أكد أن سورية واجهت حملةً غير مسبوقة من الاتهامات الباطلة والبعض أقحم «حظر الكيميائي» بقضايا جيوسياسية وأمنية … عطية: دمشق لا تعترف بـ«فريق التحقيق وتحديد الهوية» وترفض أي مخرجات له
| وكالات
أكد مندوب سورية الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي السفير ميلاد عطية عدم اعتراف سورية ودول أخرى بما يسمى «فريق التحقيق وتحديد الهوية» منقوص الشرعية، الذي أُعطي ولايةً تخالف نصوص اتفاقية الحظر، ورفضها أي مخرجات صدرت أو ستصدر عنه مستقبلاً انطلاقاً من احترامها وتقيّدها والتزامها بنصوص الاتفاقية، مشدداً على مطالبة سورية جميع الدول الأطراف والأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها لصون استقلالية ومصداقية هذه المنظمة ومستقبلها، وألا تسمح للولايات المتحدة ومجموعة من الدول الغربية بتسييس عمل المنظمة واستخدامها كأداة لتحقيق أهدافها السياسية، والاستمرار بممارسة ضغوطها وعدوانها عليها.
ونقلت وكالة «سانا» عن عطية قوله أمس في بيان أمام الدورة الـ 103 للمجلس التنفيذي للمنظمة: «انطلاقاً من إيمان سورية الراسخ بأن اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية تشكل أحد أهم الاتفاقيات الدولية التي تعمل على تخليص العالم من فئة كاملة من أسلحة الدمار الشامل، فقد انضمت سورية إليها ونفذت جميع التزاماتها خلال وقت قياسي في ظل ظروف صعبة للغاية لم تشهدها دولة طرف أخرى في هذه الاتفاقية، ولطالما أكدت سورية رفضها القاطع لاستخدام الأسلحة الكيميائية من أي جهة كانت وتحت أي ظرف وفي أي مكان».
وأوضح عطية أن المنظمة عانت منذ عام 2018 انحرافاً خطيراً في عملها وتعاني اليوم استقطاباً وانقسامات حادةً لم تشهدها من قبل، نتيجة محاولات بعض الدول الغربية استخدام المنظمة كأداة لتنفيذ أجندات سياسية لا علاقة لها بأهداف وأغراض هذه الاتفاقية.
وأشار عطية إلى أن بعض الدول الغربية عملت على إقحام هذه المنظمة الفنية مجدداً بقضايا جيوسياسية وأمنية ذات طابع إقليمي ودولي، ويبرز ذلك جلياً باستخدام تلك الدول لاجتماعات أجهزة صنع السياسات في المنظمة منصةً لتوجيه اتهامات باطلة لروسيا فيما يتصل بعمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، مجدداً في هذا السياق تأكيد سورية على حق روسيا في الدفاع عن نفسها وحماية أمنها القومي رداً على السياسات الغربية العدوانية، وأن موقف سورية المؤيد للعملية كان وسيبقى قائماً على اعتبارات ومبادئ سياسية وأخلاقية وقانونية راسخة.
وبين عطية أن سورية واجهت حملةً غير مسبوقة تاريخياً من التشكيك والاتهامات الباطلة بعدم التعاون مع المنظمة وأمانتها الفنية، مشيراً إلى أن سلوك تلك الدول يتناقض بشكل صارخ مع نصوص الاتفاقية ومع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وما هو إلا محاولة لتوظيف المنظمة وما تبقى من الجوانب الفنية في «ملف الكيميائي» لخدمة أغراضها السياسية العدائية ضد سورية، ورغم كل ذلك استمرت سورية في تعاونها الإيجابي التام مع المنظمة وفرقها.
ولفت عطية إلى أن سورية ومعها العديد من الدول عبّرت في أكثر من مناسبة عن ملاحظات موضوعية تخص عمل «بعثة تقصي الحقائق» التي ثبت انحيازها وعدم مهنيتها وتزويرها للحقائق في أكثر من تقرير أصدرته لغاية الآن، ومع ذلك تعاونت سورية مع فرق هذه البعثة وقدمت لها كامل التسهيلات المطلوبة لإنجاح مهماتها، مطالباً بضرورة تجاوز البعثة للعيوب المرتبطة بنهج وطرائق عملها، واحترامها لأحكام الاتفاقية، والالتزام بالمعايير المهنية ووثيقة الشروط المرجعية التي جرى الاتفاق عليها مع سورية.
وقال: إن «تقرير هذه البعثة الصادر في الـ 28 من حزيران الماضي حول حادثتي خربة المصاصنة في محافظة حماة، ونفي استخدام أسلحة كيميائية في هاتين الحادثتين، هو خير دليل على العيوب الواضحة في عمل فريق هذه البعثة، حيث قدمت سورية كل المعلومات والوثائق المطلوبة والشهود لفريق البعثة على مدى أكثر من سنة، في الوقت الذي اعتمدت فيه البعثة في تحقيقاتها على معلومات مفبركة من مصادر مفتوحة غير موثوقة، ولم تقم بزيارة مواقع أغلب الحوادث ولم تجمع عينات بيئيةً وأحيائيةً بنفسها، وشكلت المجموعات الإرهابية مصدراً أساسياً لمعلوماتها».
وفيما يخص فريق تقييم الإعلان الذي تم إنشاؤه بناءً على طلب سورية لمساعدتها في إعداد إعلانها الأولي، أوضح عطية أن الدول الغربية عملت على حرف عمل هذا الفريق وتحويله إلى أداة إضافية للضغط على سورية رغم التزامها بحوار منظم مع الفريق، وتقديم كل التسهيلات المطلوبة لإنجاح مهماته.
وشدد عطية على موقف سورية الثابت من «فريق التحقيق وتحديد الهوية» منقوص الشرعية، الذي أُعطي ولايةً تخالف نصوص الاتفاقية، ولهذا فإن سورية إلى جانب دول أخرى لا تعترف بشرعية الفريق وعمله، وترفض أي مخرجات صدرت أو ستصدر عنه مستقبلاً، انطلاقاً من احترامها وتقيدها والتزامها بنصوص اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
وأعرب عطية عن أسف سورية لرفض الأمانة الفنية التعامل مع هذه الملاحظات والتقارير العلمية والموضوعية، موضحاً أن صمت الأمانة الفنية ورفضها دليل على التحيز وانتهاك الأمانة للولاية المنوطة بها، وبناءً عليه تطالب سورية جميع الدول الأطراف ومنظمة الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها لصون استقلالية ومصداقية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومستقبلها، وألا تسمح للولايات المتحدة ومجموعة من الدول الغربية بتسييس عمل المنظمة واستخدامها كأداة لتحقيق أهدافها السياسية، والاستمرار بممارسة ضغوطها وعدوانها على سورية.
وأشار عطية إلى تأكيد سورية أن سلوك بعض الدول الأطراف في التغطية على جرائم وممارسات المجموعات الإرهابية، وتجاهل ما قدمته من معلومات موثقة في هذا المجال، شجّع الإرهابيين على ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة بحق المواطنين السوريين بما في ذلك استخدام مواد سامة طوال السنوات التسع الماضية.
ولفت عطية إلى أن تحقيق عالمية اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية يمثل خطوةً مهمةً جداً في ضمان إقامة نظام عالمي فعّال ضد هذه الأسلحة، إلا أن هذا الأمر لن يتحقق من دون إلزام كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يمتلك ترسانةً ضخمةً من كل أنواع أسلحة الدمار الشامل بما فيها الكيميائية، بالانضمام إلى هذه الاتفاقية ووضع أسلحته النووية والكيميائية والبيولوجية تحت الرقابة الدولية.
ودعا عطية إلى التعاون الدولي لمواجهة القيود غير الشرعية التي فرضتها بعض الدول المعروفة على نقل التكنولوجيا العلمية للأغراض السلمية إلى الدول النامية وإخضاعها لإجراءات أحادية قسرية غير شرعية ضد دول أخرى، بهدف منعها من تحقيق التنمية الاقتصادية والعلمية لشعوبها، ومنعها من استخدام الكيمياء للأغراض السلمية في مخالفة صريحة لأحكام الاتفاقية وللقانون الدولي، مؤكداً في هذا السياق رفض سورية القاطع للإجراءات القسرية الأحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية عليها.