لغرف التجارة والصناعة أدوار أساسية تتكامل مع الإدارات الرسمية خدمة لقطاع واسع، هي بمنزلة حلقة الوصل بين مؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية، تعبر عن رجال الأعمال والصناعة وتحمل همومهم وتعكس تطلعاتهم، وتوصل صوتهم لصاحب القرار، ومن خلال تنسيقها ينعكس دورها في إنتاجية وخدمات للمواطن بالمحصلة.
ونتساءل: هل دورها فقط في تنظيم شؤون عمل الأعضاء؟.. أم يجب أن يكون لديها مهام وتطلعات ولو مبادرات لرفد قنوات الاقتصاد الوطني بمقومات إضافية..؟
أولاً هي تؤدي دورها الوظيفي وأقصد هنا الإداري بتمثيل كل ما يمت إليها بصلة من أعضائها، حريصة على الاستمرار في طلبات التجار والصناعيين ولم تقصر في هذا المجال ولها باع طويل، إذ لا يخلو اجتماع أو لقاء إلا وغرف التجارة والصناعة تطلب سيلاً من المزايا والتسهيلات الإضافية من الجهات الرسمية، وكأن همها الوحيد كسب المزيد من العطايا والمحفزات، وليس البحث عن أدوار هي من تقوم بها أيضاً..!!
ثانياً: صحيح هي من تقوم بالتواصل مع السلطات لبحث شؤون النشاط وتقديم وجهات التجار والمصنعين فيما يتعلق بالرسوم والتشريعات، إلا أنها لم تفلح بعد في طرح مسائل مهمة مثل الفرص الاستثمارية الموجودة في البلد ولا تصل بعد لفتح جبهات تعاون وعقد صفقات مع غرف تجارة وصناعة مشابهة، وإن حصل فنشاطاتها ومساهماتها تكون تحت جناح الحكومة وزيارات الوفود الرسمية.
ونسائل: أين دورها في مجال المبادرات والأنشطة الإنتاجية الحقيقية..؟ إقامة معارض لعرض منتجات والبيع بسعر أقل لا يدعم اقتصاد يحتاج المزيد.. ماذا يسجل لها بمجال إقامة وتنظيم مؤسسات هدفها تدريب الشباب لتعليمهم بعض المهن والحرف التي تعينهم في الحصول على عمل مستقبلاً..؟
الدور الملقى على الغرف كبير للغاية، لأن المرحلة صعبة ويشهد بلدنا على ضوئها تطورات وجملة من التحديات، فالمطلوب استصحاب تلك المتغيرات والتركيز على القضايا الأكثر إلحاحاً، مثل القضاء على الغش والتستر عليه، الاكتفاء بهوامش ربح قليلة، دعم الإنتاجية والعمل بالطاقات القصوى، لا الاكتفاء بحدود إنتاج ضيقة تجنباً لأي خسارة، التشبيك القوي مع الإدارات الرسمية لخلق المزيد من قنوات الاستثمار وضخ رؤوس أموال في حلقات الإنتاج محلياً، عل ذلك يخفف من فاتورة الاستيراد من الخارج.. أن يكون لها دور إيجابي في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والاستفادة من طاقات الشباب في مشاريع تشاركية بعيداً عن التقليدية السائدة.
لا شك أن الحكومة عظمت دور القطاع الخاص، وأخذ من التسهيلات والمزايا الحصة الممتازة، وهنا فإن أهمية الغرف التجارية والصناعية على حد سواء وخاصة في ظروف صعبة كهذه يجب أن تتعاظم وتزداد إنتاجاً ومرونة والتوجه الخالص نحو العمل وزيادة الإنتاج وتأمين المنتجات بأقل ما يمكن، فلا ضير في أن تجدد الغرف أدواتها وترتب أولوياتها بأن تضع في حسبانها أن دعم الاقتصاد الوطني هو الأولوية الأولى لا البحث عن المزيد من الأرباح حسب كل نشاط من أنشطة أعضائها..! والتعامل بروح مختلفة تتواكب مع تغيرات المرحلة وصعوبتها، وفق أسس عمل جاد مطور.
الاقتصاد الوطني ينتظر من الجميع المسارعة إلى خدمته كل حسب مهامه وإمكاناته، والتركيز على المصلحة العليا، بعيداً عن النظرة الضيقة التي لا تتسع لأكثر من المصالح الآنية، فإن مسؤولية صيانة أمن المجتمع وتحقيق تطلعات أفراده لا تقع فقط على عاتق الحكومة،لأن هذا المجتمع والحكومة قدما الكثير للتاجر والصناعي وغيرهما، وآن الأوان لكي يرد الجميع الجزء القليل من هذا الجميل دعماً بالمحصلة للاقتصاد الوطني.