ثقافة وفن

ثنائي «صوت الشرق» بلبل وشريفي يعانقان دمشق على مسرح دار الأوبرا … د. لبانة مشوح لـ«الوطن»: نرحب بأي مشروع وطني ينتج أعمالاً فنية ترقى إلى مستوى الفن الأصيل

| مايا سلامي - تصوير مصطفى سالم

بعد غياب أربع سنوات يعود ثنائي «صوت الشرق» الفنانة سمر بلبل وزوجها الملحن د. عصام شريفي إلى وطنهما سورية الذي عاش بفنه وأصالته في قلبيهما فحملاه أمانة أدياها بكل صدق وإخلاص وكانا سفيرين حقيقيين للأغنية العربية الطربية الأصيلة التي تميز بها مشروعهما الثقافي الفني الخاص الذين سارا به جنباً إلى جنب وكانا فيه كبلبلين يشدوان للحب والسلام.

وعلى خشبة مسرح دار الأوبرا في دمشق جدد الثنائي لقاءهما بجمهورهما الوفي لأغنيات الزمن الجميل في أمسية حملت عنواناً «لدمشق» شاركتهما فيها الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو نزيه أسعد.

وبصوت قوي يحمل بطياته ترنيمة خاصة تجمع بين الجبروت والدفء افتتحت الفنانة سمر بلبل الحفل بغناء قصيدة «لدمشق» ألحان د. عصام شريفي، وتخلل الحفل باقة مميزة من أغنياتهما الخاصة «قلي القمر»، «كل الدني»، «تعرف»، إضافة إلى فاصل موسيقي تراثي «غزالة.. طاب جرحي»، وموسيقا «موزاييك» من تأليف د. شريفي.

ولم يتوانيا عن أخذنا في رحلة للقاء عمالقة الفن المصري في أغنية «ساعة ما بشوفك» لمحمد عبد الوهاب، وأغنية «أنت عمري ودليلي احتار» لكوكب الشرق أم كلثوم التي أطربت بها سمر بلبل الحاضرين ونسجت بصوتها حكايات هاربة من زمن الأبيض والأسود.

زوج جميل

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بينت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح أن الدكتور عصام شريفي ملحن مهم ومشروعه مع زوجته السيدة سمر بلبل يعيد إلى الأذهان مشاريع «الديو»، الملحن وزوجته، إذ يبدو أن هذا الأمر يخلق إبداعاً عند البعض ونحن نرحب بأي مشروع وطني ينتج أعمالاً فنية جادة ترقى إلى مستوى الفن الأصيل.

وأوضحت أن العودة للفن الأصيل وللملحنين الكبار مثل السنباطي أصبح ربما خارج العصر، منوهة بالعودة لسماع أغنيات أم كلثوم ولو بصوت آخر يحيي فينا شيئاً جديداً ويعيد إحياء الجمال والرقي.

وقالت: «الأغاني الحديثة أنا معها ولكن هي من نمط ومستوى آخر لا تقل جمالاً ولكنها عصرية بالسرعة والإيقاع، والعودة إلى الفن الأصيل تخرجنا تماماً من هذه الدائرة وتعيدنا إلى أجواء أخرى، إلى الإنصات والاستماع».

وأضافت: «تمنياتي لهذا الزوج الجميل أن ينتشر وأن ينشر أعمالاً أكثر وأن يجد الكلمة التي ترقى إلى مستوى الفن الأصيل، لأن الأغنية الأصيلة عمل متكامل وهي كلمة بالدرجة الأولى يوضع لها لحن ثم تغنى وإذا لم يكن الكل متكاملاً يحدث خلل».

مشروع حب

وقالت الفنانة سمر بلبل: «هذه المرة الأولى التي نغيب فيها عن دمشق مدة أربع سنوات بسبب ظروف قاهرة، واليوم أشعر كأنني سأغني للمرة الأولى على مسرح دار الأوبرا وأنا سعيدة جداً بعودتنا لنلتقي الجمهور مجدداً».

وأضافت: «ستحمل أمسية اليوم نفساً وروحاً جديدة وسنقدم فيها أغنية جديدة تحمل نمطاً مختلفاً نوعاً ما، وكما جرت العادة سيكون فيها أغنيات من أعمالنا الخاصة التي لحنها د. عصام وأغنيات من الزمن الجميل لعبد الوهاب وأم كلثوم لنرضي أذواق جميع الموجودين».

وعن الإقبال لهذا النمط من الأغنيات، أوضحت: «هناك بالتأكيد جمهور وفيّ للطرب الأصيل وما زال هناك من يحب الاستماع لهذه الأغنيات وأنا لا أؤيد مقولة أن الشباب بعيدون عن الطرب القديم ولا يرغبون فيه، فإذا ما أعطيتهم الفرصة وقدمت لهم المادة والمكان المناسبين فسيستمعون بالتأكيد، فالجيل الحديث سيميل للفن الصحيح والأصيل إذا قدم له».

وعن تأثير الغربة في مشروعهما قالت: « قد تكون الغربة أثرت فينا وجعلتنا متمسكين بشكل أكبر بالطرب العربي الأصيل، والموسيقا بالنسبة لي ولزوجي عصام مشروع حب، ونكون سعيدين جداً عندما نغني معاً، والغربة زادت من حبنا للموسيقا فعندما نكون بأقصى حالات الحنين للوطن نغني لنسترجع ذكرياتنا وعلى الرغم من المسافات الطويلة التي تبعدنا استطعنا أن نجد لأنفسنا وجوداً في بلدنا».

جرعة جديدة

وأوضح الملحن د. عصام شريفي: «شعور اليوم غريب جداً فيه مزيج من الوهرة والشوق للقاء الجمهور مجدداً ونحن لم نعتد الغياب كل هذه المدة فحتى خلال سنوات الحرب كنا نحضر في كل عام، ولكن واجهتنا ظروف قاهرة منها فيروس كورونا وبعدها كنا قد قررنا المجيء وإحياء حفلة في حلب، ولكن أصيبت سمر بعارض صحي واضطررنا لإلغاء كل شيء، لذلك هذه المرة الأولى التي نغيب فيها مدة طويلة وعودتنا اليوم أعطتنا جرعة جديدة من الحياة والشباب».

وعن سبب تسمية الحفل قال: «الحفل سميناه (لدمشق) لسببين مهمين أولهما أنني منذ سنتين التقيت الصديق عماد فوزي شعيبي وألقى لي قصيدة (لدمشق) وأعجبت بها فور سماعها وقررت تلحينها، كما أن الحفل سيتضمن قطعة صغيرة لشاعر سوري يتحدث فيها عن الشام، إضافة إلى شوقنا الكبير لدمشق بسبب غيابنا الطويل، كل هذه الأمور اجتمعت معاً فقررنا افتتاح الحفل بأغنية وقصيدة (لدمشق) وتسميته باسمها».

وحول أهمية هذا المشروع لإحياء الطرب الأصيل أوضح أنه هناك الكثيرون ممن يتحدثون عن أغنيات الزمن الجميل لكن ليس هناك أحد يقدمه للناس ليتعرفوا عليه فقررنا أن نحيي هذا العنوان بكل تفاصيله لنقول للشباب هذا هو الزمن الجميل.

وأضاف: «أنا لم أتهم يوماً الجمهور بهبوط مستواه الثقافي وأرى أن الجمهور يرتفع مع من يرفعه ويذهب مع من ينزله لأنه قد يكون بحاجة إلى موسيقا ترفيهية وأنا لست ضدها، لكنني ضد أن تصبح هي الحالة الموسيقية، والموسيقا الترفيهية لها أماكنها، والحالة الثقافية الفنية الموسيقية يجب أن نعرف الأجيال الحديثة عليها ونخبرهم ما هو الزمن الجميل وأننا قادرون على خلقه من جديد بالإرادة والتصميم والتعاون بين الجهات المسؤولة والفنانين».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن