ثقافة وفن

اكتشاف لوحة أثرية في الرستن قد تكون الأشهر بالعالم … عوض لـ«الوطن»: لوحة أرضية ربما تكون في قصر ملك أو مركز استثنائي

| حمص- نبال إبراهيم

استكمالاً لأعمال البحث والتنقيب في الموقع الأثري الذي تم فيه اكتشاف لوحة فسيفسائية فريدة من نوعها على مستوى العالم العام الماضي في مدينة الرستن بريف حمص الشمالي، أعلنت المديرية العامة للآثار والمتاحف عن اكتشاف مشهد جديد من ضمن مشاهد اللوحة القديمة يعرف في الميثولوجيا اليونانية باسم حرب القناطير، وهي مشاهد لحرب بين سكان لابتيس اليونانية والقناطير المدعوين لحفل زفاف ومدون اسم كل شخص منهم باليونانية ضمن اللوحة.

لوحة تختصر التاريخ

وبيّن مدير عام الآثار والمتاحف محمد نذير عوض في تصريح لـ«الوطن»: إنه وبخبرات بعثة وطنية بامتياز اكتشفت مديرية الآثار والمتاحف في وزارة الثقافة لوحة من الفسيفساء تعود للنصف الثاني من القرن الرابع الميلادي كان قد أعلن سابقاً عن مشهدين في هذه اللوحة واعتبرت حينها من أشهر وأهم اللوحات إن لم تكن لوحة استثنائية على مستوى العالم بما احتوته من مشاهد مهمة، المشهد الأول مركزي يمثل الإله بوسيدون إله البحر والمشهد الثاني عن حرب الأمازونات وهو ما يرد في الياذة هوميروس، والمشهدان استثنائيان ومهمان من حيث الموضوع والكثافة الفنية والمساحات الممتلئة بهذه المواضيع بشكل كثيف جداً والتي أكدت على استثنائية هذه اللوحة التي استمرت المتابعة فيما بعد بالعمل بها من خلال بعثة وطنية حيث استطعنا تأمين المساحات التي ينبغي تنقيبها عن طريق شراء البيوت بالتعاون مع متحف نابو في بيروت.

وأشار عوض إلى أن الفريق الوطني واصل أعمال التنقيب وتم الكشف عن لوحة ثالثة عن ما يسمى بحرب القناطير، وكتقييم أولي من بعض الخبراء في الآثار والمتاحف تبين أنها استثنائية أيضاً من الناحيتين التاريخية والأثرية والفنية، لافتاً إلى أن هذا ليس ببعيد ومستغرب عن منطقة الرستن المهمة التي تحتضن تحت ركامها بقايا من مملكة هيرتوزا التي يعتقد أنها أسست من الفترة الإغريقية واستمرت خلال المرحلتين الرومانية والبيزنطية، وهناك كثافة من اللقى والمواد الأثرية في هذا المكان إضافة إلى مجاورتها مملكة أميسا بحمص المشهورة بهذا الشيء.

الفسيفساء واستثنائية الكشف

بدوره بين مدير التنقيب ورئيس البعثة في الرستن الدكتور همام سعد لـ«الوطن» أن الجميع يعلم اكتشاف اللوحة الفسيفسائية السابقة وكيف كانت بدايتها في عام 2018 عندما تحررت المدينة، وخلال الحفر تم اكتشاف المشهد الأول إله بوزيدون إله البحر مع زوجته تجرهما العربات وحولهما مجموعة من حوريات الماء، وبالتعاون مع متحف نابو في بيروت تم شراء منزلين وبالتالي بدأت أعمال التنقيب في المرحلة اللاحقة وتم الكشف عن المشهد الأول الذي يمثل الإله بوزيدون ومع توسع الأعمال بدأت تظهر عناصر معمارية منتشرة حول لوحة الفسيفساء، إضافة إلى بوابة صرحية مهمة جداً وعثر على بقايا لرسوم جدارية على إحدى النوافذ، ومع استمرار الأعمال تم العثور على مشهد آخر هو المشهد المركزي ضمن إطار دائري يمثل حرب الأمازونات، وهذان المشهدان أهميتهما أنهما مذكوران في الميثيولوجيا اليونانية في إلياذة هوميروس، وكان الخلاف بأنه كان المشهد الأول الذي يمثل على مستوى العالم وهو موجود ولا يوجد تمثيل لهذه المشاهد على لوحة فسيفساء إلا في الرستن حتى اللحظة وهذا ما أعطاها الأهمية الاستثنائية والعالمية.

وأشار سعد إلى أن هناك مشاهد معروفة في منحوتات ورسوم جدارية لكن على لوحة فسيفساء هي الأولى في العالم، ومع استمرار الأعمال لمعرفة حدود هذه اللوحة استمرت الأعمال باتجاه الطريق وللأسف الطريق كان بمنزلة المعوق، ولذلك تم إجراء سبر المقطع والعثور على مشهد آخر، وهذا المشهد أيضاً استثنائي وهو مشهد يمثل حرب القناطير المذكورة أيضاً في إلياذة هوميروس مع شخصيات تم العثور على الأسماء بالكامل وهي أسماء جديدة تختلف عن إلياذة هوميروس، حيث إن الأسماء الموجودة على اللوحة مذكورة ضمن اللوحة ولم تذكر ضمن إلياذة هوميروس، وفي القرن الأول الميلادي ذكر أوفيد المؤرخ الروماني حرب القناطير.

وأوضح سعد أن حرب القناطير هي حرب اندلعت بين ما يعرف باسم شعب اليونان والقناطير وهي بالأساس لها رمزية مهمة جداً وتعني الوحشية، مشيراً إلى أن القنطور هو نص الجسد لحصان والجزء العلوي لإنسان وهنا كانت الرمزية أي بين النظام والفوضى، فكانت رمزيتها معروفة حين كان هناك زواجالملك دعا القناطير إلى هذه الحفلة فقاموا بشرب الخمر والاعتداء على الزوجة وعلى النساء ومن ثم اندلعت الحرب في تلك الفترة وضمن المشاهد نجد تفاصيل هذه الحرب من قيام بالقتل من القناطير للشعب الآخر والعكس أيضاً، إضافة إلى ذلك هناك تفاصيل مذكورة عند أوفيد عندما قام أحد القناطير بقتل أحد خصومه بإناء وهذا الإناء أهميته أنه مرسوم ضمن المشهد في لوحة الفسيفساء.

الرستن واستكمال الاستكشاف

من جهته أوضح مدير آثار حمص حسام حاميش لـ«الوطن» تم استكمال أعمال التنقيب في الموقع ذاته والتي استمرت لمدة شهر ونصف الشهر، وتبين وجود مشهد آخر من اللوحة التي لم تكتمل إلا من الشمال والجنوب، أما من الغرب والشرق فاللوحة مستمرة تحت الطريق العام المجاور وهذا يحتاج إلى تحضير بنية لوجستية مع مجلس مدينة الرستن ومحافظة حمص، لافتاً إلى أنه سيتم التفاوض مع الجوار لشراء المنزل بالسعر الرائج بتمويل من متحف نابو.

وأشار إلى أنه من المتوقع وجود لوحات جديدة على مستوى أعلى بالرستن، والرستن مسجل بأنه تل أثري منذ القديم افتتح في عام 2006، ولدينا في المدينة تيجان وأعمدة تماثل الأعمدة التدمرية وهذا دليل على أهمية إمبراطورية مملكة آرتيزونا ومساحتها الكبيرة.

ولفت حاميش إلى أن رؤية المديرية وخططها هي لإقامة متحف في الهواء الطلق بهذا الموقع الأثري، وحالياً بصدد التنسيق مع محافظة حمص لوضع دراسة الموقع بشكل عام لإدارة الموقع والنظرة المستقبلية لهذا الموقع باعتبار أن أهمية اللقى والقطع الأثرية أن تبقى في موقعها وأماكنها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن