اقتصاد

كيف تكون الحسابات المالية المقبلة؟

| هني الحمدان

بحال بقيت الأحوال على ذاتها، تراجع وبطء وخلل ينتاب كل حلقات النمو الاقتصادي ما سبب ضعفاً في مصادر التمويل ودعم الخزينة، كيف ستكون صورة أو شكل أو حجم الموازنة المقبلة؟ وهل لدى الحكومة خيارات غير متبعة خاصة لمجابهة الأعباء التي تأتت جراء الغلاء والتضخم؟

كثيرة هي التحديات والصعاب ومن الصعب على أي موازنة جديدة للحكومة أن تجاري حجم الغلاء ومتطلبات الإنتاج.. لا نستبق مجريات ما قد يحصل، فالحكومة لديها من الرؤى المتنوعة علها تفلح في مقاربة لو بسيطة مابين المتاح والاحتياج.

من التحديات المتوقعة إعادة تبويب الموازنة بما يتفق مع محركات النمو الأساسية في رؤية التحديث الاقتصادي وما يستدعيه ذلك من المساعدة على النهوض بالقطاعات الاقتصادية المختلفة، البطالة المرتفعة وتراجع مستوى معيشة المواطنين والغلاء وهذه مسائل سوف تتطلب بذل عناية خاصة لتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي أيضاً، ناهيك عن جهود رفع مستوى الأمن الغذائي ومشاريع التحول الرقمي وغيرها من الجوانب التي تؤكد الحاجة إلى إحداث تغيير في هيكل النفقات العامة مع ضبطها وترشيدها وتوجيهها نحو الأولويات، وهذا غير ممكن إلا في حال مواصلة الإصلاحات المتعلقة، مثل التهرب والتجنب الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية مع الالتزام بعدم زيادة الأعباء الضريبية على القطاعات الاقتصادية ذات العلاقة، كل هذه العوامل ستحمل في طياتها أثراً على الموازنة العامة في جانبي الإيرادات والنفقات.

ومن الأساسات الواجب اتخاذها بالخطة المالية لسنة قادمة مراعاة التغيرات الحاصلة والتوقعات المستقبلية، في وقت الغلاء يتضاعف يوماً بعد يوم وليس شهراً بعد شهر..! فالموازنة يجب أن تمثل أداة للمساهمة في تحقيق الأهداف الوطنية للبرامج والرؤى الإصلاحية الهادفة لتحقيق نقلة تنموية نوعية تنهض بمستوى معيشة المواطنين وتحسن الخدمات المقدمة لهم، واليوم ونحن نعاني ويلات ما يحصل من ارتفاع بنسب الفقر والبطالة وقلة الاستثمارات وتراجع بنسب تنفيذ المشروعات الاستثمارية للوزارات ومؤسساتها لتغيرات في أسعار الصرف وغلاء مستلزمات السلع والمواد، فالصورة ليست بتلك المريحة خلال العام المقبل.. وهنا من المهم أن يتم السعي إلى تكثيف النقاش حول إعداد الموازنة والبرامج والمشاريع المرتبطة بها والحرص على مشاركة مختلف الفئات والمؤسسات ذات العلاقة في هذا النقاش لترسيخ فكرة الشفافية وبما يحقق أفضل النتائج.

نأمل أن تعالج المالية وتالياً الحكومة كل المتغيرات بصورة اشمل وبشفافية تامة، فبعض المصاعب والتحديات المالية لا يمكن أن تعالج بفترة وجيزة، ربما تتحقق المعالجات خلال سنة أو اثنتين لذلك لا بد من توافر رؤية وأهداف واضحة وخطوات عملية تخضع للتقييم والمراجعة المستمرة وفق آليات مساءلة ومحاسبة لمختلف الجهات التي يناط بها تنفيذ مشاريع أو برامج محددة ما سيؤدي بالتأكيد إلى تعزيز جهود تحديث القطاع العام ومعالجة الترهل واللامبالاة، وكل ذلك لا بد أن يتم التعبير عنه من خلال آليات الإعداد والتخصيصات المدرجة لكل مرفق من المرافق العامة، وهذا سينعكس بالتالي على تحسين أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة التي بدورها ستسهم في تحقيق الأثر الإيجابي في على حياة المواطنين.

مسألة التغيرات التي تطرأ في ظل أجواء مالية غير مستقرة يحتم اعتماد حسابات مالية تراعي حجم أثر التغيرات التي ربما تنشأ!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن