مقترحات إلى نقابة الصيادلة لتصحيح الخلل … مشكلات التأمين الصحي مرض مزمن بلا علاج
| حلب- خالد زنكلو
أشرك مشروع التأمين الصحي للعاملين في القطاع الإداري بالدولة القطاع الصحي الخاص بتأمين هذه الخدمات وتقديمها بشكل لائق وإرساء فوائد عديدة، في مقدمتها إنهاء العلاقة المادية بين المريض ومقدمي الخدمات الصحية.
وعلى الرغم من أن المشروع حجر أساس في ضمان شريحة واسعة من المواطنين ويمثل خطوة متقدمة في سبيل تقديم الخدمات الصحية، إلا أن معوقات وقرارات مجحفة تعترض عمل المشروع يجب تذليلها لأداء دوره المنوط به.
وأوضح رئيس «جمعية المشافي الخاصة في حلب» الدكتور عرفان جعلوك أن الجمعية شجعت إدارات المشافي على الاستمرار باستقبال مؤمني هذا القطاع وفق العقود المبرمة مع شركات إدارة النفقات الطبية «مع أنه لا توجد جدوى اقتصادية حقيقية ناجمة عن هذه العقود نتيجة أسباب عديدة، في مقدمتها التضخم النقدي المتلاحق والذي شكل خطراً مباشراً على هذا المشروع».
وبين جعلوك لـ«الوطن» أن الزيادات المتتالية في الأسعار والتضخم النقدي المرافق «كادا يوقفان هذا المشروع، على الرغم من إصدار عدد من التعرفات المتكررة من الجهات المشرفة عليه لاستيعاب هذا التضخم، والتي لم تستطع مواكبة سرعة التضخم الحاصلة، ما جعل قسماً لا بأس به من المشافي يعتذر عن التعاقد مع شركات إدارة النفقات الطبية، أو يلجأ لتحميل المؤمن جزءاً من الفروقات السعرية، وهو أمر غير محبذ ويحمل المؤمن أعباء اقتصادية تجعله يشعر بعدم الرضا، وخصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الحالية الصعبة وفي ظل الضعف في الثقافة التأمينية».
وأشار إلى أن بعض القرارات التي صدرت بهذا الخصوص «لم تراع بعض الأسس المعمول بها عالمياً في حقل التأمين الصحي وكان لها تأثير سلبي على التأمين بدلاً من إضفاء تحسينات عليه، ومن أهم القرارات فصل أجور الجراح عن أجور المشفى، بحيث يحصل الجراح في ظل التعرفة الحالية على الحصة الرئيسة مقابل خسارة المشفى، إذ إن أجور الجراح ينبغي أن تمثل 30 بالمئة من التكلفة الكلية للعمليات الجراحية حسب تعرفة وزارة الصحة السارية، وكذلك يفترض أن يحصل طبيب التخدير على20 بالمئة، على حين يبقى للمشفى 50 بالمئة كأجور لغرفة العمليات والمبيت والأدوية، ولكن حالياً تبلغ أجور الجراح أكثر من 50 بالمئة، الأمر الذي تترتب عليه زيادة نسبة أجور الجراح بالمقارنة مع باقي المصاريف».
ولفت إلى أن هذه التعرفة «تشكل انحيازاً لا مبرر له للجراح على حساب المشفى وطبيب التخدير، بينما تحتسب التعرفات الصحية منذ السبعينيات وإلى الآن لغرفة العمليات 35 بالمئة وللمخدر 30 بالمئة وللجراح 35 بالمئة، بغض النظر عن الأدوية التي يتم تحميلها للأسف للمشفى».
وذكر أن تطبيق «نظام الباكج» (السعر المقطوع للعمليات الجراحية الشائعة) مع فصل أجور الجراح «شكل أحد الأسباب التي تجعل المشافي تحجم عن التعاقد لأنه لا يمكن تثبيت سعر عملية ما دامت أسعار المواد الاستهلاكية والأدوية والصيانة والمحروقات والضرائب هي في تصاعد دائم، وما دامت أجور الجراح جرى تحديدها مسبقاً».
ولتوضيح ما سبق في العقود الإدارية، ضرب «رئيس جمعية المشافي الخاصة بحلب» مثلاً العملية القيصرية «حيث بلغ صافي المبلغ الذي يتقاضاه الطبيب الجراح بعد اقتطاع حصة شركات الإدارة (12 بالمئة) 334400 ليرة سورية، على حين يتقاضى المشفى مبلغاً مماثلاً يبلغ 330000 ليرة بعد اقتطاع حصة شركات الإدارة، ويفترض أن يغطي تكاليف أحرة طبيب التخدير بمقدار 66880 ليرة ومبيت 87500 ليرة وأدوية 190000 ليرة وغرفة عمليات 100000 ليرة، وبمجموع قدره 444380 ليرة، وبالتالي فإن الخسارة المحققة للمشفى هي 113380 ليرة لهذه العملية، من دون احتساب ضرائب الدخل، مقابل أن يتقاضى الطبيب الجراح أجوره كاملة غير منقوصة».
وأكد أن التعليمات التي صدرت بخصوص ربط تعرفة التأمين الخاص بنسبة معينة مع التأمين الحكومي «تمت من دون مبررات كافية، وأضرت أيضاً قطاع التأمين الصحي الخاص الذي كان يحقق بعض التوازن ويشجع المشافي على الاستمرار بالعمل بمفهوم التأمين الصحي واستمرار التواصل مع شركات إدارة النفقات الطبية، ونجم عن ذلك أن المقترحات الحالية لتعرفة العقود الخاصة لم تكن متناسبة مع التكاليف وأدت إلى عزوف عدد آخر من المشافي عن التعاقد».
وتابع: «يضاف إلى كل ما سبق، أنه من الناحية العملية فإن تسديد النفقات المستحقة من شركات الإدارة الطبية لمقدمي الخدمة تستغرق شهرين وسطياً، وهذا يعني أن تعويض مواد التخدير والمستهلكات لن يتحقق في ظل الارتفاع المستمر لهذه المواد، كما أن وضع أسعار تفضيلية لمحافظة دمشق كان ينبغي أن يشمل مشافي حلب لكون التكلفة التشغيلية في مدينة حلب أعلى من غيرها بسبب تشغيل المولدات لمدة 20 ساعة يومياً، وهي مدة أطول حتى من مثيلاتها في دمشق وباقي المحافظات، وبسبب ارتفاع أجور الصيانة ونقل المواد الطبية والمستلزمات إلى مدينة حلب، إضافة إلى دمج قيمة الأدوية ضمن المبلغ المقطوع، أي إن الأدوية وارتفاع أسعارها يجري تحميلهما للمشفى حالياً».
واستعرض الدكتور عرفان جعلوك جملة من المقترحات جرى إعدادها بالتعاون مع عضو النقابة المركزية لصيادلة سورية الدكتور خليل عثمان، وجرى توجيهها في ١٧ الشهر الماضي عبر كتاب من «جمعية المشافي الخاصة بحلب» إلى نقيب صيادلة سورية وفاء كيشي وإلى أعضاء النقابة المركزية لصيادلة سورية.
وتضمنت المقترحات «دمج أجور الطبيب الجراح مع أجور المشفى في العمليات الجراحية الشائعة (الباكج) ذات المبلغ الإجمالي المقطوع، كي يستطيع المشفى المناورة لإرضاء جميع الجهات المشتركة في العملية وتخفيف الخسارة إن وجدت بإشراك الجراح بذلك. وكذلك فصل قيمة الأدوية عن الأجور الطبية في عمليات (الباكج) لتخفيف آثار ارتفاع أسعار الأدوية المتلاحق على تكاليف الأعمال الجراحية، عدا الإسراع بتعديل قيمة التعرفات وربطها بطريقة ما بالتغيرات الحاصلة في سعر القطع لكون المستهلكات وأدوية التخدير مستوردة بالكامل».
ونصت المقترحات أيضاً على «فصل سقف تعرفة التأمين الصحي الخاص وعدم ربطها بتعرفة التأمين للقطاع الحكومي، وإشراك ممثل عن جمعية المشافي الخاصة بحلب في الاجتماعات الخاصة بتطوير مشروع التأمين الصحي، إلى جانب تغريم شركة إدارة النفقات الطبية بمبلغ 25 بالمئة من قيمة كل مطالبة يتم التأخر بدفعها عن شهرين من تاريخ استلامها من مقدم الخدمة، على أن يضاف مبلغ الغرامة لمقدم الخدمة، ما يحفز هذه الشركات على دفع المستحقات بسرعة ويعوض مقدم الخدمة سواء الصيدلاني أم الطبيب أو المشفى عن التغيرات الحاصلة لتعويض الأدوية أو المستهلكات الطبية ويشجع مقدمي الخدمة على الاستمرار بالتعاقد».