دي ميستورا سيقيّم آثار الأزمة بين طهران والرياض على عملية التسوية في سورية ويتسلم من «معارضة الرياض» أسماء وفدها للمفاوضات
| الوطن – وكالات
التقى مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا أمس في الرياض ممثلين عن المعارضة السورية ودبلوماسيين معنيين بالأزمة السورية المستمرة منذ نحو خمس سنوات، على أن ينتقل إلى طهران في محاولة لامتصاص التوتر بين الرياض وطهران خوفاً من أن يؤثر على جهود السلام في سورية.
وأفاد مصدر عربي مطلع على الزيارة بحسب مواقع إلكترونية، بأن الموفد الدولي التقى صباح الثلاثاء (أمس) سفراء أجانب شاركت بلادهم في لقاءات فيينا في تشرين الثاني 2015 والتي تم خلالها الاتفاق على خريطة طريق لحل الأزمة السورية.
وأضاف المصدر: إن دي ميستورا عقد إثر ذلك اجتماعاً مع وفد من المعارضة السورية التي كانت اتفقت إثر مؤتمر ليومين عقد في الرياض في كانون الأول 2015، على رؤية موحدة لمفاوضات مع وفد حكومي سوري.
وأوضح أن دي ميستورا سيبحث مع المعارضة «تحديد موعد المفاوضات والاطلاع على الأجندة وتحديد أسماء الوفد» المفاوض.
وبحسب مصادر معارضة تحدثت إليها «الوطن» وفضلت عدم ذكر اسمها فإن «الهيئة العليا للمفاوضات» التي انبثقت عن مؤتمر الرياض قدمت خلال الاجتماع لدي ميستورا أسماء الوفد المعارض الذي سيشارك في مفاوضات جنيف التي من المفترض أن تجري في 25 الجاري بين الوفد المعارض ووفد حكومي، وذلك بعد أن توافقت على تلك الأسماء خلال اجتماع عقدته في العاصمة السعودية يومي الأحد والاثنين الماضيين.
وتحفظت المصادر على ذكر أسماء الوفد المعارض للمفاوضات، وبينت أن الهيئة سترفض أي تعديل على قائمة الأسماء التي توافقت عليها. وقالت «لم نتدخل في تسمية وفد النظام لماذا يتدخلون في تسمية أعضاء وفدنا».
ووفق معلومات «الوطن»، فإن دبلوماسيين من كل من أميركا وفرنسا وبريطانيا «التقوا أعضاء الهيئة العليا للتفاوض» يوم الاثنين عشية لقاء الهيئة مع دي ميستورا وحثوهم على التأكيد أمام دي ميستورا على رغبتهم بالتفاوض.
وأفاد رئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب أن الاجتماع الذي عقدته الهيئة يومي الأحد والاثنين الفائتين، يأتي استكمالاً للأعمال التي أوكلت إلى الهيئة وفق مؤتمر الرياض، وأكد حجاب عبر صفحته الرسمية في «فيس بوك»، «أن جدول الأعمال قد تضمن تحديد الوفد المفاوض على أسس من الأهلية والكفاءة، وفيما يتوافق مع معايير الاحترافية واستيعاب متطلبات المرحلة وحجم التحديات التي يواجهها الشعب السوري».
وأضاف: «اتفق أعضاء الهيئة على اعتماد المبادئ التي تضمنها بيان الرياض أساساً للعملية التفاوضية، واعتبارها خطوطاً حمراء غير قابلة للتفاوض، وتتضمن: التمسك بوحدة الأراضي السورية، والحفاظ على مؤسسات الدولة مع إعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، ورفض الإرهاب بكافة أشكاله، وإقامة نظام تعددي يمثل كافة أطياف الشعب السوري».
وإضافة إلى الالتزام بالمبادئ التي نص عليها مؤتمر الرياض، أضاف حجاب: «إن بنود بيان جنيف تمثل أسس التفاوض حول المرحلة الانتقالية، خصوصاً البند الخاص بإنشاء هيئة حكم انتقالي تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية».
وسعى حجاب إلى رفع القيود عمن يحضرون المفاوضات القادمة من طرف المعارضة، رافضاً التصنيف الذي أقره مؤتمر فيينا2 حول من هي التنظيمات الإرهابية، معتبراً أن، «إصرار البعض على تصنيف فصائل المعارضة في خانة الإرهاب، ومحاولة حلفاء النظام التدخل في تحديد أعضاء وفد المعارضة»، يجعل العملية التفاوضية من دون جدوى.
وعشية لقائه مع دي ميستورا، أكد حجاب أنه سينقل رسالة المعارضة السورية إليه بصورة واضحة وصريحة.
وفي محاولة منهم لإظهارها بمظهر الملتزم والقادر على التنفيذ، قال مسؤولون على اطلاع بالتحضيرات للمفاوضات، وفق ما نقلت عنهم «رويترز»: إن المعارضة السورية تريد أن ترى خطوات لبناء الثقة من جانب دمشق بما في ذلك الإفراج عن سجناء قبل المفاوضات المقرر انطلاقها هذا الشهر». في حين لم يتطرق هؤلاء المعارضين إلى عائلات وأفراد تم أسرهم لدى التنظيمات المسلحة التي تعتبر هذه المعارضة نفسها الوجه السياسي لها.
وأفاد مصدر في الأمم المتحدة أمس بأن دي ميستورا سيلتقي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم السبت في دمشق لبحث المفاوضات المرتقبة في جنيف.
واتفقت الدول المشاركة في محادثات فيينا، ومن بينها إيران والسعودية، على جدول زمني في إطار الحل السياسي للأزمة السورية، وفي 19 كانون الأول تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع للمرة الأولى منذ بدء الأزمة قبل نحو خمس سنوات، قراراً يحدد خريطة طريق تبدأ بمفاوضات بين الحكومة والمعارضة في شهر كانون الثاني الحالي.
وتأمل الأمم المتحدة بجمع النظام والمعارضة حول طاولة مفاوضات بدءاً من 25 كانون الثاني في جنيف.
وتأتي زيارة دي ميستورا إلى الرياض وطهران وسط أزمة حادة بين البلدين على خلفية إعدام الرياض رجل الدين نمر النمر. وأعلنت الرياض الأحد قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، رداً على تعرض سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد لهجمات واعتداءات من محتجين غاضبين.
ويعد البلدان من أبرز الأطراف المعنية بالأزمة السورية، إذ تدعم طهران الدولة السورية، في حين تساند السعودية المعارضة والتنظيمات المسلحة.
وكان المتحدث باسم دي ميستورا ستيفان دوغاريتش أشار الاثنين إلى أن الموفد الدولي يعتبر أن «الأزمة في العلاقات بين السعودية وإيران مقلقة جداً» وقد تتسبب بـ«سلسلة عواقب مشؤومة في المنطقة».
وقال دوغاريتش: إن دي ميستورا «سيقيم آثار» الأزمة على عملية التسوية في سورية التي أطلقتها الدول الكبرى في فيينا.
وسعى السفير السعودي في الأمم المتحدة عبد اللـه المعلمي الاثنين إلى تهدئة القلق من انعكاس الأزمة على مسار التسوية في سورية، مؤكداً أنه «لن يكون لها تأثير»، وأن بلاده «لن تقاطع» محادثات السلام المقبلة حول سورية.
وسعت الأمم المتحدة لامتصاص الخلاف بين الطرفين، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء، حيث اتصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون هاتفياً بوزيري خارجية السعودية وإيران لحثهما على «تجنب أي عمل قد يؤجج التوتر بين البلدين وفي المنطقة»، وفق ما أعلن المتحدث باسمه ستيفان دوجاريتش.
وفي اتصاله الهاتفي مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عبر بان كي مون عن «خيبة أمله» من إعدام النمر ولاسيما أنه تطرق عدة مرات لقضيته مع سلطات الرياض.
وفيما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن الهجوم على السفارة السعودية في طهران «مؤسف جداً»، رأى أن القرار السعودي بقطع العلاقات مع إيران «يثير قلقاً شديداً» أبلغ الجبير به.
وقد أدان مجلس الأمن الدولي الهجوم على السفارة السعودية في طهران والقنصلية العامة في مشهد، وفق ما ذكرت «رويترز»، وأضاف دوجاريتش: إن «الأزمة في العلاقات بين الرياض وطهران قد تترك تداعيات خطيرة على المنطقة»، حيث تلعب كل من السعودية وإيران دوراً بارزاً في الجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمة في سورية، وإيجاد تسوية سياسية في اليمن.
كما تحدث بان كي مون مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وحثه على حماية البعثات الدبلوماسية بعد الهجوم على السفارة السعودية. وفي بادرة تهدئة، عبرت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة عن الأسف لهذا الهجوم ووجهت رسالة إلى بان كي مون تعهدت فيها بأن «إيران ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لمنع تكرار حوادث مماثلة في المستقبل».