يعيش العالم حالياً، سواءً الغربي أم الشرق الأوسطي، الكثير من التطورات السياسية المتلاحقة، وهي تطورات لا تتوقف سواءً في روسيا والحرب مع أوكرانيا، أو على الصعيد السياسي في الشرق الأوسط وإفريقيا، ولكن أيضاً يعيش في جوقة من التغيرات الداخلية في كثير من الدول بالمنطقة.
لقد بات من الواضح أن هناك غياباً للمعلومة أو ما يمكن القول إنه خوف من وصول المعلومة إلى المتابعين، سواءً كانوا من القراء أم الصحفيين، وهو ما بات واضحاً من خلال الأزمة الروسية أخيراً، ومن قبلها تطورات في العلاقات الأردنية مع المقاومة وتحديداً حركة حماس خلال الفترة الأخيرة.
ففي روسيا، شهدت الساعات الماضية ما يمكن وصفه بتمرد بعض القوات، وهو تمرد توقف عقب وساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وعاد عناصر قوات «فاغنر» إلى قواعدهم تزامناً مع إعلان موسكو أنها لن تحاكم الذين شاركوا في التمرُّد، وأشارت بعض التقارير إلى أن رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني فيكتوروفيتش بريغوجين غادر إلى بيلاروس.
وعن الأردن، نشرت الزميلة «الأخبار» تقريراً قالت فيه: إن الأردن ألقى القبض على ٤ من المواطنين بتهمة مساعدة المقاومة وتهريب السلاح لها، وهو ما يعتبر تصرفاً خارجاً عن الإطار القانوني في المملكة الأردنية.
وبقراءة للحالتين السابقتين سنجد غياباً لتصريح صحفي رسمي عربي يتابع الأمر، خاصة أن الموقف على الحالة الروسية يتسم بـ:
1- ترتبط روسيا بعلاقات وثيقة مع الدول العربية التي تدعم موسكو في حربها الحالية في أوكرانيا.
2- تتعاون روسيا مع الإمارات في منظومة البناء والتشييد للكثير من الدول العربية، سواءً مصر أم سورية، فهناك حديث عن سورية أيضاً التي باتت في أمسّ الحاجة لعملية إعادة الإعمار.
من هنا كان طبيعياً أن يتابع الكثير من الصحفيين العرب أخبار التطورات في روسيا، غير أن الأهم كان ضرورة وجود دعم تفسيري عربي لما يجري هناك، وشرحاً للتطورات، وإلقاء للضوء لطبيعة ما تتعرض له روسيا من مخاطر وتأثير ذلك في الدول العربية.
أعلم بالطبع أن حادثة التمرد لم تمتد إلا لساعات، لكنها ساعات تمثل إنذاراً لضرورة الانتباه والاستعداد لأي تطورات دولية، ومساعدة المواطن العربي على قراءة الحقيقة ببنودها وتفاصيلها في أي أزمة.
وبالانتقال إلى ما جرى في الأردن، فإن قيمة ما نشر عن توتر العلاقة بين الأردن وحماس مهم لعدة أسباب منها:
1- إن صحيفة «الأخبار» تتمتع بعلاقات وثيقة وجيدة مع المقاومة، وهو أمر معلن ومعروف للجميع.
2- دقة ما كتبته الصحيفة التي جاء عنوانها كالتالي: «الأردن يعتقل 4 مقاومين فلسطينيين.. توتّر العلاقات بين عمّان وحماس».
ومع أهمية هذه القضايا اندفعت الكثير من الدوائر الغربية للحديث عنها بل تحليلها سريعاً، خاصة مع دقتها، الأمر الذي أدى إلى:
1- انتشار الرواية الغربية.
2- التسليم بمصداقية هذه الرواية حتى مع عدم منطقية بعض جوانبها.
3- تمتع هذه الرواية والمعطيات الغربية بالكثير من المصداقية المفقودة.
من هنا كان واضحاً أن هناك خللاً أو عجزاً في توفير المعلومة دائماً عند معالجة الكثير من المشكلات والأزمات سواءً العربية أم الغربية، الأمر الذي يفسر مثلاً انفراد الكثير من المؤسسات الغربية بل حتى العربية ذات الإمكانات المادية والاقتصادية المتميزة، بالكثير من المعطيات التي يتضح بعدها أنها كانت خاطئة، ومثال ذلك المعطيات التي ساقها العالم من أجل تبرير غزو العراق، أو حتى بعض المعطيات الكاذبة التي ساقتها بعض الدوائر لتبرير إرهاب الفصائل المسلحة التي حاربت الجيش الوطني السوري، بل قول بعضها إن هذه الفصائل التخريبية هي فصائل وطنية، غير أن سياساتها على الأرض أثبتت أننا نتعاطى مع بعض من المرتزقة ممن لا يهدفون إلا لجمع المال فقط وتحقيق الكثير من المكاسب على حساب الوطن.
عموماً بات واضحاً أن حجم التحديات بات صعباً على المواطن العربي من أجل الحصول على معلومة صحيحة ذات مصداقية، الأمر الذي يفرض علينا العمل جدياً، عربياً وإقليمياً، من أجل تدشين وحدة أو هيئة إعلامية يمكن الاعتماد على معطيات ما ستقدمه لنا من معلومات، وهو أمر مهم ودقيق وبات مطلوباً وبشدة الآن.