اقتصاد

عندما يشكو الوزير..!!

| هني الحمدان

رغم كل البرامج الرسمية والإستراتيجيات والندوات وحلقات النقاش وخطابات بعض السادة المسؤولين التي تُعنى بالإصلاح الإداري وخاصة إصلاح أحوال القطاع العام وتطويره، إلا أن نتائج كل البرامج والأعمال والجهود المبذولة لا تزال قاصرة عن الوصول إلى الأهداف الحقيقية والكاملة للإصلاح المأمول، فها هو القطاع العام يترنح من عبء وثقل أزماته ومشكلاته، وبوقت نسمع كل يوم من كل المسؤولين في مستويات المفاصل الإدارية أحاديثهم عن نقص الكفاءات والخبرات ومن ضعف الإدارات وتراجع الإنتاجية وقلة المحاسبة وربما تجاهلها تماماً وغياب أي أسس للتقييم لكل الإدارات وحلقات الإنتاج والعمل والمسؤولين على تلك الحلقات..!

وهنا السؤال: مادام الوزير أو المسؤول المعني هو بحالة شكوى وبث ما يعاني منه قطاعه أو المرفق الذي يشرف عليه.. كيف سيكون برنامج الإصلاح.. وأي إصلاح سيتم يا ترى.. ومن سينفذه مادامت الخبرات والكفاءات «طفشت»؟

برأيي أي إصلاح وأخص إصلاح القطاع العام وتطويره بشكل أفضل لن يتم بالأدوات والنمطية السائدة وبنفس الفكر المتوارث وعقليات الإدارات السطحية الخائفة على كراسيها وقنوات استرزاقها واستنفاعاتها من هنا وهناك، فالمشكلات كبيرة وعديدة، ولن يكون بمقدور جهة أو برنامج أن يحدث اختراقاً إيجابياً، مادامت الأدوات والأفكار والإدارات تسبح في فلك الشخصنة الذاتية والمنفعة الفردية وغياب أي فكر موضوعي ينم عن ولاء كامل للمؤسسة وضرورة الإقلاع بإنتاجيتها، وهنا هناك برامج إصلاحية لكي تنجح ذاك النجاح المأمول من أن «تكشر» الدولة وتتدخل من الباب الواسع وعبر اتخاذ قرارات حازمة للتصدي لكل ما يعترض بعض المظاهر المخلة بالعمليات الإدارية وتطوير القطاع العام، فالفساد مثلاً وعدم الإخلاص الكامل للعمل وتغليب المصلحة الشخصية على العامة كلها مسائل خطرة تعرقل من أي توجه إصلاحي حقيقي، فساد تغلغل في كل الأماكن والمفاصل بات في معظمه على شكل رشاوى تمنح بأشكال مختلفة بات يؤثر بشكل كبير في أداء القطاع العام وخطط الإصلاح، إضافة إلى انتشار رشاوى عمليات الاحتيال وسوء التدبير المالي والإدارة الرديئة للمؤسسات العامة..!

عندما يسكت صاحب القرار في محافظة من المحافظات السورية عن تجاوزات وسرقات ممن على رأس مؤسسة خدمية وما تم سرقته من تجهيزات جاءت من إحدى المنظمات الداعمة خدمة لإيصال خدمات للمواطن في ظل تعقيدات المعيشة وصعوبة الحصول على قطرة ماء نظيفة، يلجأ بعض الأشخاص إلى بيع بعض التجهيزات والمعدات، وما فعلته الإدارة الحكومية في تلك المحافظة تغيير مدير عام المؤسسة.. إنها مكافأة حقيقية ووسام شرف.. اسرق اسرق ما شئت ومصيرك الإعفاء مع بوسة شوارب… هذا نموذج عن الإصلاح يا سادة..!

بقي أن نقول: لا يمكن لعملية إصلاح أن تتم في ظل نقص الموارد والتمويل وتطبيق القانون بكل جزئياته على أي شخص يجيد أو يخطأ.. فالإصلاح الحقيقي يلزمه الشفافية والنزاهة التامة والمشاركة المجتمعية وضرب أي من حلقات المحسوبية والبيروقراطية، ولا بد من إدخال جيل متعلم وأصحاب خبرات لجسم الدولة، فإذا بقي نمط الإصلاح كما هو فسنحتاج سنوات طويلة في مرحلة ننشد الإصلاح، أما إذا تم تبني رؤى وبرامج جديدة تختلف بأساسيات عملها وتوجهها فقد تتغير النتائج نوعاً ما ونصبح على سكة الصواب.. هذا المأمول..!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن