للمرة الثانية خلال هذا العام تقوم الشرطة السويدية بحراسة يميني متطرف وهو يقوم بتدنيس القرآن الكريم وحرقه بحجة «حرية الرأي والمعتقد». ففي 21 كانون الثاني الماضي، قام زعيم حزب «الخط المتشدد» الدانماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان بحرق نسخة من المصحف قرب السفارة التركية في ستوكهولم، ويوم الأربعاء الماضي حرست الشرطة السويدية فاشياً آخر يدعى سلوان موميكا وهو يقوم بتدنيس المصحف الشريف ويضرم فيه النار أمام مسجد ستوكهولم المركزي في أول أيام عيد الأضحى المبارك.
الجديد في الأمر هو أن موميكا لاجئ عراقي ينحدر من بلدة الحمدانية جنوب شرقي مدينة الموصل العراقية ويبلغ من العمر سبعة وثلاثين عامًا، وهو يصف نفسه عبر صفحته على موقع «فيسبوك» بأنه «عراقي ليبرالي علماني ملحد»!
بحثت عن تاريخ موميكا هذا فتبين لي أنه كان قائد مليشيا في العراق، لكنه غادر إلى ألمانيا بعد أن اختلف مع زعيم مليشيا (بابليون) ريان الكلداني. يقول أحد معارف موميكا إنه أثناء وجوده في ألمانيا كان يهاجم مختلف الأطراف التي عمل معها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على أمل أن تصله رسائل تهديد كي يستخدمها في ملفه لطلب اللجوء السياسي، لكن ألمانيا رفضت منحه اللجوء، فانتقل منذ عامين إلى السويد حيث انتمى هناك لحزب الديمقراطيين السويدي اليميني المتطرف.
جدير بالذكر أن الشرطة السويدية كانت قد حظرت هذا النوع من (التظاهرات) التي يحرق فيها القرآن، بعد ردود الفعل الغاضبة التي عمت العالم الإسلامي استنكاراً لجريمة راسموس بالودان سالفة الذكر. لكن القضاء السويدي قام مؤخراً بإصدار قرار ألغى بموجبه «الحظر المفروض على التظاهرات التي من المتوقّع أن تشهد حرقاً للمصحف».
السؤال الذي يطرح نفسه: من الجهة التي رفعت هذه المسألة للقضاء؟
طبعاً أنا لا أملك أي إجابة عن هذا السؤال، لكن معرفه المستفيد من إلغاء الحظر الذي فرضته الشرطة السويدية على هذا النوع من التظاهرات، يمكن أن تساعدنا في الإجابة.
يعلم مَن تابعوا مسلسلي «سقف العالم» الذي عرض لأول مرة في شهر رمضان الكريم عام 2007 أنني قد برهنت بوثائق لا مجال لدحضها أن الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها جريدة «ييلاندس بوستن» الدانماركية كانت جزءاً من عملية استخباراتية نفذها يهودي أوكراني يدعى فيلمينغ روز لمصلحة مخابرات العدو الصهيوني (الموساد)، وما على من يريد التأكد من ذلك إلا مراجعة كتاب «عن طريق الخداع» لضابط الموساد المنشق فيكتور أوستروفسكي، الصادر عام 1990، والاطلاع على الدراسة الموثقة التي نشرها البروفسور جيمس بتراس أستاذ علم الاجتماع في جامعة بنجهامبتون بـ نيويورك، بالتعاون مع زميله روبن ايستمان. فقد أكد الباحثان أن الموساد قد جاء باليهودي الأوكراني فيلمينغ روز إلى كوبنهاغن وعيَّنه رئيساً للقسم الثقافي في جريدة ييلاندس بوستن، وأهم جزئية ينبغي الانتباه لها هي أن فناني الكاريكاتير الدانماركيين لم يبادروا بتنفيذ الرسوم من تلقاء أنفسهم، بل رسموها بتكليف (!) من عميل الموساد فيلمينغ روز. والهدف من ذلك على حد قول الباحثين هو «تأجيج نار الكراهية المتنامية لدى المحافظين الدانماركيين ضد المهاجرين العرب والمسلمين، والتمهيد لفتح صراع حضارات بين الغرب والشرق». وقد أثبتُّ من خلال الوثائق أن الهدف المضمر لتلك العملية الاستخبارية هو كسر حالة التعاطف التي بدأت تنتشر بين الإسكندنافيين مع القضايا العربية.
لا شك أن ما قام به موميكا مؤخراً هو جزء من عملية استخبارية مركّبة، أحد أهدافها التغطية على الجرائم التي يقترفها الكيان- السرطان- وقطعان مستوطنيه في فلسطين المحتلة.