ثقافة وفن

الدراما الإذاعية فن مستقل بذاته … أحمد السيد لـ«الوطن»: الحامل الرئيسي للدراما هو النص قبل كل شيء

| مصعب أيوب

الكتابة للدراما الإذاعية ليست بالأمر السهل، فهي تتطلب إلماماً تاماً بكافة أبعاد العملية الإنتاجية التي تحتاج بطبيعة الحال إلى تفعيل خيال المستمع حتى يتمكن من التماهي مع ما يسمعه ويندمج فيه، فالصورة تغيب تماماً وتبقى المهمة ملقاة على عاتق الصوت ليكون له وقع عظيم في أذن المتلقي، وهذا ما أكده الفنان والكاتب أحمد السيد الذي خص «الوطن» بلقاء مميز فهو صاحب تجربة ثرية مع العمل الإذاعي.

أجور متدنية

يعتبر الفنان أحمد السيد أن الدراما الإذاعية فن مستقل بذاته رغم وجود بعض التقاطعات بينه وبين الدراما التلفزيونية، ولكن تختلف الدراما الإذاعية عن التلفزيونية بنقطة مهمة جداً وهي أن الدراما التلفزيونية تعتمد على الصورة والحوار وأحياناً الصورة تفسر الحوار وتدعمه، على حين أن الإذاعية تعتمد على الحوار فقط الذي يؤديه الممثل بحس عال كي يوصل الفكرة عبر أذن المتلقي، ففي الإذاعة الأذن تسمع وترى وتحس بالمكان والحدث وحالة الممثل لذلك الإذاعية موجودة ولها عشاقها وجمهورها ولكن للأسف صناع الدراما الإذاعية مظلومون بالأجور فهم لا يتقاضون إلا الفتات الذي لا يسد رمقهم، ويدفعهم للعمل فيها عشقهم لهذا الفن الرفيع وهذا الفن لا يدعمه القطاع الخاص فهو فقط من إنتاج القطاع العام الذي حافظ مشكوراً على استمراريته وديمومته رغم كل المصاعب والسبب في ابتعاد القطاع الخاص عن إنتاج الدراما الإذاعية هو التسويق فسوق الدراما الإذاعية غير رائج وغير مربح برأيهم.

يضيف «الممثل الذي لم يدخل عالم الدراما الإذاعية ستكون خبرته ناقصة.. لأنه لم يمارس حالة الأداء بخيال يجسد للمستمع الزمان والمكان والحدث والحالة الدرامية».

حضور وتألق

الدراما التلفزيونية ليست كباقي الفنون في محدودية انتشارها وعرضها، هكذا يؤكد السيد أن التلفزيون تفوق على باقي الأنواع الأخرى، فالمسرح مثلاً الذي يكون العرض فيه ضمن خشبة ضيقة وجمهور نخبوي جاء خصيصاً لمشاهدة العرض وتلقي الأفكار عبر حكاية محصورة ضمن جدران المسرح ولعبة الممثلين وحبكة الكاتب وإدارة المخرج… ولكن في التلفاز الموضوع مختلف، فالصورة تنتشر بسرعة النار بالهشيم عبر شاشات التلفزة في كل أنحاء العالم وتخترق البيوت ويلتم حولها جميع شرائح المجتمع بمختلف ثقافاتهم وأعراقهم وهنا مكمن الحساسية والخطورة لهذا النوع من الفنون لذلك على صناع الدراما التلفزيونية أن يكونوا حاملين لهموم مجتمعهم ومهتمين بكل التفاصيل التي تظهر أوجاع هذا المجتمع بكل ثقة وأمانة مع امتزاج الثقافة والدراية في كل ما يطرح من قبل الكادر الفني الذي يقدم هذه الدراما وعدم الاستهانة ابداً بثقافة المتلقي مهما كانت درجة ثقافته وهنا تكمن الخطورة في طرح الموضوع ومعالجته فنياً وأدبياً ويتابع في حديثه… أعتقد أن الدراما التلفزيونية السورية كانت على هذا المستوى من الوعي والعمق. بغض النظر عن بعض الأعمال التي كانت دون المستوى وما يثلج صدورنا نحن الدراميون هو القبول الرائع الذي لاقته درامانا على مستوى الوطن العربي.

كاتب درامي مثقف

السيد ألف برنامج «محكمة الضمير» الذي حصد جماهيرية عالية وأصبح عمره اليوم نحو ١٨ عاماً فقد بات من أهم البرامج الإذاعية الدرامية وحصد العديد من الجوائز لأسباب عدة أهمها تطرقه لمواضيع حساسة لا بد من تحكيم الضمير فيها قبل العرف أو القانون أو الدين حتى، يتابع حديثه قائلاً: الدراما هي صرخة الشارع فإن لم تكن هذه الصرخة محمولة على حامل متين وواع فإن نتائجه ستكون كارثية وقد تسبب شرخاً في المجتمع، وبرأيي أن الدراما التلفزيونية السورية كانت الحامل الصادق لهموم المجتمع السوري ونقلته بكل أمانة بغض النظر عن بعض الأعمال السيئة التي رفضها الجمهور.. وما تزال الدراما التلفزيونية السورية وبسبب تراكم الخبرات والغنى الثقافي والمهني لدى صناعها تسير في طريقها الصحيح والدليل هو محبة جمهورنا في أرجاء الوطن العربي لما تقدمه الدراما السورية من مواضيع مهمة عبر كادر فني متمرس وفنانين أصبحت لديهم خبرة لا يستهان بها في هذا المجال وهنا أؤكد بأن الحامل الرئيسي للدراما هو النص قبل كل شيء وثقافة الكاتب هي من تحدد مستوى هذا النص والأمثلة على ذلك كثيرة.

«الشلة الفنية»

وحول المفارقات التي واجهته خلال مسيرته المهنية يجيب السيد: الانتقائية في صنع النجوم هي من أكثر تلك المفارقات أو بتسمية أصح «الشلة» فلدينا في الوسط الفني طاقات هائلة لو تم استغلالها بشكل صحيح لكانت سماء الفن لدينا تعج بالنجوم ولكن العلاقات الخاصة والانتقائية جعلت الأضواء تسلط على مجموعة معينة وتهمل البقية وهذا وجع درامانا، مشيراً إلى أن الخريجين الجدد يتوجهون فوراً للانخراط في الإنتاج التلفزيوني لسهولة وسرعة الانتشار والشهرة وبسبب الأجور المادية المرضية التي من غير الممكن أن يجنوها في الإذاعة أو المسرح حتى.

وعن رأيه بالدراما المشتركة أو الأعمال المعربة عن التركية يقول السيد: حققت انتشاراً واسعاً ولها جمهورها الخاص وأنا لست منهم ولن أكون منهم.

وفي الختام صرح السيد أنه تم البدء مؤخراً بتصوير مشاهد العمل الذي ألفه تحت اسم «صديقات» ويخرجه محمد زهير رجب.

يستلهم السيد موضوعاته وأفكاره من الواقع والشارع وأوجاع الناس ومشاكلهم، لأنها تحرك في داخله حالة الرفض وتحرضه على التصدي لها، وكان من أكثر الرسائل التي أراد التركيز عليها في كتاباته هي تلك الموجهة إلى من أرادوا قهر الإنسان بلقمة عيشه وحقه في حياة كريمة.

السيد من مواليد قرية سحم الجولان وله أعمال عدة في الإذاعة منها «خزانة العرب وظواهر مدهشة وهن في عيون الأدب» وفي التلفزيون شارك مؤخراً في كل من «خريف العشاق ودقيقة صمت ومسافة أمان والحب كله وأبو جانتي».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن