ثقافة وفن

الهجرة المعاكسة وتداعياتها على الكيان الصهيوني … تحديات تأمين فرص العمل والانسجام مع القدامى

| آلاء الخطيب

صدر كتاب «الهجرة المعاكسة وتداعياتها على الكيان الصهيوني» لمؤلفه عبد الحميد غانم عن الهيئة العامة السورية للكتاب وزارة الثقافة في دمشق ويتألف من 272 صفحة وهو مكون من ثلاثة فصول وكل فصل من ثلاثة مباحث وكل مبحث فيه ثلاثة مطالب.

إن الهجرة المعاكسة التي يتحدث عنها الكتاب تؤرق صانعي القرار الصهيونيين، فهذه الظاهرة التي بدأت تخرج من الكيان وخاصة إلى الدول الأوروبية جاءت مع مرور الزمن نتيجة تغير الأوضاع والظروف الدولية في الفصل الأول الذي يحمل عنوان: «السياق التاريخي للهجرة اليهودية إلى فلسطين».

البدايات

تناول الكاتب موضوع تسهيل الدول الاستعمارية الأوروبية وتشجيعها للهجرة اليهودية إلى فلسطين والظروف الدولية والإقليمية ومساعدتها على قيام الكيان الصهيوني والحركة الصهيونية التي دفعت يهود العالم للهجرة إلى فلسطين منذ نهاية القرن التاسع عشر وذلك لإقامة كيان استيطاني ووطن قومي لليهود في قلب الوطن العربي.

أشار إلى قلق الساسة الصهاينة وتوترهم على مستقبل الكيان واستمراره على الرغم من وفود ملايين المهاجرين اليهود وزيادتهم الديموغرافية في فلسطين وذلك حسب رأيه ما خلق مشكلات اجتماعية واقتصادية جعلتهم يواجهون تحديات لتأمين فرص العمل لهم وتحقيق الانسجام بينهم وبين القدامى وعندها بدأت مشكلة الهجرة المعاكسة بالظهور وكانت الخطر الأكبر الذي يهدد واقع الكيان ومستقبله.

المجتمع الدولي

في المبحث الأول تحدث الكاتب عبد الحميد عن «الظروف الدولية والإقليمية إبان قيام الكيان الصهيوني».

والمبحث الثاني «توظيف الهجرة اليهودية في المشروع الصهيوني».

وبالمبحث الأخير من الفصل الأول « إشكالية الهوية في ظل تنوع مصادر الهجرة واختلاف الانتماءات».

المصالح الاستعمارية ودورها في بلورة المشروع الصهيوني

اعتبره الكاتب المطلب الأول وقال إن الظروف والأحداث والمواقف الدولية شكلت دوراً مفصلياً في قيام الكيان الصهيوني وأهمها: وعد بلفور والاحتلال البريطاني لفلسطين (1920-1948) وبروز دور الولايات المتحدة الأميركية كقوة سياسية واقتصادية وعسكرية عالمية.

مواجهة الهجرة المعاكسة

اذا قمنا بالبحث في حقيقة الهجرة المعاكسة فإننا لا نستطيع إيجاد أرقام دقيقة وواقعية لأن الدراسات الإسرائيلية قليلة جداً في هذا الموضوع وبين لنا الكاتب في الفصل الثاني من الكتاب أن السلطات الصهيونية منعت تناول موضوع الهجرة المعاكسة في الصحافة والإعلام ومراكز الأبحاث والدراسات، فسلطات الكيان تحرص بشدة على إخفاء هذه المعلومات على عكس نشرهم لكم هائل من المعلومات حول الهجرة والمهاجرين إلى فلسطين وعندما قام الكاتب بدراسة الموضوع عاد إلى الأبحاث الفلسطينية لمعرفة الأسباب الحقيقية للهجرة ورأى أن أحد أبرز العوامل المسببة للهجرة المعاكسة هي الأحوال الاقتصادية المتقلبة وغير المستقرة في الكيان، فالاقتصاد الصهيوني تأثر نتيجة العدوان على لبنان عام 2006م حيث إن عدد المهاجرين ازداد ضعفي ما كان عليه في خمسينيات القرن العشرين ثم تداعيات الأزمة المالية العالمية في 2008 التي أدت بالكيان إلى حالة ركود، إضافة إلى البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة والضرائب العالية والإيجارات الباهظة والوضع الأمني الذي يشكل تحدياً كبيراً للكيان وغيرها الكثير من الأسباب الاجتماعية الداخلية لليهود، وإلى ذلك يشير الكاتب: «يرى بعض الوزراء في حكومة الكيان أن هناك من المعطيات ما يدل على أن الأغلبية الساحقة من اليهود الفرنسيين الذين يفكرون بمغادرة فرنسا لا يفضلون التوجه إلى الكيان.. لذلك تم اتخاذ تدابير تشجيعية لجلب اليهود لرصد ميزانيات كبيرة لاستكمال الدراسة والإقامة على أرض فلسطين».

الظروف الجديدة

السلطات الصهيونية تستغل وتنتهز كل الفرص لتهيئة الظروف لجذب المزيد من يهود العالم إلى فلسطين بهدف «يهودية الكيان» الذي يدفعهم للتمسك بالهجرة اليهودية كركيزة جوهرية من ركائز ترسيخ «فكرة يهودية الكيان» وذلك من خلال رصدهم ميزانيات مالية لتشجيع اليهود على الهجرة إلى فلسطين وجذب الشباب لاستكمال دراستهم في جامعات الكيان وإعفاءات ضريبية ومنح سلف مصرفية للصهاينة الذين عاشوا أكثر من ست سنوات ويرغبون في العودة إلى الكيان.

«إن الكيان الصهيوني طلب من جهاز الموساد تقديم المساعدة لمنع الهجرة المعاكسة للمستوطنين اليهود» وذلك كأداة ضغط كبيرة وتهديد وترهيب لهم ومنعهم من الهجرة ليحافظوا على وجود أكبر عدد منهم وخاصة الفئة المتعلمة والأدمغة لتخوفهم من أن تصبح الهجرة المعاكسة تفوق في عددها أعداد اليهود القادمين الجدد مما يجعلهم يسعون بكل الوسائل الممكنة للحد منها.

وفي الفصل الثالث من الكتاب تحدث عن مخاطر الهجرة المعاكسة وأثر استمرارها في مستقبل الكيان.

وهذا الكتاب وغيره من الدراسات المماثلة تعطينا مؤشرات عديدة ومهمة لما ينتظر هذا الكيان الغاصب، ولما يجب علينا فعله في مواجهة الهجرات الصهيونية إلى أرض فلسطين، وعلى الرغم من أن البيانات والإحصاءات غير موجودة بدقة لأن المعنيين في الكيان الصهيوني يعتمون عليها حتى لا تسبب ردود فعل داخلية في الكيان، إلا أنه يجب علينا أن نبحث وأن ندون وأن نجمع وأن نقدم دراسات جادة في طبيعة الكيان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن