قضايا وآراء

يائسٌ مدعومٌ من غربٍ مجنون!

| هديل محي الدين علي

بدأت عدوى اليأس تتسلل من كييف إلى واشنطن، وتحولت الغايات الغربية بشكل معكوس من استنزاف موسكو إلى استنزاف خصومها.

وكالة «بلومبرغ» الدولية أقرت بذلك الأمر، وأشارت في تقارير عديدة لها أن الدول الغربية استنفذت تقريبا كل مخزوناتها من الأسلحة لمساعدة أوكرانيا، وقد يتطلب إطلاق الإنتاج العسكري وزيادة حجمه سنوات عديدة لتلبية احتياجات كييف.

وأشارت الوكالة إلى أن شركات إنتاج الأسلحة والذخائر الغربية أبلغت البنتاغون مؤخراً أنها تحتاج لـ 30 شهراً على الأقل لاستئناف إنتاج مدافع هاوتزر وقذائف 155 مم الضرورية للقوات الأوكرانية، وإلى فترة لا تقل عن عام لصيانة وتحديث الدبابات القتالية، وهذا النقص بالذات، حسب الوكالة، دفع الولايات المتحدة لتزويد كييف بالذخيرة العنقودية.

خطورة تزويد واشنطن لكييف بأسلحة نوعية تهدد موسكو أمر خطير ولا تحمد عقباه، وورد على لسان العديد من الخبراء أبرزهم الخبير الأميركي العقيد المتقاعد دوغلاس ماكغريغور، وهو مستشار سابق لوزير الدفاع الأميركي، والذي أكد أن أوكرانيا تخسر النزاع ولذلك قد يدفع اليأس بالرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي لقصف روسيا بالصواريخ، معرباً عن اعتقاده بأنه لا يجوز بتاتاً تزويد أوكرانيا بأسلحة يمكن أن تجر الولايات المتحدة وحلف الناتو إلى الدخول في نزاع مسلح مع روسيا، وقال: «إن زيلينسكي مصاب باليأس والإحباط، ويريد جرنا إلى نزاع عسكري مع روسيا».

الصمود الروسي أمام الغرب بأكمله مدعوماً بحلف عسكري رأس حربته الولايات المتحدة الأميركية، يعد انتصاراً في المعركة، وبداية الطريق للانتصار بالحرب الشاملة، خاصة أن الإعلام الغربي بدأ برفع الصوت بوجه سياسات الغطرسة التي تخاطر بأخذ العالم إلى الهاوية، برأي الكاتبين روبرت رابيل وفرانسوا آلام في مجلة «الناشيونال إنترست» الأميركية، حيث أكد الكاتبان أن توسع الناتو شرقاً يعني محاصرة روسيا في عقر دارها، وهو أمر خطر ودعوة مفتوحة لحرب عالمية ثالثة خاصة بعد تناسي الحلف وعود وزير خارجية أميركا عام 1990 جيمس بيكر، لميخائيل غورباتشوف بعدم التوسع بوصة واحدة باتجاه الشرق.

عوامل الخطورة تزداد واحتمالات اندلاع الحرب الكبرى تتصاعد فيما يضيع صوت العقلاء وآراء الخبراء في الغرب عبر أثير وسائل الإعلام من دون الإنصات لهم، خاصة بعد محاولات روسيا ثني الغرب عن تهديد أمنها القومي، ومع اعتماد موسكو سياسة الصبر الإستراتيجي منذ العام 1997 عندما دعا الناتو في قمة مدريد كلاً من بولندا والمجر وجمهورية التشيك للانضمام للتحالف، حتى العام 2004 عندما أصبحت بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا أعضاء في الناتو وصولاً إلى موقف الولايات المتحدة من الثورات الملونة في جورجيا، في الأعوام 2003، 2004، 2014 ليضع ذلك واشنطن وموسكو في مواجهة عنيفة، والآن يزداد الوضع خطورة مع وجود قيادة أوكرانية يائسة مدعومة من الغرب المجنون ما قد يجر العالم نحو الهاوية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن