شؤون محلية

ملايين صانوا الإرث السوري المجيد

| ميشيل خياط

لعل الحديث عن الوضع المعيشي في سورية، يعنينا جميعاً، ولاسيما شريحة ذوي الدخل المحدود التي وصلت معاناتها- المالية- إلى درجة غير مسبوقة.

هل الحل بإلغاء دعم المواد الأساسية، دعم تصل تكاليفه إلى 25 ألف مليار ليرة سورية..؟

للإجابة يجب أن نعرف لماذا كان الدعم تاريخياً، وما سره…؟

ارتبط الدعم بضآلة الرواتب والأجور، لجسر جزء من الهوة أو الحفرة بين الأجور والأسعار، وخلافاً للمنطق تركت الأسعار ترتفع بذرائع مختلفة وتم التشبث بتثبيت الرواتب والأجور على حالها، وبزت الدولة عبر وزاراتها ومؤسساتها وقطاعها العام، القطاع الخاص، في السعي إلى الربح من أجور العمال، فكانت القيمة الشرائية لأجور القطاع العام تنخفض تباعاً، ويزداد العمال الشرفاء فقراً.

اليوم وقد تفاقم الأمر إلى حد اللامعقول، هل يجوز أن يدفع الفقراء الثمن مرة ثانية، ذلك أن إلغاء دعم المواد الأساسية سيرفع أسعارها وأسعار كل السلع ذات العلاقة بها، ومهما كانت الزيادة في الرواتب كبيرة فإن التضخم المالي سيلتهمها وسنعود إلى نقطة الصفر خلال فترة وجيزة من الزمن، وهذا ما نلاحظه من خلال سعر صرف الدولار الذي ارتفع – رسمياً خلال أقل من ثلاث سنوات 7700 ليرة سورية، ويتبدى ذلك بوضوح أكبر من خلال مقارنة الأسعار الراهنة للمواد الغذائية وغير الغذائية، مع أسعارها قبل عدة سنوات أو عدة أشهر أو عدة أسابيع..!

ويجب الانتباه إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار رسمياً وفي السوق السوداء بنسب أكبر، قد تم على الرغم من الإجراءات الحكومية الصارمة، سواء لجهة بيع القطع الأجنبي أم لشروط التصدير أو تقييد الاستيراد وربطه بالمواد الأولية اللازمة للتصنيع المحلي.

فما بالكم اليوم، وبسبب الضائقة وطرح الحكومة موضوع الدعم على السادة أعضاء مجلس الشعب، قد فتحت الشهية على المطالبة بإلغاء كل الإجراءات الحكومية، وكأنها هي السبب الجوهري في ارتفاع سعر صرف الدولار، علما أن كل الدول التي سارت على هذا النهج، عانت من ارتفاع كارثي في سعر الصرف، ومن انخفاض كبير في القوة الشرائية لعملتها الوطنية، وأقرب مثال إلينا لبنان إذ وصل سعر الدولار فيه إلى 93000 ل.ل.

لا يجوز أن نعالج الأخطاء بأخطاء جديدة، وأن نحمل الفقراء في بلدنا نتائج عدم الإنجاز في كثير من المجالات المهمة، وعلى رأسها الصناعة في القطاع العام، فالمصانع المهدمة، كان يجب أن تشتغل مجدداً، 54 مصنعاً كبيراً ومهما منها:مصنع جرارات حلب، وحديد حماة الذي يعمل بـ15بالمئة من طاقته وهو رابح جداً وسيرونيكس وبردى وزجاج الشام…… الخ، مصانع كبرى كان يجب تشغيلها بالطاقة القصوى وبأي طريقة من الطرق. ما الذي منع من زيادة عدد منافذ البيع الحكومية-صالات السورية للتجارة-وتزويدها بمنتجات الصناعات الغذائية الحكومية- وزيادة إنتاج مؤسسات الدواجن والمباقر، لصوغ سوق حكومية موازية تلتزم بالأسعار النظامية؟ لماذا لم يطبق التأمين الصحي على المتقاعدين…؟ لماذا لم يعين عشرات الآلاف من خريجي كليات الهندسة؟ ولماذا لم ينفذ عقد الباصات الإيراني 500 باص وقد وعدنا به منذ عامين ونيف…؟ أما كان ذلك كله قد خفف من حدة الأزمة؟

يجب ألا نسمح للذين قتلونا برصاص وسيوف وخناجر ذوي اللحى الكثة من عتاة الإرهابيين، أن يقتلونا اليوم بالدولار.

ثمة من اغتنى من الحرب، خذوا منهم من الضرائب على أموالهم الهائلة وأنفقوا على من أفقرتهم الحرب، من متقاعدين وموظفين شرفاء.

لاحظوا أن السوريين كانوا يهربون من المناطق الساخنة ويستجيرون بنعم الحياة في المناطق السورية الآمنة.

قد يقال سقى اللـه أيام زمان.

أبداً يجب التمسك بسورية الجميلة. سورية الخير وبلد الفقراء وهذه ليست عواطف ومشاعر، إنها إرث وتراث لامادي هو أغلى من كل كنوز الأرض. من أجل مثل هذه (السورية) اندفع ملايين السوريين للدفاع عن وطنهم واستشهد منهم كثر على أمل صون سورية ماجدة يعيش فيها أهلهم وأولادهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن