من دفتر الوطن

الوعود المعسولة!!

| عبد الفتاح العوض

علاقتنا مع الكلام المعسول متناقصة..

ففي حالات كثيرة نتعامل أن صاحب اللسان الحلو شخصية جميلة ومحببة.. واستخدام الكلمات الطيبة تعتبر واحدة من الأشياء التي تحض عليها ثقافتنا الاجتماعية من جميع منابعها.

فالكلمة الطيبة كشجرة طيبة.. وقولا قولاً ليناً… والكلمة الطيبة تخرج الأفعى من وكرها.. وكثير من المدائح بأصحاب الكلام الطيب- ولكن على حد شعرة- يتحول الوصف من كلام طيب إلى معسول. وهنا يصبح العسل مغشوشاً، يتم التعامل مع فكرة الكلام المعسول على أنه حالة من حالات التملق الممجوج وهو أيضاً يندرج تحت «يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم».

أحاول أن أقترب من هذا الموضوع من ناحيتين: الناحية الأولى متفق عليها وهي التي لها علاقة بكلام المسؤولين والوعود التي يقطعونها والكلام المعسول الذي يقدمونه عن القادم من الأيام..

جميعكم يذكر كلاماً معسولاً من نوع انفراجات قريبة، انخفاض في سعر الدولار، وسيندم المضاربون، وانخفاض بعد شهر على الأسعار.. وتحسن في الكهرباء بعد الشهر السادس.. السابع.. «الخامس عشر!!».

وكثير من الوعود المعسولة التي لم نرَ منها شيئاً على أرض الواقع، ومن اللافت أنها تتكرر دوماً، وبعض من المسؤولين هم أنفسهم يكررون تلك الوعود المعسولة، وفوق كل ذلك لم يجد أحد منهم أي داعٍ ليخرج على الناس ويقول: يا جماعة وعدتكم فأخلفتكم وعذري في ذلك كذا وكذا، بل على العكس لا يشعر أي من أصحاب الوعود المعسولة بالحاجة ليقدم أي عذر ولو كان العذر أقبح من الذنب!!

الجانب الثاني الذي أقترب فيه من الكلام المعسول هو ما يمكن أن نعتبره مشكلة اجتماعية ووجهها الأساسي هو النفاق.

وأستطيع بلا حرج أن أقول إن الموضوع له علاقة بطبائع البشر، فهناك قسم من الأشخاص يعتبر تقديم الكلمات الطيبة والمدائح الخاصة هي رشاوى كلامية لا يخسر من خلالها شيئاً، على حين تعتبر هي الطريقة الأسهل للحصول على مبتغاه.

وإن كان هذا الأمر يندرج في إطار التملق وتمسيح الجوخ إلا أنه يبقى سلوكاً اجتماعياً لا يلقى الاحترام.. وبالمقابل فإن الأشخاص الذين لا تساعدهم طبائعهم على تقديم هذه الرشاوى، فإن ما يحصلون عليه من نتائج لاشك أنه يقنعهم بأن أسلوبهم الفج وكلماتهم الحادة ليست إلا أداة تبعدهم عن الناس وعن حاجاتهم من الناس.

بقي أن أناقش فكرة بسيطة جداً لها علاقة بهذا الموضوع تأتي على شكل سؤال: هل المرأة تتأثر أكثر بالكلام المعسول أم الرجل؟

المتعارف عليه أن النساء هن الأسهل في الوقوع تحت تأثير الكلمات، لكن الذي يمكن أن يلاحظه الكثيرون أن الرجال مهما علا شأنهم يطربون للمدائح والكلمات الجميلة، ولعل من اللافت جداً أن أصحاب هذه الكلمات يستطيعون التعامل أكثر مع «القساة والطغاة» من الرجال بكل مستوياتهم.

المدائح والكلمات المعسولة هي مخدر فعال للنساء والرجال على حد سواء.

ببساطة هي كلمات ليست كالكلمات..

أقوال:

• من يسمعك الكلام المعسول يطعمك بملعقة فارغة.

• الكلمة الحلوة مفتاح أبواب حتى لأولئك الذين قلوبهم من حديد.

• بين القول والفعل…. يتوسط البحر.

• الرجل الذي يلاطف المرأة بكلام جميل أكثر وسامة من غيره حتى ولو لم يكن جميلاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن