمكن أن يساعدنا هذا التناسق Consistency في إبقائنا على المسار الصحيح ونصبح أفضل فيما نقوم به.
حدثت تطورات هائلة في الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات الفرعية لطب الأسنان، على سبيل المثال، تكتسب البروتوكولات الروبوتية لتخطيط الزرع Implant Planning وغرسها والمعالجة اللبية القنيوية للأسنان Root Canal زخماً.
يستخدم الذكاء الاصطناعي أيضاً لتحسين التصوير الشعاعي Radiography، بمثل هذه الأساليب تصبح لدينا القدرة على تعزيز الكفاءة والدقة التشخيصية والعلاجية.
إضافة إلى ذلك، يتم تطبيق الذكاء الاصطناعي على تحليل قياس الرأسCephalometric Analysis فعندما يتم إجراؤه بشكل تقليدي فهذه مهمة يدوية شاقة ولكن الآن يمكن إنجازها في غضون ثوان قليلة.
دعم التشخيص
في طب الأسنان، هناك قول مأثور مفاده أنه إذا عرضت الصور الشعاعية نفسها على قارئين مختلفين، فستحصل على تفسرين مختلفين.
يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في جعل المعطيات الشعاعية Radiographic Interpretationsلأطباء الأسنان أكثر دقة واتساقًا وموضوعية، بما يشمل الكشف المبكر عن النخر السني وتقدير كمية العظم.
إضافة إلى اكتشاف النخر تحدد تقنية Detect AI أيضاً الحالات المعرضة لخطر الإصابة بالنخر مثل الترميمات غير المنطبقة Overhanging وقد تمت الموافقة عليه حالياً من إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) لتحليل الصور المجنحة Bitewing للمرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 22 عاماً وما فوق.
تصميم الابتسامة والترميم
تتضمن بعض العروض الآن ميزات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمساعدة الأطباء، وتصميم الابتسامة ليس استثناءً. بالنسبة لـ CharisideCAD 3.0 والإصدارات الأحدث من exocad، تم تحديث Smile Creator لتمكين الاكتشاف المستند إلى الذكاء الاصطناعي لميزات الوجه، والذي يعمل على أتمتة عملية تصميم الابتسامة ويساعد الأطباء على الوصول إلى المقترحات التجميلية بشكل أسرع.
يتم تمكين تصميم الترميمات النهائية بوساطة الذكاء الاصطناعي أيضاً، باستخدام 3Shape Automate، يمكن للأطباء تحميل الحالات وتحديد معايير التصميم، ثم توفر تقنية الذكاء الاصطناعي المتقدمة للمنصة تصميمات لعمليات الترميم النهائية الفردية والمتعددة وكذلك الواقيات الليلية Nightguards.
يُمنح الأطباء الذين يستخدمون نظام 3Shape Dental System فرصة تعديل التصميمات وتعديلها قبل قبول الملفات وتنزيلها.
إضافة إلى أنه شق طريقه في الممارسة الحديثة، يجد الذكاء الاصطناعي طريقه أيضاً إلى مناهج كليات طب الأسنان وفي تثقيف المرضى.
في ربيع عام 2021، أصبحت جامعة نيويورك ثالثة كلية طب أسنان في الولايات المتحدة تحصل على نظام آلي لجراحة زراعة الأسنان، حيث تم تطوير الجهاز الجراحي بمساعدة الروبوت Yomi@، وبعد مرور عام، أصبحت جامعة نيويورك أول كلية طب أسنان في الولايات المتحدة تجري جراحة زرع أسنان بقيادة الطلاب باستخدام Yomi من البداية إلى النهاية.
في وقت مبكر من حياتهم المهنية في جامعة كاليفورنيا – لوس أنجلوس، يستكشف الطلاب خيارات لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين قدرتهم لتقييم النخر، وفيما يتعلق بتثقيف المريض تستخدم أنظمة مثل فرشاة أسنان Genius X من Oral-B تقنية الذكاء الاصطناعي للتعرف على أنماط تنظيف الأسنان وتدريب المستخدمين حتى يتمكنوا من تحقيق أفضل النتائج من النظافة المنزلية.
إدارة البيانات وإمكانات غير محدودة
يهدف الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان إلى تقليل صومعة Siloing المعلومات للوصول إلى سير عمل وأداء أفضل. ويسعى لإنتاج بيانات منظمة ومهيكلة، يتم تمكين المتخصصين في طب الأسنان للاستفادة بشكل أفضل من البيانات المتعددة المستويات، مثل بيانات التاريخ الطبي وتاريخ حالة الأسنان، والبيانات الاجتماعية والديموغرافية والسريرية، وبيانات الصور، والبيانات الجزيئية الحيوية، وغير ذلك.
الخوارزميات المحسنة هي مستقبل الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان، تعمل أداة Denti. AI حالياً على خوارزمية معقدة لتوفير خيارات تخطيط العلاج، كما تعمل على دعم مقدمي الخدمة بأتمتة ودقة وكفاءة محسّنة لأجهزة المسح وتقويم الأسنان داخل الفم.
عندما ننظر إلى ما كان الناس يفكرون في استخدام الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان قبل 10 سنوات، نجد أن الواقع قد تجاوز بالفعل تلك الأحلام، وهذا ليس مفاجئاً لأن التقدم التكنولوجي يميل إلى التسارع بمعدل أسي.
على الرغم من أن الأمر قد يبدو كالخيال، إلا أن تقنية الذكاء الاصطناعي التي طورها فريق متعدد التخصصات في جامعة بنسلفانيا قد تتمكن قريباً من تنظيف أسنانك بالفرشاة والخيط، لقد ابتكروا روبوتات دقيقة تتكون من جزيئات أكسيد الحديد النانوية التي تُظهر كلاً من النشاط المحفز Catalytic والمغناطيسي، باستخدام المجال المغناطيسي، يمكن توجيه حركة الروبوتات الدقيقة، ويمكن تهيئتها لتشكيل هياكل تشبه الشعيرات لإزالة اللويحة من الأسطح العريضة للأسنان أو الخيوط الطويلة التي يمكن أن تنتقل إلى المسافات الملاصقة مثل خيط تنظيف الأسنان، تمتلك الروبوتات الدقيقة أيضاً القدرة على إنتاج مضادات العضويات الدقيقة التي تقتل البكتيريا الضارة عن طريق الفم عند ملامستها.
أحد الأشياء التي نأمل أن نراها خلال 10 سنوات هو عالم يساعدنا فيه الذكاء الاصطناعي في العثور على الآفة، وتطبيق المواد الأنسب للقالب البيولوجي ونمط الحياة للمريض وقد يبدو هذا وكأنه فكرة من الخيال.
ختاماً لقد أصبح الذكاء الاصطناعي وتعليم طب الأسنان الرقمي جزءاً لا يتجزأ من الخطة التدريسية لعدد من الجامعات المتطورة حول العالم، وبالنسبة لكلية طب الأسنان في جامعة دمشق فقد خطت هذه الكلية خطوات رائدة في هذا المجال وخير شاهد هو افتتاح مخبر طب الأسنان الرقمي وكذلك تدريس مقررات الرقمنة نظرياً وعملياً في الاختصاصات المختلفة بدءاً من التشخيص والأشعة مروراً بالمداواة والتعويضات والتقويم وجراحة الفكين.
ويبقى هذا العلم لا متناهياً وغير محدود والطريق طويل ونحن على السكة الصحيحة.