تمكين الناس من الحصول على الغذاء والاحتياجات الأساسية في الظروف الطبيعية، هو واجب ومسؤولية كبرى تقع على عاتق الحكومات ومن ثم دولها، وهذا أيضاً ينطبق على الأفراد حين يبحثون بشتى الطرق والسبل ويحرصون كل الحرص على توفير لقمة عيشهم وعيش أولادهم، أما في الظروف الاستثنائية وزمن الحروب والكوارث، فهنا تصبح المهام أكثر صعوبة ليس على الإدارات بل على الدول وخططها، ناهيك عن حالة الأسى والعوز والضيق التي ستصيب الفرد مباشرة من خلال صعوبات تواجه حياته ومتطلباته كل يوم وتأثره سيسبق تأثر الكيانات الكبرى.
صورة ما يجري اليوم وما يلف حياة البشر ومجتمعنا متشابهة تماماً لما ذهبنا إليه بالقول آنفاً.. حتى الحكومة في وضع لا يسرها ولا تنفرج أساريرها مطلقاً بسبب حالة عامة هي لم تكن في مجمل مسبباتها، إلا أنه لا يخفى وبعيداً عن أي مجاملة، أن الحكومة لم تحسن الأداء ببعض ما ذهبت إليه من قرارات وبلاغات، بمعنى آخر لم توفق ببعض خطواتها التي صدرت لإيجاد مخارج حلول لبعض الأزمات والنواقص، إلا أنه مع الأسف كانت عبئا ثقيلا على المواطن بارتدادات سلبية عقدت من حال بعض المشكلات وصعبت من إمكانية حلها أو التخفيف من وطأة بعضها!
صحيح أن متطلبات المعيشة صارت لا توصف مطلقاً، حيث الفقر والجوع وسواهما، لكن لم نصل بعد إلى مستويات خطرة جداً، رغم أن المؤشرات توحي أننا ذاهبون وبسرعة للدخول في أتون الفقر الحاد وانتشار الجوع من أوسع أبوابه، مثل انعدام الأمن الغذائي وانتشار المجاعات والأوبئة الناجمة عن اختفاء الخدمات وانهيار منظومة الأخلاق والكفر بكل شيء..! وفق المبدأ أو القول الذي يقول: «الجوع أبو الكفر».
إذاً المؤشرات تلك تلوح بالأفق في حال لم نحرك ساكنا، ونضع سيناريوهات عمل حقيقية، بعيداً عن خطابة الحكومة المعهودة، فالوقت لا يرحم، وقت باب الجوع فيه باتت تتسع مساحته وهنا مكمن الخطورة.. وسورية تنبهت كغيرها من الدول لخطورة مؤشرات تقود إلى مشاكل عالمية وليست محلية في الغذاء وصعوبة تأمينه، وحسب رؤى الحكومة أنها تضع الأمن الغذائي ضمن أهم أولوياتها، وقد رسمت سيناريوهات للعمل وفق أجندتها لتوفير ما يلزم للمواطن، وهنا نقول: هل الوقائع على صعيد تعزيز منظومة الأمن الغذائي متكاملة..؟ الإجابة.. تشير إلى نواقص وصعوبات جمة للحصول على ما يلزم معيشة المواطن ضمن حدود المعقول..!
الخيار اليوم هو كيف نعزز المحافظة على الأمن الغذائي في هذا الجو المتلاطم بالأسعار الجنونية وعدم المقدرة على تأمين المنتجات والسلع والأساسيات..؟ المهمة كبيرة في بلد عانى ويلات حرب وحصار وأحداث عالمية انعكست سلباً عليه، وفي ظل ظروف استثنائية وعلى كل الصعد، حتى المناخ تغير..! أسعار ترتفع وبطالة تزداد وفقر آخذ بالتوسع وبتواتر سريع، وهنا ليست الحكومة وحدها بل أفرادها ومؤسساتها وكل الدولة ملزمة بالتوجه نحو خيارات تخفف قدر الإمكان مما يحصل من جنون عاصف يسود حياة البشر، يجب أن نعمل ونتعب ونظل نحاول ونسعى، لأننا «بدنا نعيش».