سورية

رغم الهدوء الحذر الذي توسط به «التحالف» لفرض هدنة بين الطرفين … اقتتال «قسد» مع «مجلس دير الزور العسكري» يعرقل طموح واشنطن بالتمدد إلى البوكمال

| حلب - خالد زنكلو

عرقل الاقتتال الدامي والخلافات المتجذرة بين ما يسمى «مجلس دير الزور العسكري» والشرطة العسكرية التابعة لميليشيا «قوات سورية الديمقراطية- قسد»، جهود وطموح الاحتلال الأميركي بالتمدد شرقاً نحو البوكمال حيث معبر القائم لقطع المنفذ البري الوحيد بين سورية والعراق.

وتجددت الاشتباكات المتقطعة أمس بين الطرفين بعد اشتدادها في اليوم السابق، على الرغم من توسط قوات «التحالف الدولي»، الذي تقوده واشنطن، لفرض هدنة بينهما، وظل التوتر سيد الموقف لغليان المنطقة واحتمال خروجها عن سيطرة المحتل الأميركي.

وقالت مصادر محلية في ريف دير الزور الشمالي إنه لم يمض سوى بضع ساعات عن الهدنة التي فرضها التحالف الدولي بين «قسد» و«مجلس دير الزور العسكري» ومن خلفه عشائر عربية، حتى عادت الاشتباكات بين الطرفين من جديد جراء شعور الميليشيات بالضعف واستقواء «المجلس» بموقف ونصرة الاحتلال الأميركي له بالسلاح الحديث، الأمر الذي مكنه من السيطرة على قرى وحواجز بأرياف دير الزور.

وذكرت المصادر لـ«الوطن» أن قذائف «آر بي جي» أطلقها مسلحون من «المجلس» أمس سقطت على مقرات «قسد» في بلدة البصيرة قبل اندلاع اشتباكات سقط خلالها ٤ جرحى بين الفريقين المتناحرين اللاهثين إلى كسب ود الاحتلال الأميركي وتأييده، مع أنهما يتبعان سوية إلى القيادة العامة للأخيرة منذ عام ٢٠١٩، لكن الخلافات متأصلة بينهما بعمر اتحادهما ضد تنظيم «داعش»، ويتمحور نفوذ كل منهما في المنطقة الحيوية شرقي نهر الفرات».

وبينت أن سبب الخلاف بين الفريقين يعود إلى شكوك متزعمي «قسد» حول نية «مجلس دير الزور العسكري» الانفصال عنها وتشكيل قوة عشائرية عربية بدعم من الاحتلال الأميركي، لبسط نفوذه على مناطق من الضفة الغربية لنهر الفرات حيث منطقة البوكمال التي تضم معبر القائم الوحيد الذي يربط الحدود السورية العراقية ببعضها بعضاً، وهو ما ترفضه الميليشيات راهناً نتيجة عدم قدرتها على توزيع مسلحيها على منطقة واسعة خارج حدود سيطرتها، عدا عن خشيتها من إغضاب الدول الفاعلة في هذا الملف الحيوي.

وأشارت إلى أن الميليشيات تتهم «المجلس» وعشائر عربية أخرى بعقد اجتماعات مع ضباط أميركيين، الهدف منها الإطاحة بنفوذها وتقوية المكون العربي في المنطقة وقبائله التي تمردت على الميليشيات أكثر من مرة في السنتين الأخيرتين بسبب اتهامها بتحجيم تمثيلها داخل القيادة العامة التي يتبعان إليها ومصادرة قرارها بالكامل في جميع الشؤون التي تخص مناطق شرقي الفرات الواقعة تحت هيمنة الميليشيا.

مصادر قبلية في دير الزور، أوضحت لـ«الوطن» أن المسلحين العشائريين لا يزالون يقطعون طرق إمداد «قسد» في أرياف دير الزور الشمالية والغربية والشرقية للحيلولة دون وصول تعزيزاتها العسكرية إلى مقرات الميليشيا فيها، ولاسيما في بلدتي الصور والعزبة، والتي لا يزال بعضها محاصراً حتى لحظة أعداد الخبر.

وبينت المصادر أن «مجلس دير الزور العسكري»، مدعوماً بقبائل عربية وازنة في دير الزور والحسكة، مصرّ على تسليم قتلة اثنين من مسلحيه في الاشتباكات التي دارت أول من أمس عند أحد حواجز الشرطة العسكرية لـ«قسد»، للقصاص منهما، وهو ما يرفضه متزعمو «قسد»، الذين يؤكدون أن من حقهم مكافحة «أعمال الشغب» في مناطق نفوذهم.

وأكدت استمرار التوتر بين الطرفين على الرغم من سريان مفعول التهدئة بينهما، وتوقعت انفجار الصراع مجدداً ليطول جميع مناطق نفوذ «قسد» في الرقة والحسكة، بالإضافة إلى دير الزور، بما يحبط المشروع الأميركي الرامي إلى إغلاق الحدود السورية العراقية، لممارسة مزيد من الضغوط على الدولة السورية، وفي مقدمتها الضغوط الاقتصادية، عبر التلويح أو حتى ردم الطريق البري الوحيد المتبقي بين دمشق وبغداد ومن خلفها طهران، وهو مشروع غير قابل للتطبيق على الأرض لأسباب سياسية وميدانية وعسكرية لا تصب في مصلحة الاحتلال الأميركي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن