ثقافة وفن

معرض سر الوجود للفنانة لينا رزق … د. بثينة شعبان: وجود الفن في حياتنا هو عامل ملهم وشاف لما نعاني منه

| مصعب أيوب- ت طارق السعدوني

افتتحت المستشارة الخاصة برئاسة الجمهورية د. بثينة شعبان معرض (سر الوجود) للفنانة لينا رزق في صالة السيد للفنون التشكيلية بدمشق حيث ضم لوحات خلقت فيها رزق حواراً خصباً بين الوجود والذات والطبيعة والكائنات الحية وتعمقت فيها داخل النفس البشرية، فكانت جولة في عالم الإنسانية والمرأة من خلال رصد همومها وآلامها وآمالها فتميزت لوحاتها بلمسات رقيقة ودعوة للتأمل والتفكير بالإضافة إلى أنها تحتفي بالأمل والحلم والبراءة والطفولة وهو ما وجدناه في عناوين بعض تلك اللوحات.

معرض ثري

الدكتورة بثينة شعبان أعربت في تصريح للصحفيين عن سعادتها بحضور المعرض الذي وصفته بالثري والغني حيث إنه يأخذنا لكثير من العوالم المجتمعية وما فوق المجتمعية أيضاً ويغوص في أعماق النفس البشرية وحلم الإنسان وفكره.

وأشارت شعبان إلى أن المعرض يحمل نوعاً من الخلق الذي ينبع من الداخل سواءً أكان مراجعة الذات أم العيش معها أو تأمل الطبيعة، وأكدت أن الفنانة لينا رزق تمتلك أسلوباً متقناً مميزاً في الرسم حيث إن الألوان التي تستخدمها تقودنا بطبيعة الحال إلى موضوع اللوحة ونحن علينا أن نتأمل ونبحث في هذا الموضوع وهو ما يخلق شعوراً كبيراً بالمتعة.

كما أبدت شعبان إعجابها بعدد اللوحات الذي تعرضه رزق مؤكدةً أنه من الجميل أن يمتعنا فنان واحد بهذا الكم من اللوحات الغنية والشيقة وهو ما يؤكد أن الحياة مستمرة بأبهى صورة حيث إن هذا المعرض مساهمة في تجديد الحياة والإيمان بالحياة في بلدنا والتطلع إلى المستقبل الأفضل.

ونوهت أن خصوصية المعرض تكمن في العالم الداخلي والذهني والوجداني للإنسان، فلدينا مزج في الألوان الجميلة والرائعة بحيث علينا أن نحيا الحالة المباشرة أمام اللوحة، ففي إحدى اللوحات شعرت أن هناك (مونولوجاً) داخلياً ومراجعة داخلية للذات، فالفنانة لينا رزق لديها عالم إنساني غني بمشاعره ووجدانه بتأملاته وإيمانه وبتطلعاته.

وشددت شعبان على أن سورية بلد حضاري وعريق منذ آلاف السنين وهي ولّادة للفنانين وللفن الخلاق ووجود الفن في حياتنا هو عامل ملهم وشاف لما نعاني منه فهو يساعدنا للتغلب على الآلام التي تفرضها علينا الأيام وأن نعيش في حلم أكبر وفي أمل أكبر أن المستقبل سيكون أفضل.

أعمال سريالية وانطباعية

من المميز جداً أن نجد فناناً يقدم أعمالاً روحانية ولا تقتصر على الفن فقط فأنجزت رزق أعمالاً سريالية وانطباعية بطريقة تعبر فيها عن شخصيتها وحالة أي فنان وهو ما تجسد من خلال التأمل والحلم والاندماج بين روح الإنسان والحيوانات على اختلافها وكذلك مع أشخاص متعددة وكثيرة، هذا ما أكده أمين سر اتحاد الفنانين التشكيليين غسان غانم موضحاً أن خصوصية هذا المعرض تنبع من استخدام رزق لأسلوب مختلف ربما هي المرة الأولى التي تستخدم فيها هذه التقنية من خلال الزخارف التي تمتزج ببعضها فتعطي شعوراً مختلفاً.

الزخارف المندمجة

في تصريح خاص لـ«الوطن» الفنانة لينا رزق أعربت عن سعادتها الشديدة بوجود الدكتورة بثينة شعبان في افتتاح معرضها الذي اعتبرته أهم معارضها مؤكدة أن الفنان بطبيعة الحال بحاجة لدعم وتشجيع، ووجود الدكتورة شعبان هو دافع ومحفز لمزيد من العطاء والإبداع وإنه لمن دواعي الفخر بالنسبة لي أن تفتتح المعرض بنفسها.

وأوضحت رزق أن أهم ما يميز هذا المعرض هو التقنية الجديدة المستخدمة في بناء اللوحات التي لم يسبق واستخدمتها سابقاً وهو أسلوب الزخارف التي تتشكل مع بعضها بعضاً لتعطينا تدرجات جديدة ومشاعر جديدة وعوالم مختلفة.

وركزت على أن الطابع الأنثوي هو الغالب في لوحاتها وكذلك الطبيعة والحلم فيمكننا ملاحظة الدمج بين الإنسان والطبيعة فتارةً يندمج مع الحصان وتارةً مع البجعة وأحياناً مع الطبيعة والأشجار والأوراق وهو ما تعمدت التركيز عليه.

وتابعت رزق: أنا استبعدت تماماً موضوع الحزن عن لوحاتي ولكن تعمدت التركيز على التفكير والتأمل والحلم حيث لا بد لنا من التمتع بأفق واسع لمراجعة الذات والتفكير والتأمل وهو ما يجب علينا الوصول إليه عاجلاً أم آجلاً من منطلق مراجعة النفس والوقوف عند الثغرات ومعالجتها وتفادي العقبات وأن نضع مخططاً جيداً للمستقبل.

أيقونات نسائية فنية

من بين الحضور التقت «الوطن» بالفنان التشكيلي محي الدين الحمصي الذي ركز على أن العلاقة التي تربطه بالفنانة لينا رزق قديمة وأصيلة فهي تمتد لعشرين عاماً، ونوه أن رزق قدمت نتاجاً مميزاً وجميلاً بهذا المعرض حيث إنني مواكب لكل مراحل تطور أسلوبها منذ البدايات، فهي تقدم حالة مختلفة من حالات الفن التشكيلي من خلال أيقونات نسائية فنية تنخرط في كل مفاصلها بالمرأة بكل حالاتها، فتتمحور اللوحات حول العامل النسائي بطريقة مختلفة فتارةً رسمت المرأة بأجنحة كالملاك وتارةً أخرى وهي في حالة تأمل أو ممارسة رياضة ما فصنعت حالة من التجريد، وقدمت مزيجاً لونياً وبصرياً مغايراً لكثير من الأعمال السابقة وهو ما لم يخلق لدى الزائر مللاً بصرياً، ورأينا الكثير من الجمال من خلال التكنيك والسماكات اللونية ومن أهم ما أبدعت فيه استخدامها للألوان الزيتية التي تستغرق وقتاً طويلاً لتجف وهو ما يتطلب من الفنان أن يكون متمكناً من أدواته وها هي رزق تقدم لنا متعة بصرية وذائقة مميزة، وأكد الحمصي أن صالة السيد العريقة احتضنت أعمالاً ومعارض لفنانين كبار وأسماء لها وزنها ودورها المميز في الحركة التشكيلية وهو ما يضفي رونقاً وجمالاً إضافياً للمعرض.

كما ناشد الحمصي عامة الشعب لزيارة المعارض الفنية والاستمتاع بالفن وبالمنتج التشكيلي الذي يقضي الفنانون أشهراً لإنجازه مبيناً أن الحضور في كثير من الأحيان يقتصر على الأشخاص المقربين من الفنان أو زملائه في المهنة.

نساء مبدعات

مؤسسة جمعية صبايا العطاء عليا خير بيك أكدت أن المعرض مميز ويحمل الكثير من المعاني الجميلة والقيم النبيلة مشيرةً إلى أن الجمعية تسعى دائماً إلى تقديم الدعم للنساء والوقوف إلى جانبهن وتمد يد العون لهن لإثبات قدراتهن وتنمية مواهبهن، حيث إن الخليط السوري فيه الكثير من النساء المتميزات والمبدعات.

وأضافت إنه مما يدعو للفخر والسرور وجود هكذا أشخاص مبدعين ويحاولون المثابرة على النجاح والتفوق وتحقيق الأهداف في ظل الظروف العصيبة حيث إن هذه اللوحات فيها من الجمال والإبداع الشيء الكثير.

وبينت خير بك أن المرأة هي الحياة وتثبت دائماً أنها تؤدي دوراً محورياً في المجتمع ولا يقتصر وجودها لتؤدي دور الأم فقط، فهي الأم والأب والسند والصديقة وهي التي تعلم الوفاء ولا بد من تكثيف الإضاءة على هذه المشاريع والاحتفاء بها مهما قل شأنها.

شكر وامتنان

ومن جانبها مديرة المعرض إلهام باكير توجهت بالشكر للدكتورة بثينة شعبان التي أعطت خصوصية وميزة كبيرة للمعرض وأكدت أن هذه المرة الأولى التي تعرض الفنانة لينا رزق لوحاتها في معرضها مؤكدة أن التاريخ الطويل والفنانين الكثر الذين عرضوا لوحاتهم في هذه الصالة هو ما يجذب الفنانين لإقامة معارضهم فيها، فهي تقدم الفن التشكيلي الراقي ونحن نترقب رد الفعل من خلال الزوار الذي ينعكس على وجوههم مبشراً بالإيجابية، وشددت باكير على أن المرأة صاحبة دور محوري في حياتنا وتؤدي مهام كثيرة وتقدم الكثير من العطاء ولا بد من الإشادة بدورها وتسليط الضوء عليها ومن أرقى من الفن ليمثلها.

المرأة هي سر الوجود الذي ترمز إليه رزق في معرضها فهي الخصوبة والوطن والأرض حيث تنبت منها جميع الخيرات وفي حالات كثيرة تقدم أكثر من الرجل حتى، فتميزت أعمالها بإيحاءات فلسفية وأبعاد داخلية والبحث عن الصفاء والهدوء ويمكننا أن نستدل على ذلك بمجرد قراءة عناوين تلك اللوحات التي منها «ما وراء الوجود» و«الهروب إلى الذات» و«الحلم» و«هواجس».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن