قضايا وآراء

إذا ما خرجت كرة النار عن السيطرة

| منذر عيد

تدفع قوات الاحتلال الأميركي وميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» بالوضع مع الجيش العربي السوري والقوات الصديقة في بعض المناطق من ريفي الحسكة ودير الزور إلى حدود «صفر اشتباك»، بالتزامن مع حدوث حالة من التحشيد في مناطق دير الزور المتاخمة للحدود العراقية، وذلك بهدف سيطرة الاحتلال على المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية، وقطع طريق دمشق- بغداد عبر وصل سيطرتها من قاعدتها غير الشرعية في التنف إلى شرق الفرات مناطق سيطرة «قسد».

جديد الساعات الأخيرة ما تم نشره من دخول فصائل أنقرة على خط المشاركة في المخطط الأميركي، والانتقال من تحت راية الاحتلال التركي إلى مظلة الأميركي، حيث كشفت وسائل إعلام مُقرّبة من الفصائل المسلحة الموالية للاحتلال التركي شمال غرب سورية، أن فصائل مسلحة تابعة لـ«الجيش الوطني السوري»، في ريفي إدلب وحلب، بدأت بتسجيل أسماء مسلحين من صفوفها، بهدف نقلهم إلى منطقة «التنف» على الحدود السورية الأردنية.

تسوق تلك الفصائل أن الذهاب إلى منطقة التنف هو بصفة «حراس حدود»، ولكن أياً تكن الصفة فإن تلك الخطوة تشكل علامة فارقة في الميدان العسكري، كما أنها تثير استفهاماً كبيراً جداً عن احتمالية تغير سلوك إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الصراع الروسي الأميركي، حتى وإن كان الهدف من ذلك إضعاف ميليشيات «قسد» وزج العديد من المقاتلين خارج المكون الكردي للانتشار في جنوب شرق البلاد، بحيث يكونون يد الاحتلال الأميركي عوض يد «قسد».

مركز «رامان للبحوث والاستشارات» نشر مؤخراً في تحليل سيناريوهات ثلاثة للعملية العسكرية الأميركية في مناطق دير الزور، فقال في فرضيته الأولى أن عملية عسكرية أميركية تشارك بها ميليشيات تابعة للاحتلال الأميركي تنطلق من قواعده شرق الفرات خاصة قاعدتي «حقل العمر وكونيكو» وبمشاركة ميليشيا «جيش سورية الجديد» في قاعدة التنف، وبالتالي وصل تلك القواعد ببعضها بعضاً وقطع طريق بغداد- دمشق عبر البوكمال، فيما قال في فرضيته الثانية قيام الاحتلال الأميركي بالسيطرة على مدينة البوكمال والحدود العراقية السورية من الداخل السوري، على حين رجح حدوث الاحتمال الثالث والذي يتضمّن عملية عسكرية على القرى السبع شرق الفرات: الحسينية، الصالحية، حطلة، مراط، مظلوم، خشام، طابية جزيرة.

في الاحتمالات والسيناريوهات الثلاثة لن تكون عملية الاحتلال الأميركي مجرد نزهة سهلة الحدوث، فثمة معوقات جمة تقف في طريق تنفيذها من وجود قوات الجيش العربي السوري والأصدقاء، إلى شرط موافقة «قسد» على المشاركة في أي من الاحتمالات، وخاصة إذا ما تم الأخذ في الحسبان حرص متزعمي «قسد» على عدم إثارة غضب بعض القوى الإقليمية إذا ما انخرطت في أي عدوان أميركي يفضي إلى السيطرة على الحدود السورية العراقية.

قوات الاحتلال الأميركي وبهدف إشغال الجيش العربي السوري، في هذا التوقيت بالذات عملت وكعادتها على إطلاق يد تنظيم داعش الإرهابي في البادية السورية، حيث يتخذ التنظيم قاعدة الاحتلال في التنف مركز انطلاق لعملياته الإرهابية والتي كان آخرها بالأمس من خلال شنه عدواناً على قافلة نفط على طريق سلمية – الرقة في ريف حماة الشرقي، مع التذكير أن قوات الاحتلال الأميركي عملت سابقاً على تهريب قادة التنظيم من العديد من السجون التي تسيطر عليها «قسد» ونقلهم إلى قواعدها وعملت على تدريبهم وإطلاقهم في البادية السورية.

رغم وصول حالة الاشتباك بين قوات الاحتلال الأميركي والجيش السوري والأصدقاء إلى درجة تقترب من «صفر اشتباك»، إلا أن قرار واشنطن الذهاب إلى مواجهة لا تتعدى المعركة، ليس بالأمر السهل، فإمكانية تدحرج كرة النار والخروج من إطار المعركة إلى ميدان أو ميادين حرب كبرى ليست بمنال القرار أو اليد الأميركية، وخاصة أن الرئيس الأميركي جو بايدن يتحاشى، مع قرب الانتخابات الأميركية، حدوث أي أمر يعكر صفو ترشحه إلى ولاية رئاسية ثانية، ويعلم علم اليقين أن وصول أي تابوت لجندي أميركي قد يقلب الطاولة السياسية الداخلية عليه.

يقول خبير الاستخبارات والديبلوماسي الفرنسي السابق أيف بيار دوروسي: «مواجهة إيران وحلفائها أمر آخر إذ أخشى ما يخشاه الأميركيون هو مواجهة إيران، فالعمليات معها قد تبدأ في سورية ولكنها قد تمتد سريعاً من باب المندب إلى الخليج وهرمز وصولاً إلى قلب إسرائيل عبر ضربها بصواريخ من غزة أو من جنوب لبنان (…) قوات حلفاء إيران تعمل وفق مبدأ وحدة الساحات بين الحلفاء وهي تشمل اليمن والعراق وإيران ولبنان وفلسطين (المحتلة).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن