الخبر الرئيسي

لجنة مشتركة بين مجلس الشعب والحكومة لإعداد حزمة متكاملة من المقترحات للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي … عرنوس: معطيات الواقع قد تتطلب اتخاذ قرارات وإجراءات الهدف النهائي منها هو مصلحة الدولة والمواطن

| الوطن

بالإعلان عن تشكيل لجنة مشتركة تضم عدداً من أعضاء مجلس الشعب واللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء لتقديم مقترحات للنهوض بالواقع الاقتصادي، اختتم مجلس الشعب مساء أمس أعمال الدورة الاستثنائية المخصصة لدراسة ومناقشة الواقع الاقتصادي والمعيشي وسعر صرف الليرة السورية، والتي حضرها رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس والوزراء واستمرت ليوم واحد.

جلسة مجلس الشعب التي تحدث فيها معظم الأعضاء شهدت أجواء مشحونة، غير أن «الوطن» تعتذر عن نقل تفاصيل ما جاء في كلمات أعضاء مجلس الشعب نظراً لمنع وسائل الإعلام من حضور هذه الجلسة وتغطية ما جرى خلالها.

وبعد انتهاء الجلسة جرت الموافقة على تشكيل لجنة مشتركة تضم عدداً من أعضاء مجلس الشعب واللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء، مهمتها إعداد حزمة متكاملة من المقترحات العملية والفاعلة للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي والمالي والنقدي، وتحقيق الاستقرار في سعر الصرف، وتحسين الأوضاع المعيشية للعاملين في الدولة، على أن تقدم هذه اللجنة مقترحاتها لمناقشتها وإقرارها.

وفي رَدِّهِ على مداخلات وطروحات أعضاء مجلس الشعب، أكد رئيس مجلس الوزراء أهمية التكامل والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في إطار سياسة وطنية تشمل جميع المجالات الاقتصادية والمالية والنقدية.

وأوضح عرنوس أن الحكومة تعمل منذ فترة لإيجاد الحلول المنطقية لتحسين الواقع المعيشي عن طريق زيادة الرواتب والأجور وتأمين المبالغ اللازمة لذلك، مؤكداً أن الدولة لن تتخلى عن الدعم ولاسيما في قطاعي الصحة والتعليم، مبيّناً أن الفجوة بين تكاليف الدعم والأسعار الحقيقية لهذا الدعم أصبحت كبيرةً جداً، ما يتطلب إجراء مراجعة منطقية وواقعية للدعم وتوجيهه لمستحقيه الفعليين، موضحاً أن 7 بالمئة فقط نسبة من خرجوا من منظومة الدعم الحكومي.

وأكد رئيس مجلس الوزراء أن الهدف من جميع قرارات المجلس واللجنة الاقتصادية خدمة المواطنين، مبيناً أنه تم إجراء العديد من اللقاءات والجلسات مع غرف الصناعة والتجارة والزراعة لبحث كل ما يتعلق بمنصة تمويل المستوردات، كما تم السماح مؤخراً بالتمويل من المصادر الذاتية من خلال قرار مصرف سورية المركزي المتعلق بهذا الشأن، مع التأكيد على تسريع وتيرة العملية الإنتاجية.

ولفت عرنوس إلى أن الإجراءات والقرارات الحكومية والتسهيلات المقدمة في مختلف القطاعات أسهمت في ازدياد عدد المنشآت في المدن الصناعية ومساحات الأراضي المزروعة ومشاريع الري الحكومي.

وشدد رئيس مجلس الوزراء على ملاحقة المضاربين وتجار الأزمات ولجم التهريب بكل الوسائل المتاحة، مشيراً إلى أن إنتاج الدولة الحالي من النفط يبلغ 18 ألف برميل، ويستمر الاحتلال الأميركي والميليشيات المدعومة من قبله بسرقة مقدرات سورية من النفط والإنتاج الزراعي.

