تطهير المنطقة من داعش
| تحسين الحلبي
بدأت التقديرات في أوروبا وخصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية ترى أن الوحش الذي تسخره هذه الدول ضد سورية والعراق والمنطقة وهو (داعش) تميل الآن مجموعاته القيادية المتحكمة بقرار عملياته إلى إجراء تغيير في قواعد اللعبة مع واشنطن وحلفائها.. وحول المؤشرات التي تظهر منذ العمليات الإرهابية في باريس يكشف (دان سانشيز) في تحليل نشره في الموقع الإلكتروني (أنتي وور) أن القيادة المتحكمة بمجموعات داعش لم تكن تسعى إلى قتل كل هذا العدد من الفرنسيين المدنيين فقط، بل هي تسعى أيضاً إلى جر الفرنسيين إلى استفزاز أكبر عدد من المسلمين الفرنسيين بعد هذه العمليات لكي تتمكن داعش من إيجاد أجواء توفر لها استغلال ردود فعل الفرنسيين ضد المسلمين الفرنسيين لاستمالتهم وتجنيدهم في صفوفها.. ففرنسا تضم أكثر من خمسة ملايين من المسلمين من أصل عربي أو إفريقي ويشكل المتمسكون والملتزمون منهم بالدين الإسلامي ما بين 1.5 إلى 2 مليون لأن البقية من المسلمين العلمانيين الذين يعتبرون الدين علاقة بين الفرد والله لا يدعون إلى فرض الشريعة الإسلامية على قوانين الدولة..
ويؤكد سانشيز أن تأجيج الإرهاب والصراع بين المسلمين والغرب لا يخدم مصلحة أوروبا بل مصلحة الولايات المتحدة ومصلحة داعش ومجموعاتها القيادية، فواشنطن يهمها أن يتمحور الصراع العالمي الآن بين هذه المجموعات الإسلامية باسم الإسلام وبين الغرب والعالم ولهذا السبب أعلن عدد من المسؤولين الأميركيين أن الحرب على داعش لن تنتهي إلا بعد ثلاثين سنة، وتروج واشنطن دعاية تعلن للعالم فيها أن القوات الأميركية والأطلسية لم تستطع منذ 11/9/2001 حتى هذه اللحظة إنهاء فاعلية المجموعات المسلحة الإسلامية (طالبان) في أفغانستان، ولا شك أن واشنطن كانت تسعى حتى حين احتلت أفغانستان عام 2001 رداً على تفجيرات نيويورك ولم تجد على ما يبدو من مصلحتها تصفية وجود طالبان وما تحمله من أفكار متطرفة باسم الإسلام، فقد أكدت السنوات الكثيرة الماضية أن واشنطن سمحت بخلق داعش بعد أن عجزت طالبان عن الانتقال إلى الجوار باستثناء انتقالها إلى باكستان فقط، والمعروف أن طالبان الأفغانية بقيت ضمن هذا المربع الأفغاني الباكستاني في حين أن (داعش) جرى نقلها وتسخير مجموعاتها بسرعة من سورية إلى العراق إلى ليبيا وإلى اليمن وبقيت مجموعات القاعدة على تحالف وتآلف معها في كل هذه الدول.
ويرى (سانشيز) أن واشنطن ما تزال تسعى إلى العمل على بقاء هذا الوحش وتوسيع رقعة عمله في المنطقة وأوروبا ما دامت ساحة المسلمين في أوروبا والصين وروسيا قابلة لتوليد مجموعات تتعاطف مع داعش ومنظمة القاعدة وتنشغل بها هذه الدول سنوات كثيرة..
فالولايات المتحدة ليست على استعداد حتى الآن لممارسة أي ضغط على دول أصولية إسلامية مثل السعودية وقطر لتغيير سياستهما تجاه المنظمات الإسلامية التي تشكل القوى البشرية الإسلامية فيها مشروعاً حيث تجند داعش ومنظمة القاعدة من خلاله عناصرها.. فباكستان على سبيل المثال ما تزال منذ عام 1988 منشغلة في حروب طالبان وانتشار مجموعاتها داخل الديموغرافيا الباكستانية المسلمة إلى حد لم تستطع فيه باكستان حتى الآن التخلص من (طالبان الباكستانية) رغم التحالف الأميركي الوثيق معها..
وهذه الحقائق تدركها روسيا والصين ودول أوروبية لأنها ستكون من أكثر المتضررين من استمرار وجود داعش، والقاعدة وأمثالهما في الساحة المحلية والإقليمية والعالمية.
ولابد أن تشكل هذه الدول والقوى جبهة صادقة في شن الحرب على هذا الإرهاب ومنع اتساعه وانتشاره، ولهذا السبب بدأ قادة هذه الدول التحذير من اتخاذ السلطات الفرنسية إجراءات انتقامية ضد مواطنيها المسلمين وخصوصاً بعد ازدياد الحديث داخل فرنسا عن ضرورة إغلاق عدد من المساجد وعن وضع آلاف المشبوهين في دعم داعش على قوائم التحقيق فهذا ما تريده داعش وواشنطن وما يرفضه معظم دول أوروبا وروسيا والصين..
ويبدو من المؤكد أن خطة توسيع واشنطن لدائرة عمليات داعش الإرهابية لن يتحقق لها النجاح وستبدأ الدول العربية المتحالفة معها بدفع ثمن التواطؤ مع واشنطن ومع داعش ومنظمة القاعدة وأخواتهما في المنطقة، فجبهة الحرب الحقيقية ضد هذا الإرهاب آخذة في الاتساع وسوف تنجز أول انتصاراتها في التخلص من هذا الإرهاب في سورية بموجب ما تعهدت به موسكو وبكين في قمة العشرين.
ويتوقع المحللون في الصين وروسيا ألا تستغرق عملية تطهير سورية والعراق من إرهابيي داعش والقاعدة أكثر من سنة أو سنتين..