يضرب كثير من مديري المؤسسات (خدمية أو إنتاجية) عـرض الحائط بالكثير من مبادئ الإدارة (توزيع العـمل؛ المراقبة عـن بعـد؛ توزيع الـمهام.. الخ)، لذا فهم يرتؤون أن يضطلعـوا بأنفسهم لمتابعـة موضوع حيوي ما؛ بتشخيص مشاكله المستعـصية؛ واستنباط الحلول المناسبة؛ ومراقبة تطبيقها.
نعـرض حالة فريدة للتعرف على الاحتياجات، فقد أراد مدير جامعة تورنتو أن يعـرف حياة الطلاب انطلاقاً من مبدأ أن الطالب هو محور الجامعة (والسبب الرئيسي هو: هبوط مرتبة جامعـته عـن مركزها المتقدم بالتقييم العـلمي العـالمي السنوي).
كان يستطيع تكليف لجان مختلفة؛ للقيام بالمهمة أو أن يؤديها بنفسه، صاحبنا رأى عدم الركون للجان وقرر أخذ إجازة لمدة أسبوع، خلالها يتفرغ للقيام بجولات شملت قاعـات المحاضرات والمطاعـم والملاعـب (وحتى الحمامات)… حتى إنه اكتشف أن نوعية الكراسي ببعـض القاعات غـير مريحة للجلوس لساعـات طويلة، وكذلك رداءة القهوة بأحد مقاهي الجامعة، اعتقد الطلاب (الذين لا يعرفونه بالشكل) أن هذا الشخص هو أحد الطلاب ممن لديهم الشغـف بمواصلة الدراسة رغم كبر السن؛ في حين كان هو يدوّن ملاحظاته من أجل التطوير.
حين يخرج المدير من مكتبه لجولة ميدانية ليتعرف بشكل مباشر على الاحتياجات والمشكلات فهو يستثمر وقته بشكل صحيح ويقوم بمسؤولياته بإخلاص، هذا لا يعـني بالضرورة أنه لا يثق بفريق العـمل؛ ولكنه يعتبر نفسه جزءاً من هذا الفريق، وهذا رأي قابل للنقاش من خلال التجربة السابقة.
تساؤلاتنا: هل كانت الإجازة هي الأسلوب الأمثل أمامه لتقييم احتياجات الطلاب؟ إذا كان فعلاً يثق بفريق العمل كما أشرنا في المقدمة فلماذا لم يثق بهم في هذه المهمة؟ هل قيام المدير بالمهمة الميدانية مؤشر على امتلاكه مهارة إدارة الوقت؟ تساؤلنا الآن: ما الخطوة التالية للمدير بعد جولته الميدانية؟
قال محللون عـلى مستوى عـال: إن سبب هزيمة الجيش المصري في حرب 1967 كانت بسبب ركون القائد لأعـوانه؛ الذين ما انفكوا يزوّدونه بتقارير تنتهي بعـبارة «كلو تمام يافندم»؛ واتضح من الواقع المرير أن لا شيء تمام إطلاقاً.
بالرغم من أن متابعة المدير للعمل الذي يقوم به أعضاء فريقه أمر محوري وأساسي في النجاح، ناهيك عن كونه في صميم مهامه، إلا أن هناك عدداً من الخرافات التي تمنع المديرين من أن يكونوا أقوياء ويقوموا بالمهمة على النحو الأمثل.
ولعل أحد الأسئلة الأكثر شيوعاً التي نسمعها «كيف يمكنني تتبع عمل الموظفين على أساس منتظم؟» يشعر الكثير من المديرين بأنه لا يوجد وقت كافٍ لهم لمراقبة تقدم كل موظف بشكل فعال أثناء إكمال عملهم في الوقت نفسه.
وذاك مجرد وهم أو خطأ شائع، وسنتأكد أنه من المهم إدراك أن مجرد جلوس شخص ما على مكتبه، والعمل لساعات طويلة، لا يعني أنه يبذل قصارى جهده.
وتبدأ متابعة المدير للعمل بنجاح بإنشاء مجموعـة اجتماعات منتظمة وجهاً لوجه؛ إذ تعمل هذه الخطوة وحدها على تحسين قدرة أي مدير بشكل جذري على البقاء مطلعاً على التفاصيل ومحاسبة الأشخاص المقصرين.
من أكثر الطرق فعالية في متابعة المدير للعمل هي ملاحظتهم بعينيه؛ إذ ستخبرك مشاهدة موظف يتفاعل مع أحد العملاء لبضع دقائق عن أداء هذا الموظف أكثر من استطلاعات آراء العملاء. وإذا كنت تواجه صعوبات لمساعدة موظف في النجاح بمهمة معينة فكن قريباً منه أثناء أدائه هذه المهمة.
إذا أخفق كل شيء آخر فابحث عن أي طريقة لترتيب لقاء شخصي. فتلك طريقة مناسبة أيضاً في عملية متابعة المدير للعمل.
يمكنك أيضاً أن تطلب من الموظفين مساعدتك لتتبع إجراءاتهم باستخدام أدوات المراقبة الذاتية مثل: خطط المشروع وقوائم المراجعة وسجلات الأنشطة. فأدوات المراقبة أهم الطرق المستخدمة بمتابعة العمل. يمكن للموظفين مراقبة إذا ما كانوا يحققون الأهداف والمواعيد النهائية المنصوص عليها في خطة المشروع، ووضع الملاحظات في قوائم المراجعة، وتقديم تقرير إلى المدير على فترات منتظمة.
تحقق من عمل موظفيك بعناية على طول الطريق؛ هذا أمر ضروري في عملية متابعة المدير للعمل؛ إذا لم يكن الموظف مسؤولاً عن إنتاج منتج نهائي ملموس فإن مشاهدة عمل الموظف هذا هو نفس الشيء مثل مراجعة العمل الجاري. أما إذا كانوا مسؤولين عن منتج نهائي فتحقق منه على الفور أثناء العمل عليه.
لعل الاستقصاء طريقة أخرى من طرق المتابعة؛ إذ يتوجب عليك جمع المعلومات الاستخبارية، وسؤال العملاء والموردين وزملاء العمل والمديرين الآخرين عن تفاعلاتهم مع موظفين محددين، ثم اطرح دائماً سؤالاً حول عمل الموظف، لا تطلب التقييمات، ولكن اسأل عن الأوصاف. ولا تطلب مرات الظهور ولكن اسأل عن التفاصيل.
ولا تصدق كل ما تسمعه؛ فالبيانات التي لم يتم التحقق منها عـلى الأغلب هي مجرد شائعات.