ثقافة وفن

التحكيم من مظاهر العصر في المعاملات التجارية … منصور لـ«الوطن» انتشار التحكيم على الصعيد المحلي كان محدوداً قبل صدور قانون التحكيم

| إسماعيل مروة

يعدّ التحكيم على المستوى العالمي وسورية ضمناً من أهم الطرق القضائية لفضّ النزاعات الفردية، وبين المؤسسات والشركات، وكذلك بين الدول، وهي تسير جنباً إلى جنب مع القضاء العادي التقليدي، لا تأخذ من دوره، وهناك صلات وصل كبيرة بين الجسمين القضائي والتحكيمي، وفكرة التحكيم قد لا تكون شائعة أو معروفة لدى الكثيرين، بما في ذلك الذين تخصصوا في الحقوق.

صدر كتاب «التحكيم» للدكتور محمد وليد منصور ليشكل مرجعاً علمياً قضائياً من رجل قانوني وقاض وأكاديمي متخصص، وفي هذا الكتاب يقدم المؤلف خبرته ومعرفته وعلمه الموثق حول التحكيم ورحلته وأهميته.

«الوطن» التقت د. منصور بمناسبة صدور كتابه الجديد الذي يضاف إلى ما قدمه في المجالين الحقوقي والرياضي، وهو اسم أسهم في خدمة الرياضة السورية، وتابعها لسنوات طويلة لا تزال عالقة في ذاكرة الرياضيين السوريين والعرب.

التحكيم كتابك الحديث ماذا أردت من تأليفه؟

أردت أن يكون هذا الكتاب مرجعاً مهماً لجميع الباحثين والقضاة والمحامين وخاصة أنه تضمن مواضيع جديدة تطرح لأول مرة إضافة إلى أحدث الاجتهادات السورية والعربية والدولية، كما أنه جاء بأسلوب مبسط يتيح للجميع من مختلف المستويات استيعابه.

هل يعد التحكيم شائعاً محلياً ودولياً؟ وما أهم الاتفاقيات الناظمة للتحكيم الدولي؟

لقد أصبح التحكيم من مظاهر العصر ومن الأهمية العظيمة في المعاملات التجارية، فالاعتبارات العملية تدعو دائماً إلى الاتفاق على التحكيم لطرح المنازعات على أشخاص محل ثقة الخصوم بدلاً من طرحها على المحاكم المختصة وذلك بهدف الإفادة من خبرتهم الفنية، ولتجنب علانية جلسات القضاء مع الاقتصاد في الوقت والجهد والنفقات في كل الأحوال، والتحكيم كوسيلة لفض المنازعات له خصائص لصيقة به تميزه عن سائر وسائل تسوية المنازعات.

وبالنسبة لانتشار التحكيم على الصعيد المحلي كان محدوداً للغاية قبل صدور قانون التحكيم رقم 4 لعام 2008 والذي أتاح لأول مرة وجود التحكيم المؤسساتي في سورية، وقد تم تكليفي بوضع النظام الأساسي له والأسس التي يتم بموجبها إحداث مراكز التحكيم، وضمن هذا الإطار لابد من الإشارة إلى عدد من دورات التأهيل ولكن بشكل محدود، وكان أبرز هذه الدورات الدورة التي أقيمت في المركز الثقافي في كفرسوسة عام 2007 بدمشق وشارك فيها نحو 400 دارس من القضاة والمحامين والمهندسين ورجال الأعمال، وكنت المشرف العلمي عليها والمحاضر الرئيسي وجرت بالتعاون مع جامعة عين شمس.

وكانت أول لجنة قضائية ضمت ثلاثة قضاة وهم:

1 – القاضي أنس الزين رئيس محكمة النقض ومدير الدائرة التشريعية رئيساً

2 – القاضي تيسير قلا عواد النائب العام ورئيس إدارة التفتيش القضائي عضواً

3 – القاضي الدكتور محمد وليد منصور- المشرف العلمي عضواً وذلك بموجب قرار وزير العدل رقم 8 تاريخ 7/1/2009 وكان أول قرار صدر عن الوزير بالاستناد إلى اقتراح اللجنة القضائية الذي نوه بإحداث مركز تحكيم باسم مركز دمشق بإدارة المحامي الأستاذ خالد المالكي بتاريخ 17/9/2009.

ثم تتالت قرارات إحداث المراكز حتى وصلت إلى أكثر من سبعين مركزاً شملت جميع أنحاء القطر، وأقيمت مئات الدورات لتأهيل وصقل المحكمين ما أسهم في زيادة ثقافة التحكيم وانتشاره على الصعيد المحلي، ولكن ذلك لم يؤد إلى تحقيق الهدف الأساسي للمشرع ضمن هذا الإطار وهو الوصول إلى مركز نوعي للتحكيم الإقليمي الدولي يستقطب المنازعات الدولية.

ما الدور القضائي الذي يمكن أن يؤديه التحكيم؟

للقضاء دور أساسي ومهم وإستراتيجي وداعم ومعاون لهيئات التحكيم قبل وأثناء وبعد انتهاء مهمة التحكيم، ولا يمكن للتحكيم أن يحقق أهدافه كوسيلة لفض المنازعات من دون مساعدة القضاء إضافة لكون التحكيم يسهم إلى حد كبير في التخفيف عن كاهل القضاء.

ماذا يمثل هذا الكتاب في حلقة مؤلفاتك؟

يعتبر هذا الكتاب هو الثامن ضمن سلسلة الكتب التي أصدرتها في التحكيم منذ حصولي على دكتوراه دولة في الحقوق بتاريخ 18/2/2006 من الجامعة اللبنانية الحكومية وبترشيح من وزارة التعليم العالي في الجمهورية العربية السورية، وكان الكتاب الأول للتحكيم في العقود الإدارية وصدر عن فرع نقابة المحامين بدمشق مطلع عام 2007، وكانت الطبعة الأولى خمسة آلاف نسخة وهو أعلى رقم لكتاب صادر عن نقابة المحامين السورية.

ثم تتالت الإصدارات حتى الكتاب الحالي الذي يمثل تطوراً نوعياً جديداً ويمتاز بسمات تميزه عن المؤلفات الأخرى سبق أن أشرت إليها.

هل للتحكيم دور في المحاكم السورية؟

لا شك أن للقضاء دوراً مهماً للغاية في دعوى التحكيم سواء في سير إجراءات التحكيم أم في ما يتخذه من تدابير وقتية وحجز تحفظي، وأيضاً في استدعاء الشهود والإنابة القضائية وكذلك في إبطال حكم المحكمين بأن قضاء الدولة يؤدي وظائف وأهدافاً متباينة في علاقته بقضاء التحكيم، ويتجلى ذلك بشكل واضح من خلال تحقيق الفعالية القصوى للتحكيم سواء كان الأمر يتعلق بالتحكيم كاتفاق أم بالتحكيم كحكم، ومن ناحية ثانية فإن قضاء الدولة يؤدي دوراً آخر يتمثل في تقديم المعاونة والمساعدة للتحكيم، وهو الأمر الذي يتجلى في صور عدة لعل من أبرزها الاعتراف لقضاء الدولة باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، كذلك فإن قضاء الدولة يلعب دوراً رقابياً إزاء حكم التحكيم، من جهة ثالثة، وبالتأكيد فإن الهدف الرئيسي من هذه الرقابة هي تحقيق فعالية أفضل للتحكيم من خلال نوعين من الرقابة:

1 – رقابة عند طلب تنفيذ حكم التحكيم إذ لا تعطى الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم إلا بعد التأكد من تحقق شروط معينة في هذا الحكم.

2- الرقابة عند الطعن على حكم التحكيم.

هل أفدت من خبرتك الميدانية في الرياضة والشأن العام؟

بكل تأكيد وخاصة من خلال المؤتمرات والاجتماعات القضائية، وأذكر على سبيل المثال وليس الحصر الوفد الفرنسي الذي كلفت بإجراء مباحثات معه عام 2005 عندما كنت قاضياً في مجلس الدولة وذلك بهدف تطوير العلاقات مع مجلس الدولة الفرنسي، وكذلك عندما تم تكليفي بإجراء مباحثات مع رئيس مجلس الدولة المصري في القاهرة والذي أدى لزيارة وفد من مجلس الدولة السورية جمع الرئيس وعدداً من المستشارين وتم توقيع اتفاق بين المجلسين عام 2003 في المؤتمر الدولي في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية حول دور القضاء الفاعل في تحقيق فاعلية التحكيم عام 2007، وكذلك إصدار أول مجلة متخصصة في مجال التحكيم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن