قضايا وآراء

حرب أوكرانيا في السباق التمهيدي للحزب الجمهوري

| دينا دخل الله

بما أن هذه السنة هي سنة انتخابية في الولايات المتحدة فإن جميع الملفات الداخلية والخارجية توظف في السباق الرئاسي، وحرب أوكرانيا من الملفات الساخنة الحاضرة ليس فقط في السباق الرئاسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بل هي حاضرة بقوة في السباق على نيل ترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٤.

على الرغم من أن أغلبية المرشحين الجمهوريين يدعمون أوكرانيا في حربها، إلا أن أحد أبرز المرشحين والأوفر حظاً لنيل ترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية لا يتبنى الموقف الداعم لأوكرانيا.

يرتبط هذا التناقض داخل الحزب الجمهوري، حسب محللين، إلى وجود تيارين متنافسين داخل الحزب، تيار الانعزالية الجديدة التي عرفت «بالترامبية»، وهو التيار الذي ينتمي إليه الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب وحاكم ولاية فلوريدا والمرشح أيضاً للانتخابات التمهيدية للحزب رون ديسانتس، أما التيار الثاني وهو تيار المحافظين الجدد الذي ينتمي إليه باقي المرشحين الجمهوريين كنائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس ونيكي هايلي وغيرهم.

قال ترامب في مقابلة على «فوكس نيوز» إنه «كان سيتفاوض مع روسيا للوصول إلى صفقة تسمح لروسيا السيطرة على مناطق معينة من أوكرانيا»، وأضاف إن «التصدي لروسيا في اوكرانيا مصلحة استراتيجية لأوروبا وليس للولايات المتحدة».

أما رون ديسانتس فأعلن أن «استمرار دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا ليس مصلحة وطنية حيوية، فالمصالح الحيوية الأميركية تتمثل بتأمين الحدود وتحقيق امن الطاقة ومراقبة القوة الاقتصادية والعسكرية للصين».

لم يخف ترامب رأيه منذ البداية، إلا أن هناك تحولاً واضحاً في موقف ديسانتيس الذي انتقد الرئيس الأميركي الأسبق باراك اوباما عام ٢٠١٤ لعدم تقديمه مساعدة لأوكرانيا عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم واعتبره «خطأ فادحاً».

بينما يتهم ترامب ديسانتيس بأنه يقلده، ويرى مراقبون أن هذا التحول في رأي ديسانتيس هو دليل على وجود تحول في الرأي العام لدى القاعدة الشعبية للكتلة الأوسع من الحزب الجمهوري، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن ٤٠ بالمئة من الناخبين الجمهوريين يرون أن الولايات المتحدة تقدم كثيراً من الدعم لأوكرانيا، كما انخفض تأييد الناخبين الجمهوريين لتوفير السلاح لأوكرانيا من ٥٣ بالمئة إلى ٣٩ بالمئة حسب استطلاع أجرته «أسوشييتد برس».

أما التيار الثاني داخل الحزب الجمهوري والذي ينتمي إليه العدد الأكبر من المرشحين المحتملين للرئاسة فيؤيد مناخاً داعماً لأوكرانيا داخل الكونغرس، ويقول نائب الرئيس الأميركي السابق والمرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية الأميركية مايك بنس إنه «يدعم الذين يقاتلون أعداءنا على شواطئهم حتى لا نضطر لمحاربتهم بأنفسنا»، أما السفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي والمرشحة المحتملة أيضاً فتقول إن «مساعدة أوكرانيا هي مصلحة وطنية للولايات المتحدة»، على حين أكد وزير الخارجية الأميركية السابق مايك بومبيو أن «مساعدة أوكرانيا في إنهاء غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي بالتأكيد في مصلحة أميركا الحيوية».

من الواضح أن معظم المرشحين المحتملين للرئاسة ومعظم المؤسسة الجمهورية في الكابيتول هيل «الكونغرس» بمن فيهم السيناتور ميتش ماكونيل زعيم الاقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، والسيناتور ماركو روبيو والسيناتور ليندسي غراهام وغيرهم من كبار الجمهوريين، صاغوا حرب أوكرانيا على أنها معركة دفاع عن الأمن الدولي.

يشير ما سبق إلى أمرين مهمين هما، أولاً: وجود انقسام حاد داخل الحزب الجمهوري وانفصال عن نهج المحافظين الجدد استند إليه ودفع به الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن في حربي العراق وأفغانستان. ثانياً: تكتسب أهمية معارضة ترامب وديسانتيس لمساعدة كييف في كونها تثير تساؤلات عن مستقبل استمرار دعم كييف في حال فاز أي منهما بالرئاسة، وهو احتمال وارد وخاصة أن داعميهما يشكلون أكثر من ٧٥ بالمئة من الناخبين الجمهوريين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن