براميلا جايابال عضو عن الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي، خاطبت حشداً من النشطاء المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني في أثناء مظاهرة بادروا إليها في مدينة شيكاغو في 17 تموز الجاري للتنديد بعنصرية وجرائم الاحتلال الإسرائيلي قائلة لهم: «بصفتي من أولئك الذين كانوا يخرجون للشوارع للمشاركة في المظاهرات الاحتجاجية، أريد منكم أن تعرفوا أننا كنا نناضل للتأكيد أن إسرائيل عنصرية وأن الشعب الفلسطيني يستحق تقرير مصيره واستقلاله، وأن الحل القائم على وجود دولتين بدأ يخرج من أيدينا بل لا شعور بأنه ممكن»، وعلى الفور ندد بتصريحاتها هذه أعضاء كونغرس من الحزب الديمقراطي ثم ظهر أنها أجبرت على سحب هذا التصريح من التداول واعتذرت بطريقتها أي إنها لم تصمد وتتمسك بحقيقة واضحة للجميع رغم أنها من أصول هندية وترعرعت في أندونيسيا وعانت من العنصريين الأميركيين.
هذه السياسة الصهيونية التي تسعى لدفن الحقائق العارية عن وحشية وعنصرية الصهيونية واحتلالها لوطن الشعب الفلسطيني والجولان السوري المحتل، تستخدم الإرهاب السياسي لإكراه أصحاب الرأي والسياسيين في العالم كله وليس في الولايات المتحدة فقط على تبني سياسة الكيان الإسرائيلي وسردياته المزيفة ومنع اللجوء إلى انتقادها، ونجد بالمقابل أن كل حكومات الغرب تدافع عن حق المؤيدين للكيان وسياساته بمنع الآخرين عن نشر الحقائق، بل تهدد هذه الحكومات نفسها بمقاطعة أي مسؤول أو مواطن يندد بالكيان الإسرائيلي لإجباره على الاعتذار، وهذه ليست المرة الأولى التي يجبر فيها عضو كونغرس على الاعتذار، فقد تحول سجل الضغوط والابتزاز الذي تلجأ إليه هذه الحكومات لمنع الكشف عن جرائم الكيان الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني والسوري واللبناني أمام العالم، إلى ملفات موثقة وبلغت درجة التجاوز على تقارير الأمم المتحدة التي أكدتها لجان تابعة لها ممن كلفتها التحقيق في هذه الجرائم، وكان أكثرها وضوحاً هو تقرير غولدستون عن نتائج العدوان على قطاع غزة عام 2008- 2009 الذي بلغت عدد صفحاته 575 صفحة، وبقي طي أدراج المنظمة الأممية، ورفضت سلطات الكيان في السنوات الماضية استقبال أي لجنة تكلفها الأمم المتحدة بتقصي الحقائق في فلسطين المحتلة وتمنع استمرار وجودها.
إضافة إلى ذلك ازداد عدد المنظمات التي تنشئها الحركة الصهيونية في العالم والكيان الإسرائيلي لملاحقة كل من يحاول الكشف عن هذه الحقائق من المنظمات المدنية غير الحكومية ونشرها في العالم إلى حد أصبحت فيه هذه المنظمات تشكل جبهات حرب دعائية إعلامية بل إرهابية لمصلحة حماية إسرائيل واحتلالها وعنصريتها الصارخة، وعادة ما تتولى المنظمة الصهيونية – الأميركية التي تطلق على نفسها اسم «رابطة التصدي للتشويه» قيادة عشرات المنظمات واللجان التي تكلفها العمل على منع نشر كل ما ترتكبه قوات جيش الاحتلال من جرائم بل تعرض مكافآت مالية لكل من يقدم مساعدة لهذه الرابطة في تنفيذ هذه المهام، وتتراوح قيمة المكافأة بين 50 ألف دولار و500 ألف، بموجب الموقع الرسمي الإلكتروني لهذه الرابطة، ونشر الموقع الرسمي للرابطة قيمة ميزانيتها السنوية لعام 2021، فبلغت 240 مليون دولار وتدير عدداً من مراكز الأبحاث بعضها مختص برصد ومتابعة كل من ينتقد الكيان والحركة الصهيونية في أي مكان في العالم تحت شعار «ملاحقة المعادين لإسرائيل والسامية».
والسؤال الذي يفرض نفسه أمام هذه الجبهات التحريضية العالمية المعدة لشن حروب التحريض ضد العرب والمسلمين بهدف حماية الكيان الإسرائيلي ومنع إدانة جرائمه هو: ألا يجب أن تكون هناك منظمات عربية وإسلامية على شكل جبهات إقليمية وعالمية مضادة تتصدى لأعمال هذه الرابطة ومنظماتها ولجانها في مختلف أنحاء العالم؟
حاول رئيس الوزراء الماليزي ماهاتير محمد في أحد مؤتمرات منظمة التعاون الإسلامي عام 2016 حث العرب والمسلمين على تشكيل جبهة مضادة مشتركة لمجابهة جرائم الحرب الإسرائيلية وسيطرة الصهيونية على النفوذ العالمي حين قال: «إنهم (أي الصهيونيون) يعملون على تحويل العالم إلى تابع لهم ويسخرون الآخرين لقتال الشعوب من أجل مصالحهم».
والحقيقة أن عدد المنظمات التي تتآلف مع «رابطة حماية إسرائيل من التشويه» يزداد وتزداد ميزانياتها المستخدمة لتبرير المذابح الإسرائيلية من دون أن تظهر أمامها جبهة عربية – إسلامية تتصدى لمزاعمها وادعاءاتها في العالم.