الكونغرس الأميركي يتحرك ضد الصين ويطالب بإنهاء معاملتها «كدولة نامية» … بكين: ليس اعترافاً بنجاحنا وإنما سعي لكبح تنميتنا ولن نحرم من حقوقنا
| الوطن - وكالات
ردت الصين على موافقة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي على قانون إنهاء وضع الصين كدولة نامية، والمطالبة بإنهاء معاملتها على هذا النحو، مؤكدة أن الهدف الحقيقي من وراء ذلك كبح تنمية الصين وعرقلة نجاحها في هذا المجال.
واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين أن الولايات المتحدة لا تصنف الصين «كدولة متقدمة» تقديراً أو اعترافاً بنجاحها في مجال التنمية، وإنما الدافع الحقيقي وراء إنهاء وضع «الدولة النامية» في الصين هو كبح تنميتها.
وقال وانغ: إن «بعض المشرعين في الولايات المتحدة قلقون من أن الصين ستستخدم وضعها كدولة نامية للتهرب من المسؤوليات على الصعيد الدولي»، وأضاف: «إن مساهمة الصين في النمو الاقتصادي العالمي، وتقييمات الميزانية العادية للأمم المتحدة وحفظ السلام تفوق بكثير مساهمة معظم الدول المتقدمة».
وانغ شدد على أن الأمر ليس متروكاً للولايات المتحدة لتقرير ما إذا كانت الصين دولة نامية، فواشنطن لا يمكنها إنكار حقيقة أن الصين لا تزال دولة نامية، ولا تستطيع منع الصين من التحرك نحو التجديد الوطني، وقال: إن «الصين لن تحرم من حقوقها التي تحق لها قانوناً كدولة نامية لمجرد أن قلة من السياسيين في الكونغرس يقولون ذلك».
وأضاف: «بدلاً من محاولة معرفة كيفية وضع علامة «الدولة المتقدمة» على الصين، قد ترغب الولايات المتحدة في التفكير في كيفية إزالة علامتها الخاصة بالتسلط والهيمنة».
وكالة «شينخوا» ردت في تقرير مطول على إقرار مجلس النواب الأميركي قانون اعتبار جمهورية الصين الشعبية بأنها ليست من البلدان النامية، والمطالبة بإعادة تعريف الصين كدولة متقدمة ومعارضة المعاملة المستمرة للصين باعتبارها «دولة نامية» في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعتها الولايات المتحدة.
وجاء في تقرير الوكالة: «بين عشية وضحاها، تم ختم الصين على أنها دولة متقدمة من البرلمان الأميركي القدير! لا يسع المرء إلا أن يتساءل، من يمنح الولايات المتحدة القوة العظمى لإملاء إذا ما كانت دولة ما متطورة أم لا؟ لماذا منحت الصين فجأة مثل هذا اللقب المجيد»؟
والواقع أنه لا يوجد حسب التقرير تعريف موحد لـ«البلد النامي»، حيث يختار البنك الدولي الناتج المحلي الإجمالي كمقياس ويعرّف البلد مرتفع الدخل بأنه بلد يبلغ فيه نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي 13.205 دولاراً أو أكثر في عام 2022، كما يستخدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مؤشر التنمية البشرية الذي يعتبر وفقاً له البلدان التي تبلغ 0.8 بلداناً متقدمة النمو، وفي عام 2021، كان مؤشر التنمية البشرية في الصين 0.768 وفي المرتبة 79 في العالم.
ويعتمد الاتفاق العام بشأن التعريفات الجمركية والتجارة ومنظمة التجارة العالمية طريقة «الإعلان الذاتي»، وكانت جمهورية كوريا والبرازيل وأوكرانيا، من بين بلدان أخرى، تعتبر نفسها بلداناً نامية عندما انضمت إلى «الاتفاق العام بشأن التعريفات الجمركية والتجارة»، وقد حددت الصين صراحة كبلد نام عند انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية.
وبأي معيار، فإن الصين لم تصل بعد إلى عتبة البلدان متقدمة النمو، وهذا أمر تعترف به الأغلبية العظمى من البلدان والمنظمات الدولية الرئيسية، وبحسب التقرير فإن «قانون جمهورية الصين الشعبية» الذي أقره مجلس النواب الأميركي، تعسفي وغير مبرر في دفع الصين إلى مجموعة البلدان المتقدمة.
علاوة على ذلك، فإن الناتج المحلي الإجمالي الكبير لا يجعل بالضرورة بلداً ما متقدماً، لا تزال العديد من المؤشرات الاقتصادية في الصين، خاصة من حيث نصيب الفرد، باقية عند المتوسط العالمي، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، على سبيل المثال، 12.741 دولاراً، أي ما يعادل 16.6 بالمئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة.
وحسب تقرير «شينخوا» فإن مؤشراً واحداً غير كافٍ لتحديد إذا ما كان بلد ما متقدماً أم لا، وسيستغرق الخروج من العالم النامي أكثر من مجرد الوصول إلى أهداف عددية معينة. حتى مع الأداء الاقتصادي السليم فإن الصين، مع عدد سكانها الضخم لا تزال «طالباً متفوقاً» وليس «خريجاً» من العالم النامي.
وتساءل التقرير: لماذا اتخذت الولايات المتحدة مثل هذه الخطوة غير العادية لوصف الصين بأنها «دولة متقدمة»؟ وتابع: هناك ثلاثة أشياء تحاول واشنطن تحقيقها وهي أولاً: تقويض الحقوق والمصالح المشروعة للصين من خلال تجريدها من «المعاملة الخاصة والتفضيلية – S&DT» التي تمتد إلى البلدان النامية، إذ من خلال إنكار مركز الصين كبلد نام تعترف به الأمم المتحدة، فإن الولايات المتحدة، بحجة «النظام الدولي القائم على القواعد»، تخلق من جانب واحد حواجز تجارية أعلى لجمع المزيد من التعريفات الجمركية لتحقيق مكاسبها.
وثاني هذه الأشياء هو تحميل الصين رسوماً تتجاوز قدرتها، حيث إنه مع عدد سكان يزيد على 1.4 مليار نسمة، لا تزال تنمية الصين «غير متوازنة وغير كافية»، وفي هذا السياق فإن فرض المزيد من الالتزامات على الصين بما يتجاوز قدرتها ليس عادلاً ولا مسؤولاً.
والأمر الثالث: نسج «فخ روائي» لمزيد من الاحتواء، إذ ليس من الصعب توقع أن الولايات المتحدة ستزيد من ضجيج «التهديد الصيني» بمجرد تعريف الصين على أنها دولة متقدمة، ما سيسهل قطع روابط الصين الوثيقة مع الدول النامية الأخرى.
وخلص التقرير إلى أنه بغض النظر عن مدى صعوبة محاولة الولايات المتحدة لإحداث إرباك، هناك شيء واحد مؤكد وهو أنه «لا يمكن تحديد الوضع الاقتصادي لدولة ما من خلال قواعد أميركا الخاصة بناءً على مصالحها وينبغي ألا يكون هناك مكان في المجتمع الدولي لأي سياسة تفيد بلداً واحداً على حساب البلدان الأخرى، وليس لدى الولايات المتحدة، من بين جميع البلدان، الكلمة الأخيرة بشأن إذا ما كان بلد ما بلداً نامياً أم متقدماً».