عرنوس كان ألقى في افتتاح الجلسة الاستثنائية كلمة اعتبر فيها أن الخطورة الحقيقية لا تكمن في الظروف التي نعيشها، بقدر ما تكمن في عدم قدرتنا على رؤية تلك الظروف وتحدياتها والتعامل معها أو تكمن في رؤيتها ثم إنكارها وتجاهلها، وبالتالي الاستمرار بالسياسات نفسها من دون أي تغيير وكأن شيئاً لم يكن.

وقال: «منذ بداية الحرب على سورية ونحن نخوض غمار معركة فرضت علينا خيارات متناقضةً فيما بينها إلى أبعد الحدود، وكل خيار له ظروفه ونتائجه المناقضة للخيار الآخر، والآن نحن بحاجة لحوار يتسم بالواقعية والمنهجية وينطلق من توصيف التحديات بعقلانية بعيدة عن العواطف والتمنيات».

ولفت عرنوس إلى أن سورية هي جزء من عالم تزداد فيه الأزمات عمقاً وقسوةً، وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية التي تعصف بكل الدول، والتي تتجسد بموجة حادة من التضخم وتراجع الإنتاج وارتفاع تكاليف نقله وارتفاع الأسعار، الذي باتت تعاني منه كل اقتصادات العالم من دون استثناء، أما تحدياتنا الذاتية، وإضافة لما سبق من تحدياتٍ اقتصادية فإن حصول الزلزال المدمر فرض أعباء جديدة على الدولة ومواردها القليلة، وارتفاع تكاليف استيراد مشتقات الطاقة، وارتفاع سعر الصرف والحصار الجائر على سورية، واستمرار خسارة البلاد لأهم مواردها في النفط والزراعة في ظل احتلال شرق سورية فإن المشكلة في سورية تصبح أضعاف أي مشكلة في أي دولة أخرى، معتبراً أنه في السياسات تصبح الخيارات أصعب وأشد قسوة كلما كانت أكثر تناقضاً.

عرنوس بين أن عدم استقرار سوق الصرف، يقف خلفه فجوةٌ تمويليةٌ واسعةٌ بين الحاجة للقطع الأجنبي لتلبية احتياجات البلد من حوامل الطاقة، ومن القمح ومن المواد الغذائية والدوائية وكذلك من فاتورة مستلزمات الإنتاج من جهة، وبين الكميات المحدودة المتاحة تحت تصرف مصرف سورية المركزي من جهة أخرى.

وكشف عرنوس أن الحكومة ومنذ ما يقرب من الشهرين تعكف على دراسة سيناريوهات إدارة ملف الدعم الحكومي حرصاً على تحقيق هدفين في آن معاً: أولهما تحقيق العدالة والكفاءة في تخصيص الدعم وضمان إيصاله إلى مستحقيه وتقييد مظاهر الهدر والفساد في تسويق هذا الملف، أما الهدف الثاني فهو ضمان استدامة تمويل الخزينة العامة للدولة للإنفاق العام.

وقال: «بناءً على ما سبق لا بد من التوجه نحو خيار عملي وواقعي بخصوص أسعار بعض السلع الرئيسة المدعومة لتحقيق الهدفين اللذين سبق ذكرهما، مع الأخذ بعين الاعتبار انعكاس أي خيار على قدرة شريحة العاملين في الدولة، وهذا ما يحتاج منا اليوم لحوار متأنٍ وعاقل تحت قبة هذا المجلس، ولن أتردد بالقول: «إن ما يزيد من صعوبات اتخاذ قرارات إعادة هيكلة الدعم هو الفجوة الواسعة والكبيرة جداً بين مستويات أسعار المواد المدعومة من جهة، وتكاليف هذه المواد من جهة أخرى، ومعطيات الواقع قد تتطلب اتخاذ قرارات وإجراءات الهدف النهائي منها هو مصلحة الدولة والمواطن، فاقتصاد الدول لا يدار بالعواطف والرغبات، وإنما يدار على أسسٍ من العقلانية والموضوعية والواقعية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن