قضايا وآراء

من الإدارة إلى المعالجة هل ينجح العرب؟

| منذر عيد

عاد الحراك العربي والدولي من جديد على طريق العلاقات العربية وسورية من جديد، متضمناً الحديث عن عودة اللاجئين إلى وطنهم، عبر تقديم الأردن من طرف جملة من الرؤى والخطط للوصول إلى حل مسألة اللاجئين التي أرقت الداخل الأردني، وشكلت ضغطاً كبيراً على اقتصاده، ومن طرف آخر عودة الولايات المتحدة الأميركية للحراك على ذات الطريق ولكن من باب التعطيل ووضع العراقيل في عجلات التحرك العربي نحو دمشق، الأمر الذي كشفته الاستخبارات الروسية مؤخراً بأن واشنطن تخطط للقيام بعمل إرهابي بالمواد الكيماوية في الجنوب لاتهام الحكومة السورية، وإعطاء صورة للآخرين بان التقارب معها خطأ وخطيئة.

من المؤكد أن دمشق ترحب بعودة أبنائها ولا ترفض أي مقترح أو خطوة عملية على أرض الواقع تسهم في عودة اللاجئين إلى وطنهم، وهي التي عملت وتعمل جاهدة إلى توفير البنى التحتية في المناطق التي دمرها الإرهاب للتمكن من استقبال أهلها المهجرين، كذلك عبر جملة من التشريعات والقوانين والمصالحات، ترحيب مبني على مرتكزات وأسس وثوابت أهمها عدم تسييس الملف الإنساني، وتحويل اللاجئين إلى ورقة ضغط وابتزاز، الأمر الذي أكد عليه الرئيس بشار الأسد خلال استقباله أول من أمس وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي حين قال: «إن ملف اللاجئين مسألة إنسانية وأخلاقية بحتة لا يجوز تسييسها بأي شكل من الأشكال»، الأمر ذاته شدد عليه وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد بالقول: «لكل سوري الحق بالعودة لبلده وسيتم التعامل معه في إطار القانون والسيادة ولا يوجد في سورية من دفع دفعاً من الدولة ليترك وطنه، وهو ليس بحاجة إلى بطاقة دعوة لكن بحاجة لتأمين المستلزمات الأساسية لتأمين هذه العودة».

الأردن الذي أعلن أنه أكثر المتضررين من الأزمة في سورية بعد السوريين، يدفع قدماً باتجاه إنهاء الأزمة كهدف يمثل رغبة جميع الدول العربية، عبر تقديمه خطة مكتوبة تحت عنوان تحفيز المجتمع الدولي على تغيير موقفه من سورية وفق ما نقلت «القدس العربي» عن مصادر أردنية خاصة.

إلا أن ثمة سؤال يطرح نفسه بخصوص الخطة الأردنية تلك، عن مدى إمكانية نجاحها مع تعنت الغرب بمواقفه العدوانية ضد سورية، وكشف الاستخبارات الروسية أن الجانب الأميركي يحضر لاستفزازات في جنوب سورية باستخدام مواد كيميائية سامة، وتأكيدها أن فريق الرئيس الأميركي جو بايدن يفعل كل ما في وسعه لعرقلة التطبيع العربي مع سورية ولتشويه سمعة القيادة السورية.

قراءة العرب للمشهد السوري من زاوية جديدة، ومن نظرية «خطوة مقابل خطوة» التي طرحها الأردن، وتبناها العرب على ما يبدو، تنطلق من التركيز على ملف اللاجئين، لكونه أكثر الأمور التي نتجت عن الحرب الإرهابية على سورية، وطالت تشظياته الجوار السوري، ففعلت في تلك الدول من لبنان إلى الأردن وتركيا ما فعلته من ضغوط وأزمات اقتصادية، وليصبح الجميع أمام حقيقة ضاغطة وهي ضرورة العمل على مشروع التعافي المبكر في سورية، والإسهام في مساعدة الحكومة السورية على النهوض باقتصادها المتهالك بفعل الحرب، ليكون ذلك رافعة وبداية لعودة اللاجئين، كل ذلك انعكس بشكل جلي في كلام الصفدي خلال محادثات موسعة مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نهاية الأسبوع الماضي، إن الأردن تجاوز طاقاته الاستيعابية في استضافة اللاجئين الذين يجب أن تكثف الجهود لتأهيل البنية التحتية في سورية لتسهيل عودتهم الطوعية إليها، مؤكداً، أن عودة اللاجئين السوريين الطوعية إلى بلدهم في أسرع وقت ممكن يمثل السبيل الوحيد لحل الأزمة بشكل جذري.

محاولة تغيير الدول العربية المقاربة الدولية في التعامل مع الأزمة السورية التي تنصب على إدارة الأزمة وبقاء الوضع الراهن، إلى خطوات عملية نحو معالجة تبعاتها، يبقى رهن تجاوب الولايات المتحدة الأميركية والغرب التابع لها في التخلي عن تسييس ملف اللاجئين، والذهاب نحو رفع العقوبات بما يمكن دمشق من البدء بإعادة الإعمار والنهوض من جديد باقتصادها وإعادة تأهيل بناها التحتية لتكون بالوضع الذي يمكنها من استقبال جميع من غادرها بفعل الإرهاب والأوضاع السيئة التي نتجت عن الحرب.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن