رياضة

هل سيبقى واقع أنديتنا ومنتخباتنا على هذه الشاكلة أم إن الحلول قادمة؟

| مهند الحسني

 

أيام قليلة ونرخي الستارة على موسم سلوي شهد الكثير من المباريات القوية والمثيرة والمتابعة الجماهيرية الكبيرة والواسعة، نتفق على أن المشهد السلوي هذا العام كان ضبابياً بل رمادياً ولم يكن موازياً لحجم الحضور الجماهيري الذي تابع مباريات الدوري ومسابقة كأس الجمهورية التي وصلت الإثارة إلى أعلى درجاتها وأن ذلك كان على حساب المستوى الفني لجميع الفرق من دون استثناء، ولولا وجود اللاعب الأجنبي الذي أعطى المباريات نكهة تنافسية قوية لكان حال المستوى الفني في خبر كان.

هذا المستوى المتفاوت لجميع الفرق لا يمكن أن يبشر بالخير، ولا يمكن أن يعطينا الفائدة الفنية التي نريدها ونتمناها، ولا يمكن أن يصب في مصلحة المنتخب الوطني الذي بات همنا واهتمامنا وخاصة أنه مقبل على استحقاقات خارجية مهمة ومثيرة والوجود الطيب فيها بحاجة إلى تحضير مثالي يوازي حجم وقوة هذه المشاركات.

وجهات نظر
من الطبيعي أن نختلف مع الذين يفصلون بين واقع أنديتنا المأزوم وواقع منتخباتنا الوطنية وما تحققه من نتائج، لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نفصل بين الواقعين، فلا يمكن أن نصل أو أن نبني منتخبات قادرة على المنافسة عربياً وقارياً في ظل أندية مهترئة ومفلسة وفقيرة فنياً، فعملية التطوير الرياضي حلقة متكاملة لا يجوز إهمال حلقة على حساب الأخرى.

الهرم المقلوب
لن نخترع جديداً عندما نقول إن أندية قوية ومستقرة ودورياً قوياً ومستقراً لابد أن ينتج منتخبات وطنية قوية والعكس صحيح، ونسأل هنا: هل واقع أنديتنا في السنوات الأخيرة بخير، وهل احترافنا الذي طالما نادينا فيه بخير، وهل عملية البناء تبدأ من القاعدة أم من القمة، أو ليس إخفاق الأبناء سيؤدي إلى إخفاق الآباء، فما بالكم إذا كان الفشل هنا مزدوجاً، فأنديتنا بكل صراحة لا تمتلك المال ولا أشخاص متخصصين أكاديميين يرسمون إستراتيجيات لأنديتهم، وهذا من شأنه أن يسهم في تراكم المزيد من الأخطاء التي أوصلت بعض الأندية لحد الهاوية وهناك أمثلة كثيرة يحتاج ذكرها إلى مجلدات كثيرة سنأتي عليها لاحقاً.

عثرات ومنغصات
مضى على دخول الاحتراف أكثر من خمس عشرة سنة على واقع كرتي السلة والقدم والنتيجة صفر، وما زالت أنديتنا لا تعرف من الاحتراف سوى قبض الأموال وتعبئة الجيوب، وعلى العكس فقدنا ميزات كثيرة كانت حاضرة في أنديتنا أهمها الانتماء الذي بات عملة نادرة لدى لاعبينا الذين تحولوا إلى سلعة تباع وتشترى في عصر لغة المال، ومن أهم ما تعاني منه أنديتنا في هذه المرحلة.

ضعف إدارات الأندية واضطرابها وعدم استقرارها عبر الاستقالات أو الإقالات إضافة لوجود أشخاص في الإدارات ليسوا على دراية كاملة وفهم عميق بالعملية الرياضية السلوية.

دخول رجال الأعمال على خط الرياضة أمر حيوي ومهم وساعد على إنعاش صناديق الأندية المالية، وهذا ضروري لكن تدخلهم بالعملية الفنية لم يكن صائباً مئة بالمئة، ما أدى إلى ابتعاد الكثير من الخبرات عن أهم أنديتنا.

إهمال الفئات العمرية وقواعد الأندية وذلك بعد اهتمام إدارات الأندية بفرق الرجال وبتعاقداتها، وهذا سيؤدي إلى تدمير قواعدها السلوية وإهمال مواهبنا الشابة، وهذا أمر خطر وعلينا الانتباه إليه كثيراً، ورغم أننا لا نعارض موضوع التعاقدات، فلكل ناد الصلاحية والحق في التعاقد مع من يشاء لكن من الضروري ألا يكون حصر المال بفريق الرجال ومنعه عن فرق القواعد التي تعد الركيزة والأساس ومصدر النجاح لأي ناد.

ضعف الثقافة الاحترافية الفنية والإدارية لدى كوادر جميع أنديتنا ولاعبينا للأسف، فقد فهم البعض أن الاحتراف مال فقط ونسوا الولاء والانتماء للنادي الذين ينتسبون إليه ويلعبون من أجله.

غياب الإستراتيجيات

الجميع يتفق على أن أنديتنا تعيش في دوامة ما بعدها دوامة والجميع أيضاً يحمل في أجندته مشاريع عديدة قادرة على علاج أمراض أنديتنا والدفع بها نحو الأمام، لكن مجمل هذه الأفكار يصطدم بسلسلة كبيرة من الروتين، ما يؤثر في تنفيذ هذه المشاريع، إضافة لعدم قدرة هذه الإدارات على وضع تصورات مستقبلية لأنديتهم.

وهنا دعونا نرفع مستوى النقد ونتحدث بكل شفافية وجرأة، أعطونا نادياً واحداً يعمل ضمن إستراتيجية معروفة وواضحة في أي لعبة، بالتأكيد لا يوجد لكون هذه الأندية مازالت تعمل بطريقة عشوائية وفوضوية، لذلك لا ضير من وجود أشخاص أكاديميين مؤهلين لوضع تصورات مستقبلية ترفع من مستوى النادي فنياً واستثمارياً غير ذلك ستبقى أنديتنا تدور في حلقة مفرغة لا مفر منها.

تطوير الاستثمار

يبدو أن الواقع الاستثماري لجميع أنديتنا مازال يحبو من دون أن يستطيع المشي بخطوات صحيحة، حيث تعيش جميع أنديتنا على الهبات والأعطيات من هنا وهناك، لأنها لا تمتلك استثمارات تفي بالحاجة المادية وخاصة في الموسمين الأخيرين، لذلك لابد من البحث عن استثمارات تجارية كبيرة وليس عن دكاكين وأكشاك، لكون بلدنا معطاء وخيّراً وقد منّ على الرياضيين بالمنشآت الرياضية الجيدة، ونحن مقبلون على مرحلة جيدة من الاستقرار بعد أن دخلنا مرحلة التعافي بعد أزمة مرهقة، وعلينا إيجاد المناخات الملائمة للاستثمارات بعد أن باتت على طبق من الذهب، وما على الأندية غير أن تخرج من عملها الروتيني والتأسيس لأرضية استثمارية تقيها شر الهبات والإعانات، وهذا من شأنه أن يعود عليها بالفائدة المادية التي ستحقق نجاح الشرط الفني وتطويره في جميع الألعاب.

خلاصة

ختاماً أنديتنا أمانة في عنق من أحبها، فليترك الجميع مصالحه الشخصية جانباً، وعليهم العمل بمحبة وانتماء، ولنصفق ونثن على كل مبادرة إيجابية تخرج بنا من واقع أنديتنا الهزيل إلى كل ما هو إيجابي، وعندما تكون هذه الأندية بخير لا بد أن ينعكس ذلك على منتخباتنا الوطنية في جميع الألعاب لا محالة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن