اقتصاد

المقصرون… فاسدون أيضاً

| هني الحمدان

متوارون عن الأنظار، ربما قابعون وراء مكاتبهم، لا يفضلون الأضواء ولا الظهور،لا هم لهم سوى أنهم جالسون على كراسي المسؤولية والوجاهة الزائفة، غير مكترثين بأي عمل أو أي مشروع.. هؤلاء غير معروفين للعامة، ربما يطلون علينا في أخبار متناثرة ومناسبات المصادفة، بعد تقاعدهم عن العمل، ويختمون مشوار تقصيرهم وتخاذلهم بترديد شعارات مثل «هلأ الواحد بشوف الدنيا»!

خلال مسيرة المهام للبعض ربما يعرف الفاسدون ومن يقوم بالسرقات وهدر المال العام، إما عبر إدانتهم من خلال تقارير رقابية وقضائية، أو من خلال التناقل الشخصي بين البشر لقصصهم وبطولاتهم، بعد تبيان آثار النعمة والسرقات على البعض، وما أكثر المديرين الذين خرجوا من سلك الوظيفة سالمين غانمين محملين بالملايين! وهؤلاء لم تطلهم يد العدالة والعقاب لأسباب كانوا هم فيها «فهلوية».. لكن هناك فئة أخرى لا تقل خطورة عن بعض حالات الفساد المكشوفة، وأفعالها قد توازي السرقات والنهب والهدر، وموجودة مع الأسف ببعض المؤسسات التي يكون على رأس الهرم فيها أشخاص تقلدوا مناصب إدارية مهمة، وجهات تنفيذ لمشاريع ورؤساء بلديات، تلك الفئة التي يمكن تسميتها «المقصرين» المختفين غايتهم المكتب ووجاهته ولا شيء بعده..!

هم غير مشهورين، يفضلون الظلام والتلطي وراء مكاتبهم،لا يقومون بواجباتهم وهم في الغالب وصلوا بما يتعارف عليه «بالبراشوت» يختفون وقت المشاكل وربما يظهرون وقت حفلات التكريم..!

طرقات وأوتسترادات كلفت الميزانية العامة مليارات الليرات بصورة غير مطمئنة، فالحفر والانهدامات واضحة، مشاريع سكنية مخجلة وتنفيذها سيئ، وكل يوم هناك مشاكل، والسادة المديرون شاطرون فقط بالتبرير وإطلاق الحجج بإلقاء المسؤولية على البلدية، وتناسوا مكوثهم وراء مكاتبهم لا يعرفون كيف تنفذ وتدار إشادة الأبنية السكنية التابعة لمؤسسة الإسكان مثلاً..!

أمثلة عديدة على وجود إدارات مختفية قصداً، فضلت الركون طريقاً ومسلكاً للبقاء سنوات متقلدة زمام المسؤولية. في مشاريع السكن والإسكان والتربية والتعليم والبلديات والطرقات والنظافة حتى على مستوى رش المبيدات وترحيل القاذورات ومشاريع «التخضير» الكل مقصر وفضل الركون بعيدا عن وجع الرأس وشكاوى المواطن.. وربما أحدهم يكون مسؤولاً عن تنفيذ مشاريع بالملايين، يتحينون الفرص المناسبة فقط لصرف الاعتماد بعيداً عن التنفيذ الجيد والمطلوب.

من يحاسب أمثال هؤلاء..؟ هل استمرارهم بلا محاسبة وسؤال هو المنطق الصح..؟ تقصير الأعمال خلفه إدارات مقصرة مختفية، لا تملك ربما فكراً أو حسن تصرف، أو جاءت للحفاظ على وجاهتها الزائفة أصلاً، أمثال هؤلاء ضعاف نفوس في صدورهم عقد وصغائر وأمراض، لا مكان لهم في واجهة مؤسسات إنتاجية وخدمية، مكانهم في مصحات النفوس وبعيد عن أي مسؤولية..!

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن