ثقافة وفن

الرسوم المتحركة تعلّم الأطفال بعض الأخلاقيات الثابتة … شيا لـ«الوطن»: مهنة الدوبلاج تعاني الدخلاء وتفتقد بعض الاهتمام

| مصعب أيوب

صوتها ارتبط بذاكرة طفولتنا، فما إن تسمعه حتى تعود إلى عمر الشقاوة والعبث والبراءة، ربما كثيرون لا يعرفون شكلها ولكن ما إن يصدح صوتها في أي مكان حتى يتساءل الناس من صاحب هذا الصوت الذي يسكننا ونعيشه؟ ولماذا هو قريب منا إلى هذا الحد؟ شغفها المسرحي والإذاعي استحوذ على وقتها فلم تكن صاحبة بصمة فريدة ومتميزة في الدراما التلفزيونية، على حين كانت من رواد فن الدوبلاج وتركت أثراً عظيماً في المسرح والإذاعة فبتنا نألفها في معظم مجالسنا، الفنانة بثينة شيا رفيقة طفولتنا خصت «الوطن» بحوار أخبرتنا عن شغفها بالمهنة وأهمية فن الدوبلاج ومسؤولية التوجه إلى الطفل.

شغف المسرح

انطلاقتها الأولى كانت من الإذاعة حيث مهدت لها الطريق للعمل في الدوبلاج، وأخذت على عاتقها مهمة النهوض في هذا الفن وحاولت أن تجعل له مكاناً مرموقاً بين باقي الفنون، فكانت تعطي الروح الإنسانية للشخصيات المكتوبة على الورق وهو ما يتطلب الكثير من الإبداع.

في وقت سابق لم يكن التلفاز على قدر كبير من الزخم الإنتاجي عند تخرجها، حيث لم يتوافر الإنتاج المشترك أو النصوص القوية أو الكثافة في الأفكار والنوعيات والإنتاجات الضخمة، ولم يشغل الظهور والانتشار والشهرة بال خريجة المسرح، فكانت بعيدة بعض الشيء عن فكرة الوصول إلى النجومية حيث لم يكن ذاك في حيز طموحها وتفكيرها، فكان حبها للمسرح شغلها الشاغل إضافة إلى تحقيق الرضا الذاتي الذي كان يحققه لها المسرح لما فيه من متعة وحرية في التصرفات والأفعال، حيث العمل للتلفاز يحد من حرية الفنان في الأداء وإضفاء بصمته الخاصة.

متعة العمل للأطفال

كان الاعتبار السائد يشير إلى أن الطفل ضعيف ولا يستطيع مواجهة ظروف الحياة ولا بد لنا من تسييره، وكثير ممن هم حوله يسيطرون على مشاعره واهتماماته ويقومون بسحق شخصيته، وهذا أمر خاطئ، فجميعنا كان طفلاً في يوم من الأيام إضافة إلى أنه بداخل كل منا اليوم يسكن طفل بمشاعر بريئة، فتوضح «عندما بدأت أعمل في مسرح الطفل تحسنت نفسيتي ومزاجي العام وطريقة تفكيري وأسلوب تعاملي مع الآخرين ومع الفن، ومن خلال هذا التغير الإيجابي أصبحت أقوى لأن ذلك جعلني إنسانة صادقة مع نفسي ومع الآخرين وواعية للظروف المجتمعية التي تحيط بنا، فنحن قادرون على التخطي وإيجاد الحلول، والطفل لديه عقل متحرر وجاهز والحلول لديه جاهزة أكثر من الناضجين، وبالتالي حالة الإبداع لديه تكون في أوجها، ومن خلال العمل مع الأطفال وجهت رسالة السلام للأطفال والأهل معاً حيث كانت معظم الأعمال التي قدمتها تخص الأهل والطفل معاً، وهو ما يوجد لدينا قناعة تامة بأن اللبنة الأساسية للبناء والتطوير لا بد أن تنطلق من الطفل، ونحن نشاهد ردود أفعال الأهالي والأطفال ممتعة وتخلق شعوراً إيجابياً وجميلاً، وهو ما يخلق لدينا شعور الفخر والفرح».

غياب المهنية والكفاءة

دخول الدوبلاج إلى المنطقة كان سريعاً ومن دون مقدمات ولم يلق الدعم اللازم حيث أغلب من أعرفهم كانوا يعتبرون عملي في الدوبلاج عملاً مشيناً ولا قيمة له، ويعاني فن الدوبلاج اليوم -حسب شيا- كثرة العاملين والدخلاء في هذا الميدان ممن ليسوا أصحاب كفاءة عالية ولا يتمتعون بكل مقومات العمل الفني أو ممن ليسوا من أهل الاختصاص، فلم يتم تقييد العمل لمصلحة الدوبلاج من القائمين عليه أو المعنيين أو فرض معايير معينة للسماح بالعمل في هذا القطاع.

وبطبيعة الحال بات الدوبلاج يفقد جزءاً من المهنية الخاصة به، وغابت حالة الممثل والإحساس والمتابعة الشخصية للعمل، حيث كان سابقاً كل عمل له بصمة خاصة نتيجة الإحساس العالي الذي يؤدي من خلاله الممثلون أدوارهم وهذا ما نفتقده اليوم.

أخلاقيات ثابتة

تؤكد شيا: «حاولنا تقديم بعض الأخلاقيات وطرق التعلم عبر أفلام الرسوم المتحركة بالتوازن، في حين نقدمه نحن بما يتماشى مع الواقع الذي يعيشه الطفل، فحاولنا الإضاءة على الأخلاقيات الثابتة ومنها الصداقة وحب فعل الخير والتشاركية واحترام كبار السن ومد يد العون لهم والطموح والتفكير بالمستقبل وكل ما هو إيجابي، وباقي ما يتعلمه الطفل من بيته وأسرته ومدرسته والحديقة وغير ذلك يبقى مخزوناً وتجارب حياة، فأفلام الكرتون لم تكن المنهل الوحيد الذي يستقي منه الطفل أفكاره وتعاليمه وبناء شخصيته، وإنما ظروف وبيئات عدة اجتمعت فأنشأت هذا الإنسان وساهمت في تكوين أفكاره، فنحن نسعى جاهدين لأن نوصل له المبادئ الأساسية والثابتة بصورة ممتعة وشائقة وفكاهية، ليكون وقعها في نفسه أقوى مما يتلقاه بعيداً عن شاشة التلفاز حيث لا يمكننا بطبيعة الحال إلغاء تأثير العوامل الخارجية».

نجاح محقق

الهاجس كان تقديم رسالة نبيلة للأطفال لتحسين وتطوير هذا الإنسان، ولم يكن شغلها الشاغل أو همها الوحيد إثبات نفسها للإعلام والصحافة، ومما أسهم في استمرارها ونجاحها هو براعتها في هذا المجال وشغفها فيه، فكانت صادقة في عملها وأسهم ذلك في وصولها إلى قلوب المستمعين قبل آذانهم.

عملت في «حكم العدالة» قديماً ولكن ليس لديها فكرة عما يطرح فيه حالياً، ولأنه قريب من الواقع والحياة اليومية البسيطة فقد حقق شهرة كبيرة حيث أوجد لديهم بعض الرضا الداخلي لتحقيق العدل وكشف الحقيقة ولا بد من محاسبة المقصرين أو المذنبين.

أجور غير مرضية

غالباً لا يتحصل الفنان الذي يشارك في بطولة مسلسل إذاعي على أجر مرتفع، عكس النجوم الذين يظهرون في الدراما التلفزيونية

الأجور كانت أفضل سابقاً أما اليوم فهي لا تكفي نهائياً وخصوصاً في ظل الغلاء المتسارع والجنوني، فيغيب التنظيم وتفتقد المهنة للعمل الاحترافي، حيث إن ممثل الدوبلاج عالمياً يتقاضى مردوداً مادياً أفضل بكثير ممن يعملون للتلفزيون، إضافة إلى وجود ما يعرف بالتأمين الصوتي على حين أنه في سورية إذا مرض أحدهم أو تقدم بالعمر فيتم استبداله.

بطاقة تعريفية

بثينة شيا مواليد السويداء وهي خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية

ولها مشاركات عديدة في المسرح منها:

قصة موت معلن، في انتظار غودو، فضيحة في الميناء، حمام شمس النهار، أصوات الأعماق.

وفي الإذاعة

ظواهر مدهشة، حكم العدالة، قصة في تمثيلية.

وفي الدوبلاج والرسوم المتحركة:

كلاوس في الملاذ الأخير، سامي في الرمية الملتهبة، راني في باع الحليب، بوب في داي الشجاع، لؤي في أنا وأختي، ألفريدو في عهد الأصدقاء، جدة فرح في أنا وأختي، آش كيتشام في البوكيمون، يامن في أبطال الديجيتال، رعد في أبطال الديجيتال 1و2، سليم وصدف في أبطال الديجيتال 2، عمر وغريب في الكابتن ماجد، لاحق في سابق ولاحق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن