1970 – 1971 معرض فني في البيت الأزرق … بين الحداثة والأصالة… لوحات تحمل عبق الماضي إلى الحاضر
| مصعب أيوب
ثلاثة فنانين من المخضرمين عرضت لوحاتهم في غاليري البيت الأزرق بدمشق بعد أن أصبحت أعمارهم اليوم تلامس السبعين وهي لكل من المصمم والخطاط مأمون صقال والشاعر منذر المصري والفنان سعد يكن الذي وهب حياته للرسم.
ويحمل المعرض عنوان: 1970-1971 كناية عن تاريخ رسم تلك اللوحات حيث كانت أعمار من رسموها لم تتجاوز العشرين ولم يسمع باسمهم إلا القليل فكان لا بد من تقديم هذا الحوار الإبداعي ليشاهد جمهور ومحبو الفن التشكيلي ما خطته أقلام وريشة هؤلاء الفنانين بالأمس.
معطيات تاريخية مهمة
في تصريح الفنان سعد يكن لـ«الوطن» أكد أن المعرض جاء نتاج مجهود ونشاط الشاعر منذر المصري وهو ما عاشه في حلب سنة 1970 عندما درس المرحلة الجامعية حيث جمعته صداقة مميزة به حيث عمد في وقتها إلى جمع تلك الأعمال والاحتفاظ بها واحتضنها بمحبة كبيرة وهو صاحب هذه الفكرة والمبادرة المميزة، وله يرجع الفضل الكبير بهذا الجمع الكريم الذي نشهده اليوم.
وتابع يكن قائلاً: أهمية المعرض تأتي من كونه يقدم بحثاً جدياً لفنانين منذ خمسين عاماً ليبين طبيعة تجربتهم الحقيقية والصميمية البعيدة عن الاستعراضات بعيداً عن النزعة التجارية فكانت مملوءة بالمحبة والدفء في محاولة لفهم الأشكال واقعياً ودراسة للشكل والموضوع متجنبين بذلك الاستعراضات السريعة لما هو موجود.
كما أكد أن المعرض يقدم صورة واضحة عن فنانين استطاعوا أن يطوروا تجربتهم ويغيروا أساليبهم ليستقروا أخيراً على أسلوب واحد فيما بعد ومن خلاله يتم تقديم رؤيتهم الإنسانية للواقع العام الذي يكون نتيجة ثقافة ومعرفة، لذلك فإن كل القضايا المرتبطة هي عبارة عن معطيات تاريخية مهمة جداً ونواتها هي لوحات المعرض التي صممت ونفذت قبل نحو خمسين عاماً.
معارض إلكترونية
ومن جانبه الفنان منذر مصري أوضح أن أهمية المعرض تأتي من كونه بداية مشروع فني نجح وقدم مقولة حقيقية يتباهى بها الإنسان ككل.
كما نوه بأن المحبة والصداقة تعطيان نتائج إيجابية وناجعة في كل زمان ومكان ولاسيما إذا كانت في الجانب الفني وهو ما يدلنا عليه الأعمال الفنية وفق متطلبات العصر، وأكد أن البشرية لم تتخل عن فنون الماضي وحافظت على أصالته ولكن تم عرضها في متاحف عالمية متخصصة وفي أحيان كثيرة كانت إلكترونية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما أعطى المعرض نكهة خاصة اليوم.
عطاء متواصل
في تصريح لـ«الوطن» أفاد أمين سر اتحاد الفنانين التشكيليين أن المعرض عبارة عن سكيتشات قديمة يصل عمرها لما يقارب الخمسين عاماً لفنانين من مستوى عالٍ، أصحاب مشاريع متميزة وهم الأساتذة سعد يكن ومنذر مصري ومأمون صقال حيث كان يتم تداول هذه اللوحات فيما بينهم وقد احتفظ بها منذر المصري إلى أن وصلوا إلى الفن التشكيلي ليبينوا لنا كيف كان حاله منذ ذاك الوقت وكيف أضحى اليوم، وهو ما أسهم بوصول الفن التشكيلي إلى معارض عالمية ودولية وضمن متاحف أوروبا وفي بلدان كثيرة من الوطن العربي، فهي أعمال فنية لأشخاص متميزين ليفسحوا الطريق نحو التجديد والحداثة فهؤلاء الفنانين لم ينقطعوا عن العطاء والتقديم منذ عقود كثيرة.
كما نوه غانم بأن الفنانين التشكيليين الرواد الذين رحلوا عن عالمنا وكانوا أصحاب بصمة لامعة في عالم الفن التشكيلي لا تزال أعمالهم متداولة بين الأوساط الفنية وتتم الاستعانة بها في المواضيع الجديدة، وكان لكل منهم أسلوب معين ومميز وهو ما جعل الفنانين الجدد ينهجون النهج ذاته في أعمالهم وأصبحنا نفتقد الخصوصية والشخصية في الأعمال، فهي اليوم على مستوى جيد ولكن نطمح أن تكون بشكل مميز أكثر.
قاسم مشترك
الفنانة التشكيلية نداء دروبي لفتت إلى أن المميز في هذا المعرض وجود أسماء كبيرة فيه ممن تركوا أثراً عظيماً في الحركة التشكيلية، وبينت أن القاسم المشترك بين الفنانين الثلاثة أنهم تعبيريون يركزون على البقعة اللونية وتأثير الظل والنور على الصفحة البيضاء فهم متأثرون بفن الغرافيك الواضح في اللوحات سواء أكانت ملونة أم بالأبيض والأسود.
وتابعت دروبي أننا نلاحظ في التلخيص في المساحات اللونية في اللوحات المعروضة واختزالها للتأكيد على الفكرة بالإضافة إلى وجود بعض الزخارف في هذه الأعمال ولاسيما بتجسيد الإنسان ضمن وحدات زخرفية، كما لا يغفل المشاركون فن الحفر ويمكننا أن نستوضح تأثر اللوحات بالفن الغربي على الرغم من قدمها ومرور عقود كثيرة على إنشائها إلا أن السمة الغربية تظهر واضحة في الكثير من اللوحات من خلال اعتماد الألوان البسيطة وكذلك الأشكال الهندسية السلسة بعيداً عن التوغل والتعمق في الإضافات الكثيرة ضمن اللوحات لإظهار الحالة التعبيرية.
وأكدت دروبي أن المعرض يولد حالة تعبيرية زمنية لأنه يتيح لجمهور اليوم الاستئناس والاستمتاع بلوحات قديمة في عبق الماضي الجميل وجماليته المميزة، فالمعرض يعطي صفة حيوية من خلال الأعمال الفنية المبهرة.
وكما عهدنا عن البيت الأزرق فإنه دائماً حاضناً للفن والإبداع ويفسح المجال للمعاينة والاستمتاع بالمشهد التشكيلي الأصيل.