بعد إقرار «الكنيست» تقليص «حجة المعقولية»، حذر رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، من أن إسرائيل تدخل في «حرب أهلية» بعد إقرار أول مشروع قانون من «التعديل القضائي» للحكومة أول من أمس الإثنين.
وقال أولمرت لقناة الأخبار البريطانية الرابعة: «هذا تهديد خطر، لم يحدث ذلك من قبل، نحن الآن في حرب أهلية»، مشيراً إلى ما تشهده إسرائيل من عصيان مدني مع كل التداعيات المحتملة وقدرة الحكومة على الأداء، وعلى طاعة جزء كبير من الإسرائيليين لحكومة يعتبرها، جزء كبير منهم غير شرعية.
وفي وقت سابق، توقّع الباحث في معهد «الأمن القومي» الإسرائيلي، محمد وتد، حدوث «انقلاب عسكري في إسرائيل»، بعد قرار «الكنيست» أول من أمس تقليص «حجة المعقولية».
وخلال مقابلة مع قناة «i24NEWS»، قال وتد إن «إسرائيل في لحظة تاريخية»، فعدم استقلالية المحكمة العليا معناه أن كل ضباط الجيش الإسرائيلي في خطر المقاضاة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وهو أمر لا يريده أي شخص.
وزادت حدّة التحذيرات والاحتجاجات في إسرائيل ضد «التعديلات القضائية»، وخصوصاً في المؤسسة الأمنية والعسكرية، إذ إنه «بمجرد الإضرار باستقلال المحكمة العليا والإضرار بسمعتها المهنية، عبر الخطة القضائية التي يرى معارضوها أنها تقوض استقلال القضاء، ستتمكن محكمة لاهاي من إقامة دعاوى قضائية ضد الضباط والجنود والمسؤولين الإسرائيليين المتورطين أو الضالعين في جرائم حرب»، وفقاً للإعلام الإسرائيلي.
وتنصّ المادة 18 من نظام روما الأساسي الذي يحدد نظام عمل المحكمة الجنائية الدولية، على أن المدعي العام للمحكمة لن يحقق في شبهات بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب أو جريمة العدوان، إذا ما كان الطرف المعني لديه جهاز قضائي مستقل ومهني، قادر على ممارسة الرقابة الفعالة على السلطتين التنفيذية والتشريعية.
في السياق، قال الإعلام الإسرائيلي: إن الأزمة في الجيش ستتصاعد، وتكبر خلال الأيام المقبلة بعد التصويت على إلغاء حجة المعقولية.
وقال مراسل الشؤون العسكرية في «القناة الـ13»، أور هيلر: «نتلقى الرسائل التي يرسلها جنود الاحتياط، سواء في سلاح الجو أو في شعبة الاستخبارات، وأيضاً في جهاز العمليات الخاصة»، مشيراً إلى أن «هؤلاء الأشخاص يبلغون قادتهم أنهم لن يلتحقوا بالاحتياط في شهر آب».
وذكرت قناة «كان» الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يخشى استقالات «صامتة» لضباط «ممتازين» في شعبة الاستخبارات وسلاح الجو.
«بدورها ذكرت القناة 12» الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي بقي في الخلف مكشوفاً تماماً، وغير محصَّن كما كان يريد، مشيرةً إلى أن «إصلاح» ما حدث في الجيش سيستغرق أعواماً.
في غضون ذلك، أصدر معهد أبحاث «الأمن القومي» إنذاراً عاجلاً مفاده أن الجيش أمام خطر التفكك، موضحاً أن إسرائيل في الطريق نحو جيش ضعيف، وواقع يعرض معادلة الردع الإقليمي للخطر في ظل تهديدات متزايدة من عدة جبهات، داعياً إلى وقف فوري للتشريعات القضائية الأحادية الجانب والسعي لتغييرات مع توافق واسع.
وفي خضم اتساع الأزمة الداخلية في كيان الاحتلال، رأى موقع معهد أبحاث «الأمن القومي» أن هذه الأزمة التي اندلعت في أعقاب مبادرة الحكومة القضائية في 4 كانون الثاني، هي «الأخطر» منذ عام 1948.
وأضاف: إنه «على المدى القريب، من المتوقع أن تتأثر قدرة تشكيلات حيوية جوية واستخبارية وفي العمليات الخاصة ووحدات النخبة، مشيراً إلى أن هذا يأتي في ظل تزايد خطر المواجهة متعددة الجبهات، وحيث يشعر أعداء إسرائيل على جميع الجبهات بثقة زائدة بالنفس بسبب ما يعتبرونه ضعفاً داخلياً.
وفقاً لـ«القناة الـ12» على الرغم من ذلك، فإن الوزراء لم يطرحوا أي أسئلة، ولم يبدوا اهتماماً بهذه الأمور، وبعد ذلك «ركضوا إلى الكنيست لمواصلة التشريع».
وعقب مصادقة «الكنيست» على قرار «بند المعقولية»، ألقى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كلمةً قال فيها: إن «الجيش يجب أن يبقى بعيداً عن أي خلاف سياسي»، آملاً التوصل إلى اتفاق شامل مع المعارضة بشأن التعديلات القضائية، في نهاية تشرين الثاني، وأضاف: إنه لم يقدَّم أي اقتراح تسوية خلال فترة إيقاف التعديلات 3 أشهر، معرباً عن استعداده لمناقشة كل شيء، وفوراً.
وتسبّبت التعديلات القضائية، التي اقترحتها حكومة نتنياهو، في كانون الثاني الماضي، بانقسامٍ حادّ في كيان الاحتلال، وبواحدةٍ من أكبر حركات التظاهر والاحتجاج في تاريخه.
وأفضت هذه المسألة إلى إعلان آلاف العناصر، من مختلف وحدات جيش الاحتلال، وقف خدمتهم، احتجاجاً على التعديلات القضائية. كذلك، زادت حركة إنهاء الامتثال للخدمة داخل مؤسّسة الاحتلال العسكرية، في حدّة القلق الإسرائيلي المرتبط بفقدان الأمن والردع.
يُشار إلى أن «حجة المعقولية» هي حجة تبنّاها القانون الإسرائيلي لمراقبة السلطة التنفيذية، تتيح لمحكمة «العدل العليا» التدخل عندما يكون عمل السلطة التنفيذية غير معقول بشكل متطرف، وبالتالي يحق لها إلغاء قوانين وقرارات إدارية بذريعة أنها «غير معقولة»، حسب قناة «كان» الإسرائيلية.