اقتصاد

مسؤول «غير مسؤول» يفرغ مياه سد لاستعادة هاتفه!

| د. سعـد بساطـة

فرضت السلطات الهندية غرامة على مسؤول تصدّر اسمه عناوين الصحف بعد تجفيفه بحيرة سد لاستعادة هاتفه المحمول، وحكـِم عـليه بدفع مبلغ كبير عـقوبة لأمره بضخ ملايين اللترات من المياه.

وكان هاتفه المحمول قد سقط من يده في المياه وهو يلتقط صورا ذاتية لنفسه/سيلفي، وادعى أنه بحاجة إلى استعادته لأنه يحتوي على بيانات حكومية حساسة، لكن السلطات اتهمته بإساءة استغلال منصبه.

(سقط الهاتف الخاص بالمسؤول (اسمه: فيشواس) في سد كركتا في ولاية تشهاتيسغار وسط الهند الأسبوع الماضي) ولم يتمكن الغواصون المحليون من العثور على الهاتف، واضطر الرجل إلى دفع تكلفة جلب مضخة ديزل، حسبما قال فيشواس في بيان مصور نقلته وسائل الإعلام. وظلت المضخة تعمل عدة أيام إلى أن أنهت إفراغ آلاف اللترات من الماء، وبمجرد العثور على الهاتف، كان قد تشبع بالمياه لدرجة لا تسمح بتشغيله.

وصرح آنذاك لوسائل الإعلام أنه حصل على إذن شفهي من مسؤول أعلى لتصريف «بعض المياه في قناة قريبة»، مضيفاً إن المسؤول قال له إن ذلك «سيفيد في الواقع المزارعين الذين سيحصلون على مزيد من المياه».

لكن السلطات أوقفت فيشواس عن ممارسة منصبه بسبب الحادث، وأرسلت إليه إدارة الري بالولاية قبل أيام رسالة تفرض عـليه عـقوبـة بسبب أفعاله، وذكرت الرسالة أنه أهدر 4.1 ملايين ليتر ماء من أجل «مصلحته الشخصية»، وأن عليه دفع ثمن المياه إضافة إلى غرامة على «تصريف المياه من دون إذن». وأضافت الرسالة إن ما فعله «غير قانوني» و«يعاقب عليه قانون الري».

وقد أثار الحادث، غـضباً في البلاد، وانتقد الكثيرون تصرفاته، وقالوا إنه كان من الواجب استخدام المياه بشكل أمثل في بلد يواجه فيه الكثير من المناطق نقصاً في المياه، خاصة في أشهر الصيف الحارقة.

هنالك تعـليقان عـلى الحادثة: قرارات الإدارة العـشوائية والأنانية وموضوع الهدر.

سنتعـرّض لاختيار مدير مناسب في مقال لاحق؛ وسوف أنتقل للتركيز عـلى الهدر؛ بطرحي رقماً هائلاً: كل عـام يتم هدر 2.1 مليار طن من المواد المختلفة عـلى سطح كوكبنا؛ ألا نشعـر بالصدمة لسماع هذا؟

هنالك خطوات بغـية وقف الهدر؛ أولها (وأهمها) معـرفة أن هنالك هدراً؛ وآخرها ولعـل هذا ما نحتاجه فعـلاً: وقف هدر الوقت!

أما بالنسبة للموارد – وهي محدودة عـلى كوكبنا- فالقرارات الأربعـة ( Reduce، Reuse، Recycle، Recover) بالتخفيف من الكميات؛ وإعادة استعـمال المواد؛ وتدوير تلك المواد؛ واستعـادة الكثير من فوائدها.

هي مبادئ «كايزن» التي أدخلتها مؤسسة تويوتا؛ للعـمل الأمثل؛ تحت ظل هدر يقارب الصفر..

وصلت دراسات الحد من الهدر إلى الرسائل التي نرسلها بمئات الملايين عـبر الأثير يومياً؛ وتسبب E waste؛ وقامت مؤسسة واتساب بإجراءات احتياطية للتخفيف منها!

ألم تقم جداتنا؛ بتحويل قميص الأب إلى نصف كم؛ ثم تصغـيره ليناسب الابن؛ ثم استعـماله كمنشفة بالمطبخ في نهاية المطاف؟

تساؤلي الآن: كم «فيشواس» لدينا؟ وكم من مدير يتخذ قرارات رعـناء؛ ويقدم عـلى تصرفات مرفوضة؛ في المؤسسة التي يعـاملها كمزرعـة خاصة له؛ ولأقربائه؛ ضارباً عـرض الحائط: بالمصلحة العـامة؛ والقوانين؛ والعـرف؛ والأخلاق!؟ وكم المواد والجهود التي تهدر لغـايات عـبثية؟

سنحتاج عـندها – كما قال «نيل آرمسترونج» – إلى خطوة صغيرة بالنسبة للإنسان؛ ولكنها تعـتبر قفزة هائلة بالنسبة للبشرية!

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن