كيف نكتبُ نثريات الحياة؟! وبأيّ الأقلام نكتبُ، وننهلُ من ذلك المداد الأدبيّ؟!
ومن ثمّ، كيف نستمد من علم الجمال، ما يجمّل لنا حياتنا؟! ما يجمّل روح الكتابة لدينا؟! ويجعلنا نستقرئ عشق علم الجماليات، إن صحّ التعبير، ذلك العلم هو الأقرب؛ ليكون علم إيجاد مفردات مثلى..
هذا العلم الطيب والهادف؛ كيف نحدثه ونجعله غني المنشأ؟!
ونكتب نثريات أدبٍ يشبه علم الجمال، يشبه ذواتٍ تشتاق إلى فلسفة الوجد الأدبي، وفلسفات الاستعارة الجمالية بمعناها الأسمى.
وهنا يتبلور السؤال الآتي: كيف نكتبُ نثريات قلمٍ، أو نثريات حياةٍ، في خضم كلّ هذا الوجع القائم؟! ومن ثمّ، كيف نستطيع أن نصنع من حرفنا بلسماً، إن كثرت شجيرات العلقم على شرفات الزمن، الذي ننتمي، وبكل فخرٍ ننتمي إلى زمن التحديات، إلى زمان الجراحات العظيمة، إلى زمانٍ يسألُ عن المنتوج النثري والشعري، ويقف على حدود الكلمة، على حدود الأفق الكلاميّ المتزن من حيث بلاغة المعنى وطيب الألفاظ، من حيث إضاءات الجملة النثرية واختزالها لروح المعنى، لروح ما نفكّر به الآن، وما نشعر به، عندما نكتبُ نثريات قلمٍ، كان لنا، كأيّ زمنٍ يستقرئ أدبيات عشقه على أحبابه، كلّ النثريات تبدو هنا، وكأنها تكوّر بها النداء الشعري الأزلي، هناك حيث معلقات الكلام الطيب، حيث أناشيد الحياة، التي نكتبها بلغات عدّة تنتمي إلى ملكوت الهوية الأدبية..
هذا الملكوت الأسمى، هل نعرف أقلامه حق المعرفة؟!
وهل نتّكئ على وجوديّات اسمه الأرقى؟!
الأدب يحتاج إلى عباءات مطرزة، يمكن التدثّر بها، هذه العباءات قد تكون تطرّزت بنثريات الحياة، بنثريات وقتٍ يستفيض بصلاته على جماليات الحياة، على مكوّنات الوقت النثريّ، الذي نسألُ عنه، ونستقرئ قصائد انتمائه إلى قصيدة الحياة ككلّ، عندما تكتبنا نثريات القلم، أو نكتبها، لا بدّ أن نعرف حقيقة الانتماء إلى كل جملة، إلى كل حركة من حركاته الإبداعية، عندما تكتبنا النثريات..
أنحن نعرفُ فنون الأدب بشكله الجميل، بشكله المسترسل إلى حد الجمال المطلق؟! أنحن نثريات لكل ذلك الوقت الأدبي المعلن؟!
ويتنامى السؤال على شفاه أي زمن مغرم بأدبيات الحياة، يتنامى السؤال باسم المعشوق الأزلي للغات الأبجدية الأولى..
الأبجدية المتراكمة بكل أنوارها؛ حيث ولدت، كأنها البوح النثري، وعلائم من الزمن الشعري..
كيف نكتبُ نثريات قلمٍ، ما زالت كلماته واقفة على تخوم الزمن المحترق، الزمن الذي ينتمي إلى جرحٍ عظيم..
ذلك الزمن هل تنفعه مدارات النثر؟! وفضاءات الشعر كلها..
هل تروي ظمأ جرحنا المشتاق إلى نبض الحياة؟
هل يكفي أن نطفئ النار الحالية بمكوّنات الكلام الطيب، بمكوّنات النمط الإبداعي الأمثل؟
هل يكفي كل الفيض النثري، لاستيعاب كلّ المأساة المحيطة بنا؟!
وهل يضيف المدّ النثري شيئاً لجمال أيامنا، لجمال أحلامنا، لجمال الأدب الذي نريدُ كتابته؟
نريدُ البحث عنه والتدقيق من أجله، نريد الكتابة بمحبرة كل شيء جميل، ويزدادُ منتوج النثر تألّقاً، عندما يحمل روح المعاني الجميلة والسامية في بواطن الكلام، عندما يضعها بين فواصل جمالياته المنشودة، وبين حركات التشكيل وقوة انتمائها لكل كلمة.. ولكل جملة نثرية على حدٍّ سواء، عندما نكتبُ نثريات كلامٍ علينا أن نعرف أن هذا الفن، ولد من أجل محاكاة الواقع بلغة مترفة الألفاظ، عظيمة المعاني، ومن ثمّ، نعي شيئاً من فن المقاربة، بين ثقل الكلام النصّي، وخصوصية وضعه ضمن قوالب نثرية، هي الأقرب إلى أن تشكل لنا بوصلة الفن النثري الجميل..
ذلك الفن الذي يعكس لنا بواطن التفكير العميق، ويجمّل ظواهر الأدب بشكله النثري الجميل.