هل الدراما تعبّر عن الهوية السورية؟ … تقديم أعمال تترجم الثقافة السورية بكل سماتها وخصائصها
| وائل العدس
في كل عام، يشهد السباق الرمضاني صراعاً شرساً بين شركات الإنتاج، فتنجح بعضها في تسويق محتواها، وتفشل الأخرى رغم تعاقدها مع نجوم كبار من الصف الأول، لتخرج مسلسلات عدة من السباق الرمضاني الدرامي، ويبقى مصيرها معلقاً إلى أن تجد فرصة مواتية توازي الجهد والمال اللذين بذلا لإنجاز هذه الأعمال.
المعاناة الأولى والأخيرة التي يعانيها المنتجون تكمن في غياب السياسات التسويقية عن معظم شركات الإنتاج والاكتفاء بالاعتماد على العلاقات الشخصية فقط من دون إدراج خطط تضمن الحضور الدائم عبر الشاشات العربية.
المشكلة الثانية إنتاج بعض الأعمال وفق ميزانيات متواضعة تؤثر سلباً في جودتها، والأهم هو عدم وجود نصوص لها علاقة بالمرحلة والمناسبة لحالة التسويق.
فالانتشار البطيء يكون عادةً بسبب المستوى السطحي الذي تعتمده بعض شركات الإنتاج التي تغلب المصالح والمحسوبيات في اختيار الممثلين غير الأكفاء، اعتقاداً منها أن الجمال وحده يسوّق للعمل.
وهناك سوق الإنترنت وسوق «البان أراب» وسوق «الدبلجة» وغيرها من الأسواق التي تجعلنا في مخاض عسير.
الهوية السورية
آن الأوان لنفكر في دراما محترمة تطرح قيماً رفيعة من دون أن تحسب حساب الدكاكين والبسطات، وخاصة أن بعض جهات الإنتاج تحولت إلى تجار.
ولنعترف أن بعض أعمال الدراما السورية اتجهت للاستهلاك في السنوات الأخيرة فأصبحت سلعة متأثرة بالأعمال التركية، حيث تم استدراج درامانا إلى أماكن ومواقع في الإنتاج والتسويق والنص والسيناريو، كان يجب ألا تذهب إليها وهي أماكن لا تتوافق مع هويتنا وقضايانا الاجتماعية.
وعلينا عدم التنازل عن الاعتداد بالدراما السورية بعد الذي وصلت إليه من نجاح محلي وعربي والتضحيات التي قدمها فنانون كبار صنعوا هوية حقيقية للثقافة السورية، ويجب تقديم دراما تعزز الهوية السورية بتفاعلها عبر التاريخ، فالهوية هي العنوان، كما ينبغي التركيز على الوسطية من دون تطرف ولاسيما أن هناك محاولة إعلامية عبر القنوات بأن يقدم السوري كمتطرف إن كان دينياً أو سياسياً أو أخلاقياً.
ويجب تقديم أعمال تترجم الثقافة السورية بكل سماتها وخصائصها وفي مقدمتها الاعتدال بعيداً عن التطرف والتعصب، في مواجهة خصم إيديولوجي استئصالي، مع ضرورة الاقتراب من الشارع السوري أكثر، وملامسة قضاياه الملحة بشكل جدي، إضافة إلى جذب جمهور الأطفال ليشاهد ما يجري حولنا من وجهة نظر مختلفة عما يراها في الخارج.
سوق بديل
اليوم، هذه وزارة الإعلام مطالبة بإيجاد حالة من التشاركية الفعالة بين الجهات المعنية وشركات الإنتاج لدعم قطاع الدراما بهدف الخروج من أزمة التسويق، من خلال خلق سوق بديل للدراما السورية إن كان عبر القنوات المحلية الجديدة، أم عبر اتفاقيات موقعة مع الدول العربية الصديقة، مع التأكيد على رفع سعر الحلقة إن كان عبر الشاشات الوطنية أم العربية.
الحلول ليست فردية، بل يجب أن تكون جماعية من خلال إيجاد معادلة أساسية في تسويق الأعمال وهي «المحطة والمنتج والمعلن»، مع إنشاء اتحاد للمنتجين والموزعين يضع آليات إنتاج وضوابط توزيع ضمن معايير الربح وعدم المضاربة، والتشجيع على إنشاء مركز استطلاعات الرأي حول الدراما لرسم ملامح وتوجهات الرأي العام السوري والعربي إن أمكن.
وهناك دعوة ملحة إلى افتتاح فضائيات خاصة تستقطب المسلسلات الدرامية على أن يكون منتجها وبرامجها درامياً صرفاً وليس مجرد مسلسلات ودبلجة، بهدف فرض التنافس واستقطاب المنتجات الدرامية.
كما يمكن خلق مواسم أخرى غير الموسم الرمضاني للإسهام في إعطاء بعض المسلسلات حقها في العرض، وهذا الأمر سيحقق نسب مشاهدة وواردات إعلانية ضخمة إذا ما أحسن استثمارها وتسويقها.
مقترحات بسيطة
نقترح على وزارة الإعلام إنشاء موقع إلكتروني يناقش الأعمال الدرامية نصاً ومشهدياً وأخباراً تتجاوز المحاباة وتذهب نحو التفكيك الحقيقي للعمل الدرامي يكون بعيداً عن الصحف الرسمية ويكتب فيها متخصصون ونقاد، إضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات كاملة لكل العاملين في الدراما، تتم تغذيتها بشكل دائم من أرشيف وصور وأعمال ومقاطع للأعمال الفنية تكون مرجعاً ومادة للصحافة بكل المقاييس.
ونطالب بحماية حقوق الفنانين والفنيين من خلال فرض صيغة العقد المعتمد في نقابة الفنانين على جهات الإنتاج كافة، ويكون لهذا العقد ثلاث نسخ واحدة مع الفنان أو الفني والثانية مع شركة الإنتاج والثالثة مع نقابة الفنانين، وتوحيد صيغة عقود التنازل والشراء لكل الشركات من أجل حماية حقوق المؤلف.
كما يجب إعفاء شركات الإعلان التي تروج داخلياً وخارجياً للمنتج الدرامي السوري المنتج داخل سورية من رسوم المؤسسة العربية للإعلان.
ويحق لنا أن نطالب بتشكيل لجنة دائمة في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون من خريجي علم الاجتماع والتربية وعلم النفس وأحد المختصين الدراميين كالمخرجين، مهمتها مراجعة المسلسلات وتحديد الفئة العمرية التي ينصح بأن تتابع كل عمل، بحيث لا يسمح بعرض أي عمل من دون أن يكون في زاوية الشاشة العمر الذي ينصح به.