الخبر الرئيسي

سورية والعراق.. قمة الأخوة والتعاون

| الوطن

في زيارة تحمل دلالات بالغة الأهمية لجهة توقيتها والعناوين التي حملتها، حَطَّ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في دمشق، تلبية لدعوة رسمية من الجمهورية العربية السورية في زيارة هي الأولى لرئيس وزراء عراقي لسورية منذ نحو 13 عاماً.

الحضور العراقي الكبير في دمشق والذي جاء كتتويج لآلية التنسيق المتواصلة بين البلدين على جميع المستويات، جاء ليرسم ملامح مرحلة جديدة في العلاقات السورية- العراقية وأكد الآفاق الواعدة لاسيما على المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية.

وبحفاوة ترقى لمستوى علاقات البلدين وبمراسم استقبال رسمية في قصر الشعب، استقبل الرئيس بشار الأسد رئيس الوزراء العراقي الذي حضر على رأس وفد ضم نائب رئيس مجلس الوزراء- وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير التجارة أثير سلمان، والفريق الركن قيس رحيمة نائب قائد العمليات المشتركة.

العناوين التي حملها اللقاء الكبير كشفتها التصريحات المشتركة التي صدرت عن الرئيس الأسد والسوداني عقب المحادثات، والتي تركزت على العلاقات الثنائية بين سورية والعراق، وتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات بما فيها التبادل التجاري والنقل والصناعة، والتنسيق الدائم في مختلف القضايا السياسية، كذلك حضرت التحديات المشتركة التي يواجهها البلدان في صلب المباحثات وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والمخدرات، وسرقة حصة سورية والعراق من مياه نهر الفرات.

ولم يغِب الوضع العربي عن محادثات الرئيس الأسد والسوداني، حيث شكّل محور نقاش موسع بين الجانبين، وبدا توصيف الرئيس الأسد للوضع العربي لافتاً لجهة اعتباره إيجابياً نسبياً وليس مطلقاً، وتأكيده على كيفية استغلال هذا الوضع وهذه الإيجابيات المستجدة وتعزيز التعاون العربي بهدف تخفيف تداعيات الوضع الدولي المتفاقم على الدول العربية، حيث اعتبر الرئيس الأسد بأن التطورات الإيجابية الأخيرة لم تَرُق لصُنّاع الفوضى الدوليين الذين تحركوا فوراً وبسرعة من أجل إعادة عجلة التاريخ إلى الخلف، وهذا ما يستدعي المزيد من التعاون بين الدول العربية ثنائياً أو جماعياً عبر التجمعات الإقليمية أو عبر جامعة الدول العربية من أجل الحفاظ على ما تم تحقيقه وتطويره لاحقاً.

الرئيس الأسد وصف الزيارة بالمهمة وبأن أهميتها تأتي من طبيعة العلاقات العميقة بين الشعبين السوري والعراقي، ومن عمق التاريخ المشترك بين البلدين، التاريخ الأقدم والأعرق على الإطلاق في العالم، وأكد أنها فرصة لبناء علاقة مؤسسية وتحقيق قفزة كبيرة في التعاون الثنائي بين البلدين.

ولفت إلى أنه وخلال الحرب قدم العراق أغلى ما يمكن أن يقدمه إنسان وهي الدماء، وكانت هذه الدماء دماء مشتركة سورية- عراقية حمت الخاصرتين الغربية للعراق والشرقية لسورية، حمت الشعبين والجيشين العربيين، توحدت الساحات توحدت الدماء فتوحد المستقبل المشترك موجهاً التحية للجيش العراقي العربي الأصيل ولقوات الحشد الشعبي الذين سطروا أروع الانتصارات بالتعاون مع أشقائهم وإخوتهم في الجيش العربي السوري والقوات الرديفة في سورية.

الرئيس الأسد أشار إلى أن التحديات التي نواجهها اليوم وفي مقدمتها تحدي الإرهاب والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، «هذا الإرهاب الذي نراه ناشطاً وقابلاً للحياة لا يموت بفعل الإمداد الدولي وتحديداً الغربي، يضاف إلى ذلك أن بعض دول الجوار تورطت بشكل مباشر في دعم هذا الإرهاب، إما لأسباب توسعية أو لأسباب عقائدية متخلفة كما نعرف، بالإضافة للتحدي الأكبر وهو سرقة حصة سورية والعراق من مياه نهر الفرات وما يعنيه ذلك من عطش ومن جوع بسبب الوضع الكارثي للمحاصيل ومن انتشار للأمراض وتفشٍ للأوبئة والجائحات، يضاف لهذه التحديات تحديات التعدي على العرب بكل معاني التعدي في فلسطين، في الأقصى، التعدي على المقدسات، وغيرها من الأشياء التي تواجهنا كدول عربية، بالإضافة لموضوع المخدرات وهي الآفة الأخطر الآن التي تواجه الدول ولا تختلف عن الإرهاب، فهي قادرة على تدمير المجتمع بالطريقة نفسها التي يفعل الإرهاب فعله في أي مجتمع».

من جانبه أعاد رئيس الوزراء العراقي التذكير بتاريخية العلاقات السورية- العراقية فالبلدان مترابطان تاريخياً واجتماعياً وجغرافياً، بالإضافة إلى روابط الدم والقيم المشتركة والتواصل الاقتصادي والثقافي، والتي تعززت بالمواقف الوطنية والإنسانية المتبادلة التي تنبع من هذه الوشائج.

السوداني شدد على أن الأمن والاستقرار بين البلدين هما عاملان يدفعان نحو المزيد من الترابط والتعاون والتنسيق لمواجهة كل المخططات والتحديات التي تضر بالشعبين الشقيقين، مذكراً بموقف العراق الداعم لوحدة الأراضي السورية وبسط يد الدولة السورية والقانون على أقاليمها وكامل أراضيها والذي يعتبر مسألة أمن قومي عراقي أولاً، فأي جيب خارج عن السيطرة ويأوي المجاميع الإرهابية والتخريبية هو بقعة مرشحة لتهديد العراق والمنطقة والعالم بأسره، ومفتاح أمن المنطقة والاستقرار هو مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية ذات الجذر الاقتصادي، وربط الشعوب الشقيقة والصديقة بشراكات ومصالح، والاستثمار في مستقبل الشباب.

السوداني الذي أكد أنه لا مجال لترك سورية تواجه المخاطر لوحدها، لأن الأمر سيرتد سلباً على العراق والمنطقة، شدد على أن التحديات الأمنية هي الشغل الشاغل، ويجب الحفاظ على أمن واستقرار البلدين الشقيقين، وهذا يحتاج إلى مزيد من التنسيق على مستوى الأجهزة الأمنية وخصوصاً في المناطق الحدودية.

وبذات حفاوة الاستقبال واستثنائيته ودع الرئيس الأسد رئيس الوزراء العراقي في مطار دمشق الدولي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